Page 120 - merit 51
P. 120

‫العـدد ‪51‬‬                         ‫‪118‬‬

                                    ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

     ‫رجعيًّا للنبي ممارسات ثبت‬      ‫إعجاز علمي وفلكي وطبي أو غير‬       ‫في ذلك أحوال المرض والشفاء‪ ،‬أن‬
 ‫علميًّا ضررها الصحي كالختان‪،‬‬        ‫ذلك‪ ،‬إلا ألاعيب تأويلية‪ ،‬لعل من‬     ‫المريض من حملة العقل الرجعي‬
                                    ‫أسسها الرؤية الرجعية للآية‪« :‬ما‬
       ‫وذبح الأضاحي في البيوت‬                                          ‫غير تام الالتزام بالتعليمات الطبية‬
  ‫والشوارع‪ ،‬والحجامة التي يقال‬           ‫فرطنا في الكتاب من شيء»‪.‬‬         ‫وغير تام الالتزام كذلك بتناول‬
  ‫إنها صينية الأصل‪ ،‬ولعلها ذات‬           ‫وقد مرض الرسول مثل كل‬              ‫العقاقير الطبية في مواعيدها‬
                                     ‫إنسان أو توعك‪ ،‬وتداوى بما هو‬                     ‫بجرعاتها المقررة‪.‬‬
    ‫صلة بتصورات كانت سائدة‬          ‫متاح في زمانه ومكانه كما يتداوى‬
  ‫قدي ًما عن عناصر الوجود (الماء‬      ‫غيره حتى كفار قريش‪ ،‬لم ينقل‬       ‫‪ -٣‬المزايدة في الاقتداء‬
‫والنار والتراب والهواء)‪ ،‬واعتدال‬    ‫لنا أنه اكتشف أو أضاف شيئًا في‬        ‫بالرسول‪ ،‬وإهدار‬
‫الصحة عند توازن عناصر مقابلة‬                                               ‫تاريخية القرآن‪:‬‬
                                                         ‫هذا المجال‪.‬‬
                     ‫في الجسم‪.‬‬        ‫وككل زعيم أو شيخ قبيلة ُسئل‬        ‫تحت عنوان «الطب النبوي» لملم‬
     ‫ووردت في الحجامة أحاديث‬           ‫النصح في موضوعات مختلفة‬            ‫الخطاب الديني الرجعي شتات‬
  ‫عديدة‪ ،‬ويقصد بها التخلص من‬        ‫حتى المرضية منها وأجاب حسب‬
     ‫بعض الدم عبر تفريغ الهواء‬                                               ‫ما فعله الرسول في التداوي‬
  ‫بـ»كاسات الهوا»‪ ،‬لتسريب الدم‬           ‫عقل المرحلة الحضارية التي‬          ‫أو نصح به‪ ،‬كما تربص بكل‬
     ‫سواء خارج الجسم بجروح‬            ‫كان يعيش فيها‪ ،‬وإمكاناتها‪ .‬لو‬
                                       ‫توافرت له وسائل أكثر فعالية‬            ‫آية قرآنية فيها إشارة ولو‬
       ‫سطحية‪ ،‬أو خارج الأوعية‬       ‫للتداوي لما امتنع عنها‪ ،‬وقد سافر‬      ‫من بعيد عن المرض والتداوي‪.‬‬
   ‫الدموية فيتجمع كنزيف داخلي‬          ‫باستعمال الدواب كالجمال‪ ،‬لو‬         ‫حدث هذا بالمزايدات التأويلية‬
  ‫تحت الجلد مثل الكدمات‪ .‬ويفقد‬         ‫توافرت في زمنه وسيلة أسرع‬
                                       ‫كالسيارة لاستعملها‪ ،‬لو توافر‬           ‫مع آيات قرآنية مثل «وما‬
       ‫الإنسان انتفاعه بالدم فور‬      ‫المعجون وفرشاة الأسنان فلعله‬        ‫ينطق عن الهوى» عن الرسول‪،‬‬
 ‫خروجه من الأوعية الدموية ولو‬       ‫كان يأمر بهما لا بالسواك‪ ،‬كما في‬     ‫و»فيه شفاء للناس» عن العسل‪.‬‬
                                     ‫الحديث‪« :‬لولا أن أشق على أمتى‬         ‫وأحاديث نبوية مثل‪« :‬إن هذه‬
                 ‫بقي في الجسم‪.‬‬      ‫لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة»‪.‬‬        ‫الحبة السوداء شفاء من كل داء‬
      ‫وعلميًّا يدور الدم في جسم‬      ‫وأبت الذهنية الرجعية بصنميتها‬       ‫إلا السام‪ ،‬قيل‪ :‬وما السام؟ قال‬
    ‫الإنسان ‪ ٤٠٠٠‬دورة كل ‪٢٤‬‬         ‫وحرفيتها إلا أن تشق على أتباعها‪،‬‬
‫ساعة‪ ١٦٦٫٧ ،‬مرة في الساعة‪ ،‬أي‬           ‫وتضع كل ما قيل إن الرسول‬                               ‫الموت»‪.‬‬
 ‫حوالي ‪ ٢٫٧‬مرة في الدقيقة‪ ،‬حتى‬        ‫تدواى أو أشاد به كحبة البركة‬         ‫وهناك كتاب لابن القيم ‪-‬أحد‬
‫المخ موضع الفكر «والذكر»‪ ،‬فليس‬         ‫وعاداته وتفضيلاته الشخصية‬          ‫أعلام الرجعية الدينية‪ -‬عنوانه‬
 ‫الدم المفقود بالحجامة فاس ًدا كما‬
   ‫يزعمون‪ .‬وقدي ًما كان التخلص‬             ‫حتى طريقة النوم وشرب‬                        ‫«الطب النبوي»‪.‬‬
 ‫من بعضه سبي ًل لخفض الضغط‬               ‫الماء ضمن الكتالوج الضخم‪،‬‬        ‫وليست هناك كيمياء نبوية ولا‬
  ‫المرتفع مؤقتًا‪ ،‬أما حديثًا فيمكن‬   ‫المستحيل‪ ،‬الواجب على المسلم أن‬        ‫فيزياء ولا جيولوجيا‪ ،‬لو كان‬
     ‫خفض الضغط بعقاقير فعالة‬          ‫يلتزم به لنوال الرضا والقبول‪،‬‬     ‫هناك جانب علمي للمهام النبوية‬
 ‫دون تفريط في الدم قد ينتهي إلى‬         ‫وهذا كله على أساس نصوص‬         ‫لكان أولى بالرسول أن يقدم عل ًما‬
‫الأنيميا بتكرار الاحتجام‪ .‬وارتفاع‬     ‫مثل‪« :‬وما ينطق عن الهوى‪ ،‬إن‬         ‫جدي ًدا‪ ،‬أو اكتشافات تضيف لما‬
‫الضغط مرض مزمن‪ ،‬غير معقول‬            ‫هو إلا وحي يوحى»‪« ،‬وما آتاكم‬        ‫كان معرو ًفا في زمانه خاصة في‬
‫أن يفقد الإنسان بعض الدم مرا ًرا‬      ‫الرسول فخذوه‪ ،‬وما نهاكم عنه‬
‫لخفض الضغط‪ ،‬فيصاب بالأنيميا‪.‬‬                                                           ‫الطب والتداوي‪.‬‬
       ‫هذا ومن مخاطر الحجامة‬                             ‫فانتهوا»(‪.)3‬‬     ‫الأمر نفسه ينطبق على القرآن‪،‬‬
   ‫نشر العدوى الميكروبية خاصة‬              ‫وتشمل النصائح المنسوبة‬         ‫فليس بكتاب لكل شيء‪ ،‬وليس‬
                                                                       ‫كتا ًبا علميًّا في الشكل أو المضمون‪،‬‬
                    ‫الفيروسية‪.‬‬                                             ‫وليس ما يقال فيه رجعيًّا من‬
   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125