Page 121 - merit 51
P. 121

‫تجديد الخطاب ‪1 1 9‬‬                                                    ‫‪ -٤‬الكذب والتدليس‪:‬‬

                 ‫يحيى حقي‬                   ‫الشيخ الشعراوي‬             ‫يسهل على العقل الرجعي اختلاق‬
                                                                      ‫الأكاذيب والشائعات وترويجها(‪)4‬‬
 ‫حيث تتجسد شدة الانبطاح أمام‬          ‫فاعلية ترياقية ضدها‪ ،‬وكيفية‬
   ‫منقولات ماضي شبه الجزيرة‬                  ‫تخليص الجسم منها‪.‬‬              ‫بما تأسس عليه من مفاهيم‬
  ‫العربية‪ ،‬مهما بلغت من الغرابة‪،‬‬                                          ‫تمكنه من اليقين بدون أساس‬
                                       ‫كلام مرسل‪ ،‬مميز بالسيولة‬           ‫في الواقع‪ ،‬وتفقده القدرة على‬
‫ومهما أثارت من تقزز واشمئزاز‪،‬‬               ‫العقلية وغياب التحديد‬       ‫التساؤل الحر‪ ،‬والنقد‪ ،‬والتفكير‬
    ‫لدرجة إثبات فوائد من تناول‬                 ‫كالنصوص الدينية‪.‬‬         ‫العقلاني والعلمي‪ .‬وقد تراكمت‬
                                                                          ‫في أساسات هذا العقل كميات‬
 ‫المشروب الذي تقع فيه ذبابة بعد‬    ‫العقل القائم على الأكاذيب ينتجها‬    ‫ضخمة من الافتراءات والمبالغات‬
  ‫تغطيسها فيه كما جاء في حديث‬                     ‫ويقبلها بسهولة‪.‬‬
                                                                            ‫والتدليسات‪ ،‬بما يجعل من‬
                       ‫نبوي(‪.)5‬‬          ‫وفي بحث يخفيه متآمرون‬         ‫السهولة والشيوع بمكان اختلاق‬
      ‫ُيف َرض الاقتناع الديني على‬     ‫على الإسلام ثبت تواجد مادة‬      ‫الأكاذيب لتبرير وتمرير ما تقدس‬
       ‫الدراسة قبل البدء فيها ثم‬     ‫السنتوسينون القابضة للرحم‬
       ‫توصف أنها «علمية»‪ ،‬وفي‬       ‫والمساعدة على الولادة في البلح‪،‬‬       ‫من طرق التداوي بهدف تأبيد‬
     ‫الرجعية دور العلم هو تبرير‬     ‫وهذه حكمة الآية الموجهة لمريم‬         ‫ماضي شبه الجزيرة العربية‪،‬‬
‫المنقول الديني وإثبات صحته‪ ،‬على‬     ‫عند ولادة المسيح‪« :‬وهزي إليك‬      ‫وكذلك اختلاق ونشر حكاوي عن‬
  ‫العلم أن يثبت دائ ًما بكل طريقة‬   ‫بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا‬        ‫شفاء شخص باستعمال وسائل‬
 ‫الفائدة العظمى والصواب المطلق‬
     ‫لكل ما ورد دينيًّا‪ ،‬كالحجامة‬                          ‫جنيًا»!‬                   ‫التداوي الرجعية‪.‬‬
     ‫والتمر والعسل بل ولطقوس‬         ‫بل يقدم بعض المنتسبين للعلم‬               ‫وكثير من تلك الأكاذيب‬
   ‫كالصلاة‪ ،‬حتى عادات الرسول‬                                               ‫والتدليسات تقدم عبر نوافذ‬
‫في تناول الطعام‪ ،‬وشرب الماء على‬         ‫من َح َم َلة العقل الرجعي ما‬   ‫الوعي والثقافة التي تهيمن عليها‬
 ‫ثلاث مرات في وضع القرفصاء‪.‬‬        ‫ي َّدعون أنه دراسات علمية لإثبات‬     ‫الرجعية الدينية بما فيها برامج‬
      ‫بل لعل في بعض ما قيل إنه‬                                              ‫التلفزيون والصحف والنت‬
                                      ‫المنقول الديني‪ ،‬كدراسة تثبت‬     ‫وخطب المشايخ‪ ،‬وكثير منها يزعم‬
                                      ‫فوائد شفائية للعسل‪ ،‬والتمر‪،‬‬       ‫الاستناد على أبحاث واكتشافات‬
                                      ‫وحبة البركة‪ ،‬بل ولبول الإبل‬        ‫علمية‪ ،‬كالادعاء بثبوت أفضلية‬
                                                                       ‫النوم على الجانب الأيمن المزعوم‬
                                                                        ‫رجعيًّا تفضيله من الرسول‪ ،‬أو‬
                                                                          ‫خطورة صحية من النوم على‬
                                                                              ‫البطن كما حذر الرسول‪.‬‬
                                                                           ‫وبالمثل أثبتت دراسات علمية‬
                                                                           ‫بجامعات أوروبية وأمريكية‬
                                                                         ‫ويابانية وجود خواص شفائية‬
                                                                        ‫فائقة لماء زمزم‪ ،‬وفوائد صحية‬
                                                                           ‫لممارسات كالختان وطقوس‬
                                                                             ‫كالصيام‪ ،‬دون تعيين تلك‬
                                                                      ‫الجامعات والفوائد‪ ،‬أو ما هي مث ًل‬
                                                                       ‫السموم المزعوم أن لتمر العجوة‬
   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126