Page 114 - merit 51
P. 114

‫انشغلت أغلب نصوص المجموعة‬

                                   ‫الشعرية بكتابة الجسد وفق مفردات‬

                                   ‫الرعب الذاتي‪ ،‬فيتجدد الحديث عن‬

                                   ‫الجسد الذي هو الدليل المادي على‬

                                   ‫الوجود‪ ،‬فـ"الشرط الإنساني جسدي‬

                                   ‫في الأساس" بتعبير لو بروتون؛ فمن‬

                                   ‫الصعب استيعاب الفرد دون تجسيده‪،‬‬

                                   ‫ومن هنا كان الاختفاء أو التلاشي أو‬

        ‫عبد الله بن صديق الغماري‬   ‫التآكل أو الانمساخ أو التحول إلى إشلاء‬
                                    ‫من مفردات "الرعب الذاتي" ومه ِّددات‬
    ‫وقد أسقط العمل به»! وكذلك‬            ‫التجسد التي عبرت‪ ‬عنها‪ ‬الشاعرة‪.‬‬
    ‫الإمام الحسن البصري «إنكم‬
  ‫قد اتخذتم قراءة القرآن مراحل‬        ‫مصدر التشريع الثاني وأحيا ًنا‬      ‫القراءة أفضل من كثرة القراءة‬
‫وجعلتم الليل جم ًل فأنتم تركبونه‬     ‫الأول بدأ مع ابن الصلاح وابن‬      ‫بلا تفهم»‪( .‬التحرير والتنوير ‪/1‬‬
    ‫وتقطعون به مراحل‪ ،‬وإن من‬                                           ‫‪ )29‬وقد أخرج الطبراني عن عبد‬
 ‫كان قبلكم رأوه رسائل من ربهم‬            ‫تيمية وابن حجر‪ ،‬يعني بعد‬      ‫الله بن عمرو أن النبي قال‪« :‬اقرأ‬
‫فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها‬  ‫موت الرسول بـ‪ 600‬عام وموت‬
  ‫بالنهار»‪( .‬مجلة المنار ‪)829 /1‬‬                                           ‫القرآن ما نهاك‪ ،‬فإن لم ينهك‬
     ‫حتى البخاري نفسه لم يكن‬          ‫البخاري بـ‪ 300‬عام‪ ،‬والسبب‬            ‫فلست تقرأه»‪ ،‬وهذا يعني أن‬
    ‫يؤمن أن كلامه تشريع‪ ،‬حيث‬         ‫أن كتب الصحاح والسنن عندما‬          ‫القرآن في عصر تدوين الحديث‬
 ‫نقل عن أبي عبد الرحمن السلمي‬                                           ‫كان هو مصدر التشريع الوحيد‬
   ‫قوله‪« :‬فضل القرآن على سائر‬          ‫ظهرت في القرن ‪3‬هـ لم تأخذ‬            ‫بينما الحديث مجرد اجتهاد‬
   ‫الكلام كفضل الرب على خلقه»‬      ‫قدسيتها فو ًرا‪ ،‬ولكنها ظلت مجرد‬     ‫فقهي‪ ،‬والدلالة في ذلك هي مقولة‬
‫(خلق أفعال العباد ص‪ ،)40‬وقال‬                                            ‫(الفهم أولى للقرآن) مما يدل على‬
    ‫أي ًضا «عن عبادة بن الصامت‬          ‫اجتهاد يؤخذ منه ويرد لعدة‬      ‫أن ثقافة سلف المسلمين كان فيها‬
 ‫سمع النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬        ‫قرون‪ ،‬والدليل ردود المحدثين‬         ‫معيار القراءة بذاته ليس مه ًّما‬
   ‫«سئل أي الأعمال أفضل؟ قال‪:‬‬      ‫على بعضهم مثلما تقدم‪ ،‬وفي هذه‬          ‫ولا ُيقاس به دين وإيمان‪ ،‬ولم‬
     ‫إيمان بالله‪ ،‬وتصديق بكتابه‪،‬‬      ‫الأجواء أي خلال الـ‪ 600‬عام‬        ‫تكن فكرة نسخ القرآن بالحديث‬
‫ويخرج قوم يحقرون أعمالكم مع‬          ‫بقيت آثار حجية العمل بالقرآن‬      ‫ظهرت بعد وإلا استعيض بها عن‬
‫أعمالهم‪ ،‬يقرؤون القرآن لا يجاوز‬      ‫على ما سواه في ضمير الفقهاء‪،‬‬      ‫فهم القرآن بعبارة أخرى هي فهم‬
‫حناجرهم‪ ،‬يمرقون من الدين كما‬          ‫وتأمل قول الصحابي عبد الله‬
 ‫يمرق السهم من الرمية‪ ،‬فبين أن‬      ‫بن مسعود الشهير «أُنزل القرآن‬                             ‫الحديث‪.‬‬
‫قراءة القرآن هي العمل»‪( .‬المصدر‬    ‫ليعملوا به‪ ،‬فاتخذوا دراسته عم ًل‪،‬‬       ‫ثان ًيا‪ :‬العمل بالحديث وجعله‬
                                   ‫إن أحدكم َليقرأ القرآن من فاتحته‬
                                     ‫إلى خاتمته‪ ،‬ما ُيسقط منه حر ًفا‪،‬‬
   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118   119