Page 88 - merit 51
P. 88

‫العـدد ‪51‬‬  ‫‪86‬‬

                                                    ‫مارس ‪٢٠٢3‬‬

‫سحر الجمال‬

‫وجدت الشتاء‬

  ‫حتى أن عصافيري التي اعتادت المبيت في قفصها‬           ‫كل يوم أبحث عن الشتاء بين المارة في الشوارع‪،‬‬
       ‫على أرجوحتها وخارج عشها‪ ،‬وجدتها اليوم‬           ‫أجد الناس قد ارتدوا الملابس الثقيله‪ ،‬أما أنا فلم‬
                                                        ‫ارت ِدها‪ ،‬حتى أنني هممت لدولاب ملابسي لعل‬
  ‫آوت إليه‪ ،‬بل إن زقزقات استيقاظها إيذا ًنا بحلول‬
       ‫الصباح تأخرت‪ ،‬مما جعلني أهم بالإطمئنان‬               ‫الشتاء يأتي إذا ارتديت له ملابسي الثقيلة!‬
                                                       ‫بخار الأفواه الساخن يتصاعد مع شهيق وزفير‬
  ‫عليها لتقول لي إنها تستمتع بالدفء في العش‪ ،‬بل‬       ‫المارة في الشوارع‪ ،‬حتى أن أنوف بعضهم اعتلتها‬
        ‫وتستعد لموسم تزاوج في هذا المناخ البارد‪.‬‬     ‫الحمرة من هول الصقيع‪ ،‬ولكني بحثت عنها كثي ًرا‬

  ‫هرير قطتي المستجدي كل مساء وهي تتمسح في‬                                                 ‫ولم أجده‪.‬‬
‫قدمي تطلب الدفء‪ ،‬يخبرني بأن الشتاء حل‪ ،‬لكنني‬           ‫بدأ العام الدراسي‪ ،‬قمت بإخراج الأغطية الثقيله‬
                                                       ‫حيث إننا كنا نلتحف بها عند بدايته‪ ،‬واستدعيت‬
                             ‫عندما أتلفت لا اراه‪.‬‬      ‫صقيع أصابعي وأطراف أقدامي وأذن َّي‪ ،‬لكني لم‬
       ‫كل ما هو حولي ينبئ بأن الشتاء قد حضر‪.‬‬
       ‫الليل أصبح طوي ًل وثقي ًل لا يريد أن ينتهي‪،‬‬                                      ‫أجد الشتاء‪.‬‬
  ‫والسماء متشحة بالغيوم وملبدة بالسحاب‪ ،‬نهار‬         ‫مر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر‪ ،‬وها نحن في يناير‪،‬‬
‫قصير وشوارع وحيدة في الليل ومستوحشة فارغة‬           ‫أصوات أجراس الكنائس تعلو إيذا ًنا واحتفا ًل باعياد‬
    ‫من المارة‪ ،‬تجلب لي الاختناق والاكتئاب‪ ،‬ورواد‬     ‫الميلاد‪ ،‬سانتا كلوز بملابسه الشتوية الثقيلة يوزع‬
   ‫المقاهي القليلون يختبئون في أقاصيه‪ ،‬مغمغمون‬
      ‫بالتلفيعات الثقيلة‪ ،‬وعربات بيع البطاطا تطلق‬                        ‫هدايا رأس السنة على المارة‪.‬‬
       ‫دخانها الكثيف‪ ،‬كلها علامات وجود الشتاء‪.‬‬                                   ‫وأنا لم أجد الشتاء!‬
‫في النهار تنحنى رؤوس نبتات الحدائق وهي تتوقع‬
      ‫هطو ًل قريبًا للأمطار‪ ،‬وها هي الأمطار تهطل‬       ‫كل مساء أبحث عنه في غرفتي وفي سريري ولا‬
                                                                                              ‫أجده‪.‬‬
   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92   93