Page 126 - merit 51
P. 126

‫العـدد ‪51‬‬                           ‫‪124‬‬

                                    ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

‫الأول الميلادي‪ -‬أن بذورها تؤخذ‬       ‫محكم من أقراص وأشربة وغير‬                    ‫ويستعصي على العلاج‪.‬‬
   ‫لعلاج مجموعة من الأمراض‪،‬‬           ‫ذلك‪ ،‬وقد يصل حساب الجرعة‬
       ‫وكمدر للبول وللحض على‬         ‫إلى المعايرة بالمللي والميكروجرام‪.‬‬    ‫‪ -١٢‬غياب التقنين‪،‬‬
                                                                          ‫وانعدام فهم آلية عمل‬
 ‫الحيض وزيادة د ِّر الحليب‪ .‬وإن‬         ‫ولكل مركب مفيد طبيًّا جرعة‬
    ‫صح هذا ففيه عمومية معبرة‬           ‫علاجية وجرعة سامة وأخرى‬               ‫وسيلة التداوي‪:‬‬
   ‫عن التطور العقلي قدي ًما‪ ،‬لكنها‬      ‫مميتة‪ .‬قد يتوافر مركب طبي‬
                                                                         ‫كما لا تقنين ولا تحديد ولا تمييز‬
 ‫الآن معبرة عن السيولة العقلية‪،‬‬          ‫كالأتروبين طبيعيًّا في بعض‬      ‫في اشتغالات التداوي الرجعي بين‬
      ‫بالافتقار للتحديد والتقنين‬    ‫النباتات؛ ولا تقنين محد ًدا للتعامل‬
                      ‫العلميين‪.‬‬                                            ‫العرض والمرض‪ ،‬فلا تقنين ولا‬
                                      ‫مع أعشاب التداوي الرجعي‪ ،‬قد‬           ‫معرفة مث ًل بالتركيب الدوائي‪،‬‬
   ‫وكثير من الأمراض تزول من‬           ‫ينصح المعالج العشبي بتجفيف‬            ‫وآلية العمل‪ ،‬يقال مث ًل للشيء‬
 ‫نفسها‪ ،‬كنزلات البرد‪ ،‬وقد يبدو‬        ‫العشب وسحقه‪ ،‬أو غليه في الماء‬         ‫الفلاني فائدة في علاج أمراض‬
‫أي شيء تعاطاه المريض كأنه أتى‬           ‫وغير ذلك من الطرق الموروثة‬
  ‫بالشفاء‪ ،‬هذا أي ًضا قد تستثمره‬     ‫نق ًل عن أسلاف الرجعي بطبعه‪،‬‬             ‫الكلى دون تعيين لأي مرض‬
 ‫وسائل التداوي المزعومة رجعيًّا‪،‬‬      ‫فتقل الفائدة أو تنعدم أو تنقلب‬       ‫بالضبط‪ ،‬وما الجرعة بالتحديد؟‬

   ‫كالمنجم أو العراف الذي يطلق‬            ‫ضر ًرا ولو بتجاوز الجرعة‬                           ‫ولأي مدة؟!‬
 ‫نبوءات عديدة قد تصيب إحداها‬                              ‫العلاجية‪.‬‬       ‫وإن وصفت جرعة من مقترحات‬
 ‫بالمصادفة‪ .‬وفي هذا‪ ،‬يخلط العقل‬
‫الرجعي بين السببية ‪causation‬‬          ‫وقد تقضي طريقة التعامل غير‬            ‫التداوي الرجعية فهي بالوايم‪،‬‬
 ‫والترافقية ‪ .correlation‬والمراد‬       ‫العلمية مع عشب ما كغليه على‬          ‫وفي مسألة بلح العجوة فوحدة‬
 ‫من الترافقية تراتب حدوث شيء‬                                               ‫القياس هي البلحة‪ ،‬دون تحديد‬
                                         ‫الفائدة المحتملة له‪ ،‬أو تخطئ‬     ‫لحجمها ونوع البلح‪ ،‬وأما العسل‬
    ‫بعد آخر‪ ،‬أي ترافق أو توافق‬        ‫في معرفة موضع تركيزه بجذر‬          ‫فيبدو أن جرعته باللحسة‪ ،‬وهكذا‬
    ‫حدوثهما م ًعا ف ُيظن أن بينهما‬
   ‫علاقة سببية على غير الحقيقة‪.‬‬         ‫العشب أو ساقه أو أوراقه أو‬             ‫تؤخذ حبة البركة‪ ،‬بالبركة‪.‬‬
                                                            ‫بذوره‪.‬‬        ‫ويرحب الطب الحديث بأي فائدة‬
     ‫‪ -١٤‬التناقض‬                                                         ‫علاجية لأي وسيلة بصرف النظر‬
      ‫والفصامية‪:‬‬                     ‫‪ -١٣‬مصادرة التجربة‬                  ‫عن قدمها أو حداثتها أو مصدرها‬
                                      ‫البشرية والمصادفة‬
     ‫يستعمل بنو رجعية وسائل‬                                                   ‫في إطار التقنين العلمي‪ ،‬دون‬
     ‫الانتقال الحديثة كالسيارات‬          ‫لصالح الدين‪:‬‬                      ‫استهداف التخديم على المنقولات‬
     ‫والطائرات والإنارة الكهربية‬                                          ‫الدينية‪ ،‬كما يفعل العقل الرجعي‪.‬‬
 ‫الحديثة‪ ،‬ولا يستعملون الوسائل‬           ‫كافة سائل التداوي المزعومة‬
 ‫القديمة كالخيل والبغال والحمير‬     ‫رجعيًّا هي نتاج التجربة البشرية‪،‬‬         ‫والمعتاد أن بكل عشب «طبي»‬
                                    ‫ومعروفة من قبل ظهور الإسلام‪،‬‬           ‫عدد كبير من المركبات وتقتصر‬
          ‫والمشاعل إلا اضطرا ًرا‪.‬‬                                         ‫الفائدة المرجوة على بعضها‪ ،‬وفي‬
  ‫وفي التداوي يستعملون وسائل‬             ‫كالخصائص الغذائية للعسل‬
                                                    ‫واللبن والعجوة‪.‬‬           ‫حال استعمال العشب الخام‬
      ‫الطب الحديث‪ ،‬لكنهم بعقل‬                                               ‫بالطرق التقليدية تدخل الجسم‬
    ‫الخرافة‪ ،‬يستعملون الوسائل‬          ‫وإن صح أن في النصح النبوي‬           ‫كل المركبات بلا تنقية‪ ،‬وتقنين‪،‬‬
    ‫الرجعية‪ ،‬واعتقادهم صخري‬              ‫بحبة البركة مث ًل إعجا ًزا فقد‬      ‫ويتداخل ما قد ينفع مع ما لا‬
  ‫في فاعلية الأدعية والأذكار وما‬
    ‫يسمى الرقية الشرعية‪ ،‬بينما‬        ‫استعملها الناس في وقت النبوة‬             ‫ينفع وقد يضر‪ ،‬لكن بالعلم‬
                                            ‫وقبلها‪ ،‬وقد ُعثِر عليها في‬       ‫ُتستخلص المواد الفعالة فقط‪،‬‬
                                                                          ‫و ُتراعي الجرعة العلاجية بتقنين‬
                                          ‫قبر توت عنخ آمون‪ ،‬وأورد‬             ‫طبي دقيق وفي شكل دوائي‬
                                          ‫دستورديرس ‪-‬وهو طبيب‬
                                        ‫إغريقي شهير عاش في القرن‬
   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131