Page 138 - merit 54
P. 138
ول ْم تسفر هذه التظاهرة -رغم العـدد 54 136
البكاء والعويل والدعاء -عن أية
نتيجة تذكر ،ولكنها كانت تنفي ًسا يونيو ٢٠٢3 هذا الحكم القاسي غريبًا على
عن الغيظ والحقد تجاه سياسات محمد علي ،فقد كان لا يريد أدني
الدولة الحديثة ،ويتأسف الجبرتي للديوان»( ،)53أما أوقاف السلاطين
والأمراء السابقين فلم تتعرض معارضة من أ ِّي شخص ،حتى
على ذلك بقوله «وما علموا أن لانتهاكات كبيرة ،نظ ًرا لأن ولو كان ُمقر ًبا من السلطة ذاتها.
البساط قد انطوى وكل قد ضل حججها مثبته ،وفرضت عليها بيد أ َّن الأسباب التي قدمها محمد
وأضل وغوى»( ،)59هكذا انتهي الضرائب كباقي الأراضي(.)54
الأمر -بشكل درامي -كما قرره وخلال هذين العامين -1813 علي للاستيلاء علي الأوقاف؛ ل ْم
،1814استطاع محمد علي أ ْن تكن مقنعة للغاية لدى أصحاب
الباشا. يستولي على كل أراضي البلاد
وبمرور الوقت أصبح من بما فيها الأوقاف الخيرية هذه الأراضي ،لذلك قاوموه
المستحيل التمييز بين ما كان والأهلية( ،)55وأ ْن يفرض عليها بشدة .فذ َّكرهم بأن إيرادات هذه
للمماليك أ ْو الأوقاف أ ْو للفلاحين، الضرائب ،وأ ْن يلغي كافة
ول ْم يحتفظ بصفة الوقف إ َّل الامتيازات المادية التي حظيت الأوقاف تستخدم لشن الحرب
للأملاك المبنية والحدائق ،ولم بها الأراضي التابعة للمساجد، في الحجاز ضد الوهابيين ،وأ َّن
يتعرض لها ،وبذلك سيطر محمد وللمؤسسات الدينية الأخرى،
علي ع َل كل أراضي الرزق في تص ُّرف الدولة فيها يجب أ ْن
مثل الكتاتيب ،والمدارس ،و ُمنحت يكون له الأولوية في استخدامها
مصر(.)60 للأشخاص المتحالفين مع
في غير ذلك من الأغراض
رؤية ضبابية لبعض الباشا( ،)56وعلى أثر ذلك تقدم الدينية( .)51ولم تدع هذه السياسة
زعماء الشعب المشايخ بقليل من الاحتجاجات للملتزمين ولمن كانوا يستفيدون
الفاترة ثم انسحبوا في صمت
وعلي الرغم من «تعسف» محمد ُمطبق( .)57ولا يخلو هذا الأمر من من عائدات أراضي الرزق
علي في فرض الضرائب على دلالة ُمهمة ،وهي قوة وازدياد الإحباسية ،سوى اختيار ضئيل
الأوقاف ،إ َّل أ َّن الآمال كانت قبضة الدولة وقمعها ،أ ْو إقناع بين مغادرة الصعيد أو البقاء فيه
معقودة على إلغائها في نفس كمزارعين ،وبالرغم من ذلك فقد
سياستها لدي الرعية بالقوة. استمرت الاحتجاجات حتى عام
ثورة أخرى ضد الباشا .)52(1815
وفي مساحة 1813م ،أخذت
وفي فبراير 1814أعلن الكتخدا(*) الحكومة ما ظهر من الزيادة في
بأمر من محمد علي أثناء غيابه عن أطيان الرزق ،وفي أبريل ومايو
مصر ،أ َّن الأراضي الزراعية كلها سنة 1814تم تسجيل كل أراضي
الرزق الإحباسية باسم أصحابها
أصبحت مل ًكا للباشا ،أ ْي ملكية أ ْو الذين يقومون بزراعتها
حق الانتفاع(.)58 في كل القطر المصري ،بعد أن
أعيدت إلى مساحتها الأصلية،
ويبدو أن هذا الإعلان أحدث دو ًّيا كما (صودرت) مساحات كبيرة
هائ ًل بين مختلف المستفيدين عجز أصحابها عن تقديم الأدلة
بهذه الأراضي ،حتى النساء الكافية على حيازتها ،بعد أ ْن
الملتزمات -اللاتي لهن أراضي وضعت في طريقهم العراقيل
خلال عملية فحص مستنداتها،
تخضع لنظام الالتزام -حضرن أ َّما الذين استطاعوا إثبات
إلى الجامع الأزهر «وصرخوا في حيازتهم فقد تقررت لهم فوايظ
وجوه الفقهاء وأبطلوا الدروس مدي الحياة« ،يعادل نصف مال
تاجرها والنصف الثاني الباقي
وبددوا محافظهم وأوراقهم»،