Page 94 - merit 51
P. 94
دافيد لوبروتون انشغلت أغلب نصوص المجموعة
الشعرية بكتابة الجسد وفق
وهو ما يعرف في الدرس النسوي بمفهوم مفردات الرعب الذاتي ،فيتجدد
التناقض الأمومي الذي يعني معاناة
الحديث عن الجسد الذي هو الدليل
التناقض ،والاختلاف القاتل بين الاستياء المادي على الوجود ،فـ"الشرط
المرير ،وبين دوامة التوتر التي لا تنتهي الإنساني جسدي في الأساس"
وحتمية هذا الحب المب َّطن بالمعاناة .وفي قصيدة
بتعبير لو بروتون؛ فمن الصعب
«أتذوق طعمي» تجاور الشاعرة بين مستويات: استيعاب الفرد دون تجسيده،
الأمومة والجنس والخلق ،التي لا يمكن التفرقة
بينها ويتم عرضها في النص الشعري بوصفها ومن هنا كان الاختفاء أو التلاشي
أو التآكل أو الانمساخ أو التحول
وحدة واحدة ،وتكمن قوة القول الشعري هنا إلى إشلاء من مفردات "الرعب
في محاولة زعزعة البديهيات بخصوص مفهوم الذاتي" ومه ِّددات التجسد التي
الأمومة في ثقافة المجتمع عبر ثنائية الأم الجيدة/ عبرت عنها الشاعرة.
الأم الشهوانية ،والميلاد البيولوجي /الميلاد النسوي ،وأحد مآزق النسوية التي ترى أن مطلبها
الرمزي: الأساسي هو المساواة بين الرجل والمرأة ،والتي
أطلق ُت اس ًما على ُك ِّل ُن ْطف ٍة أجهض ُتها /نثر ُتها في تشجع المرأة على تقبل الاختلاف عن معيار الذكورة
ُترب ٍة مالح ٍة /ترك ُتها للطبيع ِةُ /بذو َر خ ْل ٍق /نزفت بد ًل من التقليل من شأنه أو تشويهه ،وتنظر إلى
وتفتَّقتُ /ز ُهو ًرا وو ْر ًدا /.هي ثم ُر الب ْط ِن /.ت ُقو ُل/:
الأمر بوصفه لا يتعدى الخبرة الفردية لمجموعة من
«في الغ ِد أقط ُف منها وأتذ َّو ُق طع ِمي». النساء.
وتجدر الإشارة إلى اهتمام الخطاب الشعري
بتوظيف الجسد بوصفه الوجود المادي الحقيقي وقد انشغلت الشاعرة بسؤال الأمومة في أكثر من
للإنسان؛ ويتحدد الجسد موضو ًعا للكتابة عبر موضع ،وعبرت عن خوفها من التورط في هذا
كتابة الألم المصاحبة لتجربة المخاض /الولادة/
الخلق .وقد جاءت كتابة الألم بوصفها عملية من الفعل في قصيدة «لا أريد لرحمي أن تتورط في
عمليات الإلهاء عن تبعاته -بتعبير لو بروتون- الخلق» ،وجاء خطابها مرتب ًطا بالمحددات التي
وضعها النسق الثقافي في خطابه الخاص بمثالية
الأمومة ومقوماتها وكيفية ممارستها ،كما ارتبط
كذلك بالفجوة الواضحة بين ما ترغب الأم في
تحقيقه وما يفرضه الواقع من معوقات قد تحول
دون ذلك:
أخ َشى م َن الأ ُموم ِة /كما تخ َشى على نفسها منِّي/.
أحبا ٌل ُسر َّي ٌة كثير ٌة تلك التي قطع ُت /كي أحاف َظ على
وحدتي في العالم /.لا أري ُد أذيا ًل لخيبتِي /لا أري ُد
لرحمي أن تتو َّر َط في الخ ْلق /كما تتو َّرط الآلهة.