Page 84 - merit 51
P. 84

‫العـدد ‪51‬‬                          ‫‪82‬‬

                                                                ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

‫رولا عبيد‬

‫(سوريا)‬

‫أنثى الثعلب‬

    ‫أو الفحم لإشعاله قد سدت واستبدلت بالتدفئة‬                ‫لم يكن قد مضى على استقرار رويدا في لندن‬
  ‫المركزية‪ .‬لذلك كان من الصعب إنقاذ أي طير يقع‬              ‫إلا بضعة أشهر عندما استيقظت ذات يوم على‬
                                                            ‫صوت حركة عنيفة صادرة من الصندرة فوق‬
                                          ‫فيها‪.‬‬            ‫غرفتها‪ .‬كانت تستأجر غرفة في منزل قديم على‬
      ‫ولكن الحركة التي سمعتها رويدا اليوم ليس‬             ‫طراز «إيدوارديان» مؤلف من طابقين وله سقف‬
    ‫لها علاقة بحركة رفرفة أجنحة طير فهي أقرب‬             ‫قرميدي‪ .‬وكان ذلك الفراغ بين السطح القرميدي‬
    ‫إلى صوت جري حيوان‪ ..‬كالجرذ مث ًل‪ ..‬وما إن‬              ‫وسقف غرفتها ويدعى الصندرة يستخدم عاد ًة‬
     ‫خطر في بالها ذلك حتى انتابها الذعر والخوف‬          ‫كمخزن وأحيا ًنا يوضع فيه مواد عازلة كي يحتفظ‬
   ‫وسرت قشعريرة في جسدها‪ .‬فالجرذان في هذه‬                  ‫المنزل بحرارة التدفئة المركزية‪ .‬ومنذ أن سكنت‬
     ‫المدينة كثيرة ومنتشرة إلى أبعد حد خاصة في‬            ‫رويدا في هذا المنزل وأشياء غريبة تحدث فيه لم‬
    ‫المنازل القديمة‪ ،‬فهي تعشش في جدرانها وتحت‬          ‫تسمع عنها في حياتها عندما كانت تعيش في شقتها‬
  ‫أرضياتها الخشبية‪ .‬ورأت رويدا الفأرة بأم عينها‬             ‫في دمشق قبل أن تنتقل لاستكمال دراستها في‬
     ‫في المطبخ تجري من مكان في الركن وتختبىء‬
    ‫وراء الثلاجة‪ ،‬كان لونها رماد ًّيا غام ًقا وشعرت‬                 ‫السياسة والاقتصاد في جامعة لندن‪.‬‬
‫بالتقزز منها‪ ،‬خرجت من المطبخ على الفور واتصلت‬          ‫فذات يوم استيقظت رويدا على حركة غريبة صادرة‬
‫بالمكتب العقاري‪ ،‬طمأنها الموظف وأرسل لها خبي ًرا‬
  ‫بمكافحة الفئران من بلدية الحي‪ ،‬وزع أطباقا من‬            ‫من الحائط وراء سريرها‪ .‬حركة عنيفة استمرت‬
 ‫السموم في كل زوايا المطبخ وكل ركن مخفي فيها‪،‬‬               ‫لبضع دقائق أقلقتها فاتصلت بالمكتب العقاري‬
     ‫تحت الحوض ووراء الثلاجة وتحت الخزائن‪.‬‬
    ‫وعندما سألته عن سبب تلك الكمية الكبيرة من‬           ‫الذي استأجرت منه الغرفة وقال لها إن ما سمعته‬
   ‫السموم لقتل فأرة شرح لها أن ما تراه هو فأرة‬           ‫هو على الأغلب حركة رفرفة جناحي طير وقع في‬
      ‫واحدة‪ ،‬ولكن في الحقيقة هناك مئات الفئران‬
    ‫المختبئة تحت أرضية المنزل الخشبية وجدرانه‪.‬‬                            ‫المدخنة ويحاول الخروج منها‪.‬‬
  ‫وعندما تشم رائحة السم ستنجذب وتأكل وتعود‬                                               ‫وسألته بذعر‪:‬‬
  ‫إلى مخابئها لتموت‪ .‬ورغم كل هذا السم وكل تلك‬                                           ‫‪ -‬وهل خرج؟‬
‫الطمأنة من خبير الفئران إلا أن رويدا بقيت اسبو ًعا‬
 ‫كام ًل لا تدخل المطبخ خو ًفا من الفأرة وقر ًفا منها‪.‬‬             ‫‪ -‬ربما تمكن من الخروج أو وقع فيها‪.‬‬
                                                                                        ‫وأجابته بحزن‪:‬‬

                                                                           ‫‪ -‬أليس هناك طريقة لإنقاذه؟‬
                                                                                    ‫‪ -‬للأسف لا يوجد‪.‬‬

                                                          ‫كانت فتحة المدفأة التي كان يوضع فيها الحطب‬
   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89