Page 137 - merit 54
P. 137
135 تجديد الخطاب
عمر مكرم علي باشا مبارك عام ًرا أطلقت له ما يكفيه وزيادة؛
والمسجد يكفيه مؤذن واحد
المعارض لقرارات الدولة بعض الأحيان.
أ َّما موقف محمد علي من الرزق وأجرته نصفان وإمام مثل ذلك،
كانت سياسية الدولة تجاه المرصدة على أعمال البر وإطعام وأما فرشه وأسراجه فإني أرتب
معارضيها بخصوص الاستيلاء الفقراء والضيفان ،فقد أص َّر على له راتبًا من الديوان في كل سنة»،
على الأوقاف ،إما النفي أ ْو القتل، ولم ين ُج الوجه القبلي بصف ٍة عامة
فعندما عارض «أحمد أغا لاظ» حصول الديوان على ريع تلك
حاكم قنا ونواحيها إبراهيم باشا الأوقاف(- )48الأرزاق -كما رفض من أعمال العنف التي قام بها
حينما كان يستولي على الأراضي إبراهيم باشا حتى «أنزل بأهل
الموقوفة ،وأخذ «يمانعه التعدي إبراهيم باشا شفاعة العلماء في الصعيد الذل والهوان فخربت
على أطيان الناس وأرزاق الأوقاف هذا الشأن؛ ورأي أ ْن يشتروا
والمساجد ويحل ويعقد إبراماته»، دور الجميع»(.)44
لم يطق إبراهيم باشا ذر ًعا بهذا ما يأكلون بدراهم من أكياسهم؛ ومما يسترعي الانتباه؛ أنه بعد أن
أو يغلقون أبوابهم ويستقلون كانت هناك فئات اجتماعية يؤول
الأسلوب فاغتاظ غي ًظا شدي ًدا إليها ريع الرزق ،أصبحت الدولة
وأخذ «يرسل إلى أبيه بالأخبار بأنفسهم وعيالهم؛ ويقتصدون في هي المنتفعة الوحيدة به؛ مما سبب
فيحقد عليه» ،حتى تم استدعاؤه معايشهم فيعتادون على ذلك ،ولا
إلى القلعة ،وبإشارة من محمد علي أضرا ًرا لهذه الفئات (الإمام،
تم قتله في 27رمضان 1227هـ/ يلجؤون إلى التبذير والإسراف المؤذن ،الخطيب ،المدرس ،المُرقي،
4أكتوبر1812م «ونزلوا به إلى لأن الديوان أحق منهم بهذه الفراش ،البواب ،)..وربما خفف
الأموال( ،)49هكذا كانت رؤية
تحت سلم الركوب ..وأداروا من ِح َّدة هذا الضرر ما حرص
كتفه ورموا رقبته»( ،)50ليكون محمد علي تجاه كل ما له علاقة عليه الواقفون في هذا العصر ،من
ضحية معارضة الباشا ،ول ْم يكن بالأموال ،حتى وإن وصل الأمر إعطاء مرتبات جزيلة -في بعض
باستغلال الأموال الموقوفة على
النواحي الإنسانية والاجتماعية! الأحيان -لهذه الفئات تضمنتها
كثير من حجج الوقف آنذاك(.)45
السياسة القمعية تجاه ويبدو أ َّن سياسة إبراهيم باشا ل ْم
تكن متشددة علي طول الخط تجاه
المساجد ،وأنه كان يبادر بإصلاح
المتخرب منها في حال تقديم طلب
بشأنها( .)46ومن جانب آخر كان
محمد علي يحث الناس ويقول:
«كل من كان عنده جامع أو
سبيل أو زاوية تعرضوا أمرهم
إلى حضرة ولدنا ..يعطي الكفاية
بالقانون»( .)47من هنا يظهر جليًا
أ َّن موقف الدولة الحديثة من
الاستيلاء على الأوقاف ،لم يكن
بدافع السيطرة بقدر ما كان
من أجل تنظيم هذه الأراضي،
حتى تعم الفائدة ك ًّل من الدولة
ومؤسسات الوقف ،وإن كنا نرى
أن الدولة كانت (شحيحة) في