Page 99 - merit 51
P. 99
نون النسوة 9 7 تنهش لحم وجهه /تاركات عظام الفك ظاهرة
للعيان .ص.11
وكل همسة فقد وموت :شيء ف َّي تي َّبس كعضو
ضامر /.أبحث في جسدي عن الغرغرينا /ولا ثم تعرج الذات على أصل آخر هو الأب وتعطيه
أجد ما أبترهُ /ك ِّل محتقن بالدماء /كل خلية نفس المصير الدموي ،أن يتمزق لحمه ثم يتلاشى
تتعفن على حدة /أح ُّس وجعها ،ص .15فيرجع بعي ًدا في بطن قطة :أما الأب /فقد أكلته قطتي في
بهذا الجنين الميت لأصله البعيد كعضو من أعضاء العشاء /.الآن وحدي في غرفة الطعام /يتدلى
الجسد ،يتيبس وتضيع الحياة منه فجأة ،ويترك
مني حبل ُس ِّري /يتطوح كبندول ساعة بين
مكانه ألمًا جبَّا ًرا رغم اختفائه كجزء ملموس.. ساق َّي .ص.19
الجسد ساعتها يكون أشبه بالمقبرة التي لا تجمع
وفي القلب من كل هذه الدماء التي تسببت بها
إلا أجزاء متعفنة ولا تنثر إلا رائحة الفناء ..إن خطيئة الجد ثم الأب في بعث وخلق وإيجاد الذات
هذا الحمل ليس بشارة بالحياة بل هو أزيز الموت
في الحقيقة ،هو عملية ولادة حدثت لكن من دون لتتعذب هكذا وتعاني ،يبرز نوع آخر من القهر
شرطها الرئيس والوحيد :المولود ،إنه حبل خلاص متعلق بالأم التي هي مقابل لنسل ال َجد ،وكأن
كل هذا العنف مع شخص الجد ثم الأب ،مستحق
كتب عليه أن يظل مكتو ًما ومدفو ًنا في النفس، كذلك مع أشباهه الأقرب للبطلة ،مع الأم ،ولكن لأن
وهكذا تعود الذات من رحلتها الطويلة في الزمن تعذيب الأم للذات يأخذ شك ًل آخر يبتعد عن العنف
النفسي ،بعد تعميد الفشل في نثر أشباهها في هذه الجسدي المباشر ،يكون الجزاء هو الهروب أو
التلاشي فقط ،لهذا تلجأ لفعل الإخفاء لأفعالها ،وهو
الحياة :موت أشبه بالمخاض /لكن من دون أمر يظل في حالة التضاد مع قيم التفاهم والحرية
رضي ٍع باك /من دون مشيمة وحبل ُس ِّري/ وربما الحب المفترض مع رمز الأم ،وبالتالي يكون
خلاصي حملته في بطني /كمن ابتلعت نفسها. أقرب للاتهام والإدانة والرفض :ما أقلقني أنني
ص .16لكن هذه الذات ما زالت تملك بعض النبض، كنت هناك /أراقب جدي يؤكل /قبل أن أخبئ
فتقرر أن تنتصر على لعبة الفناء بصنع خلود جسده من أمي في الخزانة /خشية أن تعنفني.
ذي أشكال متعددة ،إنها لا تريد أن ينتهي الأمر
ببساطة ،لهذا تجاهد لتصنع امتدادات للتجربة تطيل ص.12
عمرها وتحمل لها وجو ًدا مختل ًفا وجدي ًدا ومتجد ًدا، هذه الأجنة التي ماتت قبل أن تدب فيها الحياة
ولو حتى إلى جوارها فقط :آلام وضع /جسد يعيدها الفن في هيئة هررة صغيرة تقوم بالنهش
يتلوى /.أضع جنيني المشو َّه في المزهرية/ والأكل ،وعندما تنتهي عملية ابتلاع الجد ربما
ومعه ملعقة سكر وبعض الماء /حت ينبت ترجع الهررة للموت ومعها هذا النسل بأكمله الذي
ويزهر .ص.18 وقع في فخاخ القسوة وأوقعنا فيها.
إن الذات تبدأ القيامة بنفسها هي ثم تنهيها بكل إن الأنوثة ترى تجربة الحمل ثم موت الأجنة من
الإناث ،تجسدها داخلها ثم تنقلها لكل الأمهات وجهها الذي رفده الألم والفقد بنا ٍر مزلزلة ،والذي
الشبيهات بحالها ليقفن م ًعا ويعدن صياغة الحياة
من زاوية ما جرى لهن وشعرن بنيرانه تكوي يتماهى مع الوجود من حيث صيرورة الموت
جوف كل واحدة منهن ..إن الألم والقسوة وتجربة والحياة ،فما بالنا والأمر كان أقرب ل ِش ْبه الحياة،
الميلاد المكتنز بالموت يكافئون بداية الوجود ثم
للنقص وعدم الاكتمال ،للوعد وليس للتحقق؟
نهايته وقيامته ،والبشر ما هم إلا أجنة غير بالطبع يظل أكثر قسوة وح َّدة ،وكأن الحكاية
مكتملة الحياة لأننا سنوت حت ًما وتقوم قيامتنا كانت هبة وهدية قدرية تم سحبها بعد تهيؤ
بعد فرصة حياة محكوم عليها سل ًفا بالفناء :في الروح لاستقبالها وتف ُّتح المسام في انتظار أريجها..
منامي /اعتد ُت أن أرى أجساد َم ْو َتى تطرح وتصرح الكتابة بجم ٍل قد لا يصلح معها أي مجاز
ثما ًرا /ناضجة جاهزة للقضم .ص .13لا تبصر غليظ ،قاسية وقاطعة وناجحة في تبيان الألم
الذات دائ ًما إلا الموتى الذين يستقرون في حديقة الهائل ،وكذلك رسم خريطة مفصلة لكل تفصيلة