Page 85 - merit 51
P. 85

‫‪83‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                                        ‫أجابها‪:‬‬      ‫باتت كلما مرت من أمام المطبخ تنظر إلى الأرض‬
‫‪ -‬يجب التخلص منه حتى لا يتكاثر وينتشر فيأكل‬            ‫تتفحصها علَّها تجد فأرة أخرى‪ ،‬إلى أن أيقنت‬
                                                      ‫من اختفائها‪ .‬لكنها تسمع من حين لآخر بعض‬
                       ‫الخشب مما يضر بالمبنى‪.‬‬
‫في المساء أرسل إليها عام ًل متخص ًصا في التخلص‬       ‫الطقطقات وراء الثلاجة وتعرف أن فأرة تختبئ‬
                                                      ‫وراءها‪ ،‬وكي تضمن أنها لن تخرج من مخبئها‬
     ‫من السناجب‪ .‬كان في منتصف السيتينات من‬         ‫أثناء وجودها في المطبخ كانت تشعل إضاءة المطبخ‬
 ‫عمره‪ .‬متوسط القامة‪ .‬مكتنز الجسد‪ .‬كرشه يتدلى‬       ‫وتنتظر قلي ًل حتى تتأكد من أن الأرض خالية لها‪،‬‬
                                                     ‫ثم تضرب الأرض بقوة بقدمها حتى تخيفها فلا‬
     ‫أمامه‪ .‬ويميل على إحدى ساقيه‪ .‬أصلع‪ ،‬وجهه‬          ‫تخرج من وراء الثلاجة‪ ،‬مع الوقت تحولت تلك‬
   ‫دائري ممتلىء وشديد الاحمرار‪ ،‬عيناه زرقاوان‬          ‫الحركة إلى عادة وكأنها تستأذنها قبل دخولها‬
                                                   ‫المطبخ كما يستأذن الرجل في الشام أهل منزله إذا‬
      ‫صغيرتان تبدوان كخرزتين صغيرتين كتلك‬           ‫جاءه ضيف فيصرخ «دستور»‪ ،‬فتهرع النساء إلى‬
  ‫الخرزات الزرقاء التي تشبك مع مصحف صغير‬             ‫غرفها كما تهرع الفئران‪ .‬بعد مدة اعتادت رويدا‬
                                                     ‫على وجود الفئران في المطبخ‪ ،‬وطالما أنها لا تراها‬
      ‫على صدر الرضيع كي تخزي عين الحسود‪.‬‬              ‫فتعتبرها غير موجودة‪ .‬كانت تجلس عند طاولة‬
   ‫بعد أن تفحص السقف القرميدي لواجهة المنزل‬        ‫المطبخ كي تستمتع بأشعة الشمس وهي تعمل على‬
    ‫الأمامية استأذنها في الدخول إلى حديقة المنزل‬    ‫اللابتوب إلى أن تبدأ بسماع طقطقة وراء الثلاجة‬
‫الخلفية كي يستكمل البحث عن أي فتحات محتملة‪.‬‬         ‫فتعرف أن الفأرة تنبهها بأن وقتها قد أوشك على‬
   ‫حمل سلمه وتبعها إلى الحديقة‪ ،‬أسنده إلى جدار‬      ‫الانتهاء‪ .‬فتحمل اللابتوب وتخرج من المطبخ وهي‬
 ‫المنزل وتسلقه حتى وصل إلى سقف القرميد‪ .‬بعد‬
 ‫قليل نزل من وأخبرها أن هناك فتحة بالفعل‪ .‬ولا‬                 ‫تدعي على الفأرة «يعدملي ياكي إلهي»‪.‬‬
   ‫بد أن السنجاب قد دخل منها‪ ،‬وأنه سيأتي غ ًدا‬      ‫أما الجرذ فكانت رويدا تخاف منه كثي ًرا لأنه كان‬
   ‫ومعه عدته كي يسد الفتحة ثم يضع مصيدة في‬         ‫كبير الحجم‪ .‬وسمعت في الإعلام أنه يهاجم الناس‬
‫الصندرة عبارة عن قفص فيه بندق‪ ،‬الطعام المحبب‬         ‫في منازلهم وهم نيام ويعضهم‪ ،‬وأن هذه العضة‬
‫للسناجب‪ .‬وما إن يدخل السنجاب إلى المصيدة كي‬
                                                      ‫تسبب أمرا ًضا خطيرة منها الطاعون والتيفوس‬
             ‫يتناول البندق حتى يقفل بابها عليه‪.‬‬    ‫وغيرها من الأمراض القاتلة‪ .‬ولا يوجد حتى اليوم‬
                                        ‫سألته‪:‬‬
                                                       ‫طريقة للتخلص منها فيما عدا السموم التي في‬
                 ‫‪ -‬وكم ستستغرق هذه العملية؟‬           ‫أحيان كثيرة لا تجدي نف ًعا‪ .‬وعندما بثت رويدا‬
   ‫‪ -‬ستبقى المصيدة لمدة أسبوع ثم آتي لأرى إن‬         ‫مخاوفها للخبير طمأنها بعدم وجود جرذان لأن‬
                                                  ‫مخلفات الجرذ كبيرة الحجم وهو لم ير إلا مخلفات‬
                                ‫نجحت العملية‪.‬‬
                               ‫‪ -‬وإن لم تنجح؟‬                          ‫الفئران عندما فحص المنزل‪.‬‬
                 ‫‪ -‬سأترك المصيدة أسبو ًعا آخر‪.‬‬    ‫خو ًفا من أن يكون ما سمعته في الصندرة هو حركة‬
  ‫يبدو أنه لاحظ من طريقة كلامها وتلعثمها باللغة‬   ‫جرذ اتصلت رويدا على الفور بالمكتب العقاري‪ ،‬قال‬
     ‫الإنجليزية وذعرها من السناجب أنها غريبة‪،‬‬     ‫لها أحد الموظفين إن هذه الحركة سببها على الأغلب‬
                             ‫فسألها عن اسمها‪:‬‬
                                                       ‫سنجاب‪ ،‬لا بد أنه دخل عبر فتحة ما في سقف‬
                                     ‫‪ -‬رويدا‪.‬‬      ‫المنزل القرميدي‪ .‬فغالبًا ما تدخل السناجب بالخطأ‬
  ‫‪ -‬نظرت إليه وسألته بدورها عن اسمه‪ .‬وأجابها‬        ‫في سقوف المنازل عندما يأتي الربيع‪ ،‬وتخرج من‬

                                       ‫مبتسما‪:‬‬                           ‫مخابئها تبحث عن الطعام‪.‬‬
                                       ‫‪ -‬جون‪.‬‬                                        ‫سألته رويدا‪:‬‬
‫ثم سألها السؤال المعتاد الذي تتعرض له من حين‬                                          ‫‪ -‬ما العمل؟‬
                              ‫لآخر أينما ذهبت‪:‬‬
                            ‫‪ -‬من أي بلد جئت؟‬
                                     ‫‪ -‬سوريا‪.‬‬
   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89   90