Page 116 - merit 51
P. 116

‫العـدد ‪51‬‬                         ‫‪114‬‬

                                ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

‫للأحاديث قبل الرجل عاد ًّيا من‬                     ‫‪)342 /26‬‬             ‫ينتبه له الأوائل لجهلهم أول‬
  ‫الناحية العلمية ولا يستدعي‬    ‫تأملوا‪ ،‬ردود الفخر الرازي تثبت‬        ‫شيء بالفلسفة وعلوم النفس‪،‬‬
                                                                   ‫ثانيًا لضعف التواصل الاجتماعي‬
‫التشنيع أو الإثارة والتشغيب‪،‬‬      ‫أن قبول الصحيحين في عصره‬            ‫بشكل يضعف فيه من عمليات‬
                                 ‫لم يكن مألو ًفا‪ ،‬وهو المتوفي عام‬
 ‫وإلا لتراجع الفخر الرازي عن‬      ‫‪606‬هـ‪ ،‬أي قبل بداية وشهرة‬                                ‫التحقق‪.‬‬
                                ‫ابن الصلاح كما قلنا والمتوفي عام‬   ‫ومن الأدلة على أن قدسية الحديث‬
  ‫وصف رواة أحاديث الثلاث‬        ‫‪ 643‬هـ‪ ،‬والمتأمل في هذا العصر‪،‬‬      ‫لم تحدث سوى في عصر الإحياء‬

‫كذبات (بالحشوية)‪ ،‬وهو يعلم‬           ‫أي منذ حياة أصحاب الكتب‬            ‫الثاني المشار إليه منذ القرن‬
                                      ‫التسعة بين القرنين ‪6 – 2‬‬         ‫‪ 7‬هـ أطرح كلمة للإمام فخر‬
    ‫جي ًدا أن الراوي أبو هريرة‬        ‫الهجريين‪ ،‬يرى أن معايير‬          ‫الدين الرازي‪ ،‬وهو يرد واحد‬
        ‫وكافة طبقات السند‬             ‫قبول الحديث لدى الفقهاء‬         ‫من أشهر الأحاديث الصحيحة‬
                                       ‫وحتى المحدثين لم يعرفوا‬       ‫المعتمدة في البخاري بعد كشف‬
                                                                      ‫تعارضه مع القرآن‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
                                   ‫فيها الصحة والضعف لما قلنا‬        ‫«واعلم أن بعض الحشوية روى‬
                                 ‫في بداية المقال إن عصر التدوين‬
                                                                         ‫عن النبي أنه قال‪« :‬ما كذب‬
                                              ‫سبق عصر المنهج‬           ‫إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث‬
                                         ‫والضبط‪ ،‬ويؤرخ عمليًّا‬       ‫كذبات»‪ ،‬فقلت الأولى أن لا نقبل‬
                                                                   ‫مثل هذه الأخبار‪ ،‬فقال على طريق‬
                                           ‫لابن الصلاح بصفته‬           ‫الاستنكار فإن لم نقبله لزمنا‬
                                         ‫أشهر من وضع البذور‬        ‫تكذيب الرواة‪ ،‬فقلت له‪ :‬يا مسكين‬
                                          ‫الأولى للمنهج‪ ،‬لذا كان‬       ‫إن قبلناه لزمنا الحكم بتكذيب‬
                                                                   ‫إبراهيم عليه السلام‪ ،‬وإن رددناه‬
                                              ‫قبول ورد الفقهاء‬          ‫لزمنا الحكم بتكذيب الرواة‪،‬‬
                                                                     ‫ولا شك أن صون إبراهيم عليه‬
                                                                   ‫السلام عن الكذب أولى من صون‬
                                                                     ‫طائفة من المجاهيل عن الكذب»‪.‬‬
                                                                        ‫(التفسير الكبير ‪)443 /18‬‬
                                                                      ‫وقال في موضع آخر‪« ،‬ورووا‬
                                                                     ‫فيه حديثًا عن أنه قال‪« :‬ما كذب‬
                                                                      ‫إبراهيم إلا ثلاث كذبات»‪ ،‬قلت‬
                                                                   ‫لبعضهم هذا الحديث لا ينبغي أن‬
                                                                   ‫يقبل لأن نسبة الكذب إلى إبراهيم‬
                                                                   ‫لا تجوز‪ ،‬فقال ذلك الرجل‪ :‬فكيف‬
                                                                         ‫يحكم بكذب الرواة العدول؟‬
                                                                   ‫فقلت لما وقع التعارض بين نسبة‬
                                                                      ‫الكذب إلى الراوي وبين نسبته‬
                                                                     ‫إلى الخليل عليه السلام كان من‬
                                                                     ‫المعلوم بالضرورة أن نسبته إلى‬
                                                                      ‫الراوي أولى»‪( .‬التفسير الكبير‬
   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120   121