Page 93 - merit 51
P. 93

‫نون النسوة ‪9 1‬‬

‫كما ورد لدى هيرودوت‪ -‬الذي يقوم بحرق نفسه‬                                                           ‫المزاوجة بين البشري والمقدس‪ ،‬بين الأنثى والإله‪،‬‬
‫ليعود منبعثًا من جديد من رماده‪:‬‬                                                                        ‫باعتبارهما أصل الوجود والواهبين الأساسين‬
 ‫الآ َن وقد احترق ُت‪ /‬ست ُكون قيامتي من ال َّرما ِد‪/‬‬                                                      ‫للحياة الإنسانية عبر فعلي الخلق والولادة‪:‬‬
    ‫زهرة تن ُب ُت من بط ِن الأر ِض الخ ِر َبة‪ /.‬ولاد ٌة‬                                                 ‫تق ُف الأمها ُت ص ًّفا واح ًدا‪ /‬أرحا ُم ُهن مف ُتوح ٌة‬

‫جديد ٌة‪ /..‬من منَّا تأتيه الفرص ُة لأن ُيول َد مرتي ْن؟‬                                             ‫لاستردا ِد الأبدي ِة‪ /‬هبت ُهن إلى العالم‪ /.‬ك ٌّل ُمستع ٌّد‬
‫وفي السياق نفسه‪ ،‬تطالعنا قصيدة «قيامتي كزهور‬                                                      ‫لأ ْن يأ ُخ َذ ما أعطى‪ /‬حتَّى يفر َغ العال ُم من س َّكانه‪/.‬‬

‫العباد» التي تزاوج بين القيامة والخلق الجديد‪ ،‬لكن‬                                                                       ‫عندها فقط‪ ..‬تنتهي القيامة‪.‬‬
                                                                                                       ‫إلا أن قصيدة «أولد مرتين» يمكن ع َّدها ال َمعبر‬
‫هذه المرة تأتي قيامة الجسد في هيئة زهرة عباد‬                                                            ‫الأول عن المعنى الذي تقصده الشاعرة والتي‬
                                                                                                  ‫تفضي بدلالاتها على المناخ العام للمجموعة الشعرية‬
‫تتفتح مع ميلاد الشمس‪:‬‬                                                                                ‫كاملة؛ حيث القوة التدميرية المتمثلة في «القيامة»‬
  ‫ُروحانا إلى ال َّسماء؟‪ /‬ك ُّل‬                                                                         ‫وما يتبعها من تطهير وخلق جديد‪ ،‬من خلال‬
‫كال َع َلق‪ /.‬حتى عينيك‪ /.‬هل‬      ‫فق ْل لي‪ :‬لماذا لم تص َع ْد‬                                         ‫استدعاء أسطورة طائر العنقاء ‪-‬أو طائر الفينيق‬
                                 ‫شي ٍء هنا يمت ُّص د ِمي‬
‫بإمكانك أن تص ِّل لي؟‪ /‬اد ُع لي‪ ،‬لأف َنى‪ /..‬لأتو َّح َد‬
‫افلي َّاشلْم ََّضسوفِءي‪ُ /‬كلتِّل ُكلو َحنظقٍةيا‪/‬متِحيتىكزتأُهتوينِِريالا َعلبَّاس ِدكي‪/‬نأةت‪.‬ب ُع‬
‫لعل المداخل التأويلية للجهاز العنواني للمجموعة‬

‫الشعرية‪ ،‬وقراءة المصاحبات النصية المتمثلة في‬

‫بعض العنواين الداخلية للمجموعة‪ ،‬أشارت إلى‬

‫أهمية الجسد‪ ،‬سواء بمعنى قيامة الجسد وبعثه‬

‫من جديد‪ ،‬أو باستدعاء معناه المطروح بالخطاب‬

‫النسوي الخاص بسؤال الأمومة والولادة‪ ،‬في‬

‫تشييد المتخيل الشعري في الديوان‪ ،‬بجانب اعتماد‬
‫خطاب البوح الذي عمل على صوغ الذات وكثَّف من‬

                                 ‫حضورها‪.‬‬

‫ويمكن أن نشير إلى ارتباط الكتابة النسائية‬

‫بشكل عام بخطاب البوح والاعتراف؛ أو ما يسمى‬

‫‪-‬رغم اعتراض البعض‪ -‬بالكتابة الوجدانية‪،‬‬

‫والتي نسميها بالكتابة من‬

‫الداخل‪ ،‬وهي نوع من الكتابة‬

‫المشغولة بهاجس الذاتية‬

‫والمتصلة بسرد تفاصيل‬
‫الحياة اليومية‪ .‬وتواص ًل مع‬

‫مضامين الخطاب الشعري‬

‫وآلياته‪ ،‬جاءت نصوص‬

‫«كأنها القيامة» لتؤكد انشغال‬

‫الشاعرة بسؤال الأمومة‬
‫باعتباره معاد ًل موضوعيًّا‬
‫للخلق‪.‬‬

‫فقد ظل موضوع الأمومة‬

‫وتبعاتها محل نقاش الدرس‬
   88   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98