Page 119 - merit 51
P. 119

‫‪117‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

  ‫الضار الذي يبلي بالمرض المؤمن‬        ‫أثر التحويجات العشبية نفسي‬      ‫‪ -١‬الزعم بأن العلاجات‬
 ‫ويبتلي غير المؤمن (ويقال رجعيًّا‬    ‫أسا ًسا‪ ،‬وهذا غير مفتقد في عقار‬    ‫القديمة طبيعية خالية‬
‫الكافر)‪ ،‬فلا بد من الخضوع التام‬     ‫الفياجرا الذي تتوقف معظم آثاره‬
                                      ‫الجانبية على طريقة الاستعمال‪،‬‬          ‫من الأضرار‪:‬‬
    ‫لله‪ /‬ذلك الماضي‪ ،‬وما شروط‬
  ‫الواقع‪ ،‬أي الأسباب إلا مبررات‪،‬‬          ‫وهي معروفة عكس مضار‬              ‫يضع العقل الرجعي منقولات‬
                                         ‫استعمال تحويجات مجهولة‬              ‫التداوي بالطرق القديمة في‬
       ‫ك ُحلية للزينة‪ ،‬وإكسسوار‪.‬‬
 ‫هذه الرؤية للسببية كثفها «حجة‬                            ‫المكونات‪.‬‬    ‫موضع الطبيعي مفتر ًضا فاعليتها‬
  ‫الإسلام» الغزالي بكتابه «تهافت‬          ‫والمركبات التي في الأعشاب‬      ‫وانعدام ضررها مقابل علاجات‬
  ‫الفلاسفة» والذي معناه «تهافت‬           ‫هي في النهاية مواد كيماوية‪،‬‬          ‫الطب الحديث التي يضخم‬
                                       ‫ولها أي ًضا آثار جانبية‪ ،‬وكثير‬    ‫آثارها الجانبية‪ ،‬ح ًّطا من قيمتها‬
    ‫أهل العقل»‪ .‬وفي الحديث‪« :‬لا‬           ‫من الأدوية الحديثة عشبي‬
  ‫عدوى ولا طيرة‪ »..‬نفي للعدوى‬                                          ‫باعتبارها كيماويات مصنعة‪ ،‬فيما‬
 ‫كسبب لانتقال الجرب بين الإبل‪.‬‬                           ‫و»طبيعي»‪.‬‬        ‫هو من قبيل الانتصار السلبي‬
 ‫وما دام الله هو الشافي فلا شكر‬          ‫والآثار الجانبية والمضاعفات‬
                                          ‫مدروسة ومعلنة في وسائل‬       ‫لصالح ممارسات التداوي القادمة‬
     ‫ولا حمد إلا له‪ُ ،‬تنزع مشاعر‬                                           ‫من ماضي الصحراء الرجعية‬
   ‫الامتنان من النفس الرجعية(‪،)2‬‬          ‫العلاج الطبية الحديثة التي‬
‫ويض ُعف تقديرها للعقل وثمثله في‬        ‫ُتستعمل بميزان النفع المرتجى‬    ‫محملة على المقدس الديني‪ ،‬كعسل‬
‫العلم والطب والجهات التي وفرت‬           ‫مقابل الضرر المحتمل‪ ،‬والعلم‬      ‫النحل‪ ،‬وحبة البركة‪ ،‬والحجامة‪،‬‬
‫وسائل التشخيص والعلاج‪ ،‬دون‬                                              ‫ضمن اشتغالات الاستعباد لذلك‬
   ‫التفات لمصدر المرض المفترض‬                ‫تراكمي متقدم بالأبحاث‬      ‫الماضي‪ ،‬حيث لم يكن هناك خيار‬
  ‫رجعيًّا أنه الله‪ ،‬حيث يتقبل عبيد‬      ‫والدراسات الممنهجة لتحسين‬      ‫إلا التداوي بتلك الوسائل البدائية‪.‬‬
 ‫الرجعية الدينية الإصابة بالمرض‬
                                             ‫المتاح واكتشاف الجديد‪.‬‬          ‫وفي الانتصار السلبي يمكن‬
    ‫«وكل شر حتى عدم الشفاء»‬         ‫ومن الأعشاب ما هو ضار وسام‪،‬‬         ‫الشعور بالتفوق من خلال إبراز‬
     ‫بالحمد لله الذي لا يحمد على‬                                       ‫عيوب وأخطاء الآخر لا من خلال‬
 ‫مكروه سواه‪ ،‬والمتاجرة بمقولات‬           ‫كالشوكران‪ ،‬والجوز المقيء‪.‬‬
   ‫مثل الابتلاء وتخليص الذنوب‪،‬‬           ‫ولعل واقعة الشاة المسمومة‬                       ‫التميز الذاتي‪.‬‬
  ‫وعند الشفاء فإن شروط الواقع‬        ‫الشهيرة والمزعومة بكتب السيرة‬       ‫ويكاد يكون التقديس الثانوي(‪)1‬‬
   ‫كالطب والأطباء أسباب ثانوية‪،‬‬       ‫قد اس ُتعمل فيها عشب لا تبطل‬      ‫أو ما يشبهه وراء تضخيم العقل‬
                                    ‫سميته سبع بلحات ورد في حديث‬
                   ‫سخرهم الله‪.‬‬       ‫نبوي أن من أكلها في الصباح لم‬         ‫الرجعي للقيمة العلاجية لهذه‬
     ‫وعند الفشل في العلاج تتيح‬                                         ‫الطرق في التداوي بل والاستعلاء‬
  ‫الفصامية المميزة للعقل الرجعي‬                        ‫يمسسه سم‪.‬‬
‫اتهام الطبيب بالتقصير والإهمال‪.‬‬                                                         ‫بكونها طبيعية‪.‬‬
  ‫لأن‪« :‬ما أصابك من حسنة فمن‬          ‫‪ -٢‬نفي السببية عن‬                 ‫ويغيب التفكير العلمي عن العقل‬
   ‫الله وما أصابك من سيئة فمن‬          ‫المرض والشفاء‪:‬‬                    ‫الرجعي الذي هو أساس شيوع‬
    ‫نفسك»‪ ،‬والآية‪« :‬وما بكم من‬                                           ‫التداوي بالوسائل القديمة حتى‬
 ‫نعمة فمن الله»‪ ،‬رغم الآية‪« :‬وإن‬          ‫ضمن نزع الرجعية الدينية‬      ‫الأعشاب التي لم يرد بشأنها نص‬
    ‫تصبهم سيئة يقولوا هذه من‬        ‫الفاعلية عن شروط الواقع لصالح‬
      ‫عندك قل كل من عند الله «‪.‬‬      ‫ما تزعم أنه الله وحقيقته مفاهيم‬                            ‫ديني‪.‬‬
  ‫ومن نتائج اعتبار مشيئة المطلق‬                                            ‫قد ينجلي كثير مما نزعم عند‬
  ‫الرجعي فوق شروط الواقع بما‬          ‫ماضيها المقدس‪ ،‬فإن الله حسب‬
                                         ‫التصور الرجعي ‪-‬يعني ذلك‬              ‫مقارنة وصفات العطارين‬
                                                                       ‫كمقويات جنسية مقابل عقار طبي‬
                                       ‫الماضي‪ -‬هو الشافي المعافي من‬
                                         ‫جميع الأمراض‪ ،‬كما أنه هو‬        ‫حديث كالفياجرا‪ ،‬فارق الفاعلية‬
                                                                            ‫لصالح الفياجرا‪ ،‬خاصة وأن‬
   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124