Page 86 - merit 51
P. 86
العـدد 51 84
مارس ٢٠٢3
-ما تلك الصرخة إ ًذا. تحمس جون وأخذ يحكي لها أنه يحب البلاد
-إنها تستمني Masturbating الدافئة وأن لديه ابنة تعيش في نيوزيلاند يزورها
لم تفهم معناها ،فقاموس كلماتها الإنجليزية بالكاد من حين لآخر ليستمتع بدفء مناخها .وأنه بعد
يفي بمتطلبات حياتها اليومية من مأكل وملبس وفاة زوجته وشعوره بالوحدة هنا بات يفكر جد ًّيا
ودفع إيجار الغرفة وتذكرة مواصلات ،وما تقرأه بالانتقال والعيش فيها بشكل دائم .وفجأة صمت
في مناهجها الدراسية ،لم تتطور لغتها بعد لتفي ووقعت عيناه على حفرة كبيرة في حوض الزرع
باحتياجاتها الجسدية .بكل سذاجة قالت له: تحت السور الخشبي الذي يفصل حديقة المنزل عن
-آسفة يا جون لم أفهم معناها ،هل يمكنك أن
حديقة الجيران.
تشرح لي معناها؟ -هل تعلمين ما سبب هذه الحفرة.
ضحك وازداد احمرار وجهه وقال لها بكلام
-لا.
صريح وهو يخفض عينيه هذه المرة: كيف تعرف وهي لم تعش فيما سبق بمنازل
-أنثى الثعلب تصرخ أثناء ممارستها الجنس مشابهة لهذه المنازل اللندنية القديمة ،وحتى الآن
لم تعتد على غرفها الصغيرة ولا على حدائقها
بمفردها. وزهورها وحشراتها وذباباتها الكبيرة الزرقاء
واستدار وذهب باتجاه باب المنزل وهي تلحقه دون وفئرانها وجرذانها ،ولا تخرج أسا ًسا إلى الحديقة،
أن تستوعب بعد جوابه .فتح الباب وقبل أن يخرج بل تلقي عليها نظرة من شباك غرفتها لتستمتع
بمنظر زهور اللافندر والورود بألوانها المتعددة في
استدار نحوها وقال لها مود ًعا: الصباح وهي تشرب قهوتها العربية وتستمع إلى
-سآتي غ ًدا ومعي المصيدة.
أغاني فيروز وتتخيل نفسها في دمشق.
قبَّلها على إحدى وجنتيها ومضى تار ًكا إياها في -إنها أنثى الثعلب.
حيرة ودهشة وارتباك وهي تفكر إن كانت تلك
القبلة بريئة وعادية في هذه البلاد أي من عاداتهم! نظرت إليه باستغراب ،فليس لديها أي فكرة عن
الفرق بين الثعلب الذكر وأنثاه .كل معرفتها عن
أم أن لها معنى آخر. الثعلب أنه مكار كما قرأت في قصص الأطفال عندما
في المساء بحثت رويدا في جوجل عن صفات الثعلب
كانت طفلة .سألته باستهجان:
واكتشفت أن الثعلب أنثى كان أم ذك ًرا يصرخ -أنثى الثعلب؟!
كي يجذب شريكه .وأن أنثى الثعلب تصرخ أثناء
ممارستها الجنس بمفردها .أما ذكر الثعلب فيصرخ -نعم أنثى الثعلب.
كي يسيطر على موقعه ويحذر منافسيه المحتملين تذكرت فجأة ذلك الصوت الغامض الذي تصحو
عليه منذ فترة قريبة كل ليلة .صوت أنين يصاحبه
من ش ِّره ،أو كي يحمي أولاده من الحيوانات
المفترسة التي تبتعد ما إن تسمع صراخه. صرخة حادة عالية.
أجابته وكأنها قد حلت ذلك اللغز:
أقفلت اللابتوب وفكرت قلي ًل بكلامه وتعجبت ،لماذا
لم يذكر جون أمامها إلا أنثى الثعلب .وما أدراه أنها -إ ًذا هي التي تأكل الطيور.
سألها جون باستغراب:
أنثى؟ ألا يمكن أن يكون الثعلب ذك ًرا يصرخ كي -طيور؟
يجذب شريكته؟ أو يحمي أولاده .وفهمت أنه كان
يقصدها .وأن مكر الرجال واحد أيا كان موطنهم. -نعم ..أنا أسمع صوت أنين الطيور وصراخها كل
ليلة.
انفجر جون بالضحك وأخذت عيناه الزرقاوان
الباردتان تلتمعان بشدة ،ثم صوب نظره إلى عينيها
البنيتين الدافئتين حتى كادتا تخترقانها وقال لها:
-لا شأن للطيور بتلك الصرخة.