Page 136 - merit 54
P. 136

‫أصحاب الرزق وحضر الكثير‬             ‫بعد عودة الباشا من الحجاز في ‪23‬‬
       ‫منهم يستغيثون بالمشايخ‪،‬‬       ‫يونية ‪ ،1815‬انتشرت الشائعات بين‬
                                    ‫العامة وغيرهم‪" :‬بأنه تاب عن الظلم‪..‬‬
   ‫فركبوا إلى الباشا وتكلموا معه‬
  ‫في شأن ذلك‪ ،‬وقالوا هذا يترتب‬              ‫وأنه نذر على نفسه أنه إذا رجع‬
  ‫عليه خراب المساجد؛ فقال وأين‬          ‫منصوًرا واستولى على الحجاز‪ ،‬أفرج‬
  ‫المساجد العامرة؟ الذي لم ير َض‬       ‫للناس عن حصصهم ورد الأرزاق إلى‬
‫بذلك يرفع يده‪ ،‬وأنا أعمر المساجد‬      ‫أهلها‪ ..‬وزادوا على هذه الإشاعة أنه‬
                                       ‫فعل ذلك في البلاد القبلية‪ ،‬ورد كل‬
    ‫المتخربة وأرتب لها ما يكفيها‪،‬‬      ‫شيء إلى أصله‪ ،‬فل َّما علم محمد علي‬
 ‫ولم يفد كلامهم فائدة فنزلوا إلى‬    ‫بشأنها أمر بضربهم وطردهم ففعلوا‬
  ‫بيوتهم»(‪ .)41‬وبالتالي لم يزد رد‬
 ‫فعل العلماء عن مجرد الاحتجاج‪،‬‬                               ‫ورجعوا خائبين!‬
  ‫مبعث ذلك كما أورده الجبرتي‪:‬‬
                                     ‫إلى القلق السياسي الذي عاشته‬        ‫ب ْل الأمر الأكثر خطورة أ َّن هذه‬
     ‫«ما أشيع عن ما قرره محمد‬       ‫البلاد في أواخر العصر العثماني‪،‬‬    ‫الأراضي كانت تدار بمعرفة نظار‪،‬‬
 ‫علي من تعويض مقابل مصادرة‬
                                       ‫ومع بداية القرن التاسع عشر‬        ‫ل ْم تكن لديهم بوجه عام اهتمام‬
    ‫أراضي الرزق‪ ،‬يزيد عما كان‬       ‫أصبح هذا القطاع عرضه لمفاسد‬        ‫باستثمار جزء من الإيرادات‪ ،‬طالما‬
  ‫يحصل عليه أصحاب الرزق من‬
  ‫مزارعيها»‪ ،‬أ َّما رد فعل أصحاب‬       ‫عديدة‪ ،‬فكثير من الناس كانوا‬        ‫أنهم كانوا يحصلون علي نسبة‬
  ‫الالتزامات فيبدو أنه كان أعنف‬     ‫يضعون أيديهم علي أراضي رزق‬               ‫مئوية من صافي الدخل(‪.)37‬‬
   ‫من ذلك‪ ،‬عندما أعلن محمد علي‬
  ‫مصادرة أراضي الالتزام‪ ،‬يقول‬        ‫وأوقاف دون أ ْن يكون لهم حق‬        ‫كما أن أراضي الأوقاف ل ْم تحقق‬
  ‫الجبرتي‪« :‬فلما أشيع ذلك ضج‬            ‫قانوني‪ ،‬يضاف إلى ذلك أنهم‬          ‫للدولة أ َّي دخل‪ ،‬إ ْذ إنها كانت‬

     ‫الناس وكثر اللغط واجتمعوا‬       ‫كثي ًرا ما كانوا يحولون العائدات‬    ‫معفاة من الضرائب حتى أوائل‬
   ‫على المشايخ‪ ،‬لكن بعد أخذ ورد‬        ‫عن مخصصاتها الأصلية(‪،)40‬‬             ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬وبالتالي‬
   ‫اتفقوا على أن يكتبوا عرضحال‬
                                    ‫وتجمعت كل هذه الأسباب لتكون‬           ‫ُقيِّمت بأسعار زهيدة؛ مما أدى‬
                    ‫للباشا»(‪.)42‬‬    ‫داف ًعا لمحمد علي بأن يفرض عليها‬     ‫إلى نقص كبير في الإيرادات من‬

‫إبراهيم باشا يسير على‬                  ‫الضرائب‪ ،‬ثم سلخ إدارتها من‬                          ‫الزراعة(‪.)38‬‬
      ‫ُخطى والده‬                    ‫المشايخ واستولى عليها ليكون له‬       ‫وفي ربيع الأول سنة ‪1227‬هـ‪/‬‬
                                                                         ‫‪1812‬م‪ ،‬وصلت مساحة الأطيان‬
 ‫جدير بالذكر؛ أ َّن محمد علي كلف‬                            ‫دخلها‪.‬‬
  ‫ابنه إبراهيم باشا ليقوم بضبط‬           ‫ويفهم من كلام الجبرتي أن‬           ‫الموقوفة على المساجد‪ ،‬والبر‪،‬‬
                                       ‫رد الفعل تجاه الإجراءات التي‬           ‫والصدقة بالصعيد ومصر‬
    ‫هذه الأراضي مع غيرها‪ ،‬ولم‬        ‫قام بها محمد علي كان عني ًفا في‬         ‫(‪ )600‬ألف فدان(‪ ،)39‬ولع َّل‬
    ‫يكن أقل تشد ًدا من والده مع‬       ‫بعض الأماكن‪ ،‬يقول‪« :‬فضجت‬
   ‫العلماء والمشايخ(‪« ،)43‬فإذا قيل‬                                      ‫السبب في زيادة الأوقاف؛ يرجع‬
  ‫له هذا على مسجد يقول كشفت‬
    ‫على المساجد فوجدتها خراب‪،‬‬
    ‫والنظار عليها يأكلون الإيراد‬
‫ويكفيهم أني أسامحهم فيما أكلوه‬
‫في السنين الماضية‪ ،‬والذي وجدته‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141