Page 7 - merit 54
P. 7

‫افتتاحية ‪5‬‬

                       ‫أنواع الكائنات الحية تنشأ‬                                                                                               ‫‪ .)20‬لكن ذريته بعد ذلك جاءت عن طريق‬
                                                                                                                                               ‫التزاوج بين الذكر والأنثى‪ ،‬ومراحل تكون‬
                       ‫وتتطور من خلال عملية‬                                                                                                   ‫الجنين كما جاءت في القرآن‪« :‬أكفرت بالذي‬

                       ‫الانتقاء الطبيعي للطفرات‬                                                                                                   ‫خلقك من ترا ٍب ث َّم من نطف ٍة ث َّم س َّواك‬
                                                                                                                                                 ‫رج ًل» (الكهف‪“ ،)37 :‬فإ َّنا خلقناكم من‬
            ‫الموروثة‪ ،‬التي تزيد من قدرة‬                                                                                                           ‫تمراض ٍبغ ٍةث َّمممخلَّنق ٍنةطوف ٍغةيثر َّمممخنلَّق ٍعةللقن ٍةبيثن َّملمكمن‬
                                                                                                                                             ‫ونق َّر في الأرحام ما نشاء إلى أج ٍل مس ًّمى ث َّم‬
                       ‫الفرد على المنافسة والبقاء‬                                                                                              ‫نخرجكم طف ًل‪( ”..‬الحج‪« ،)5 :‬ولقد خلقنا‬
                                                                                                                                             ‫الإنسان من سلال ٍة من طي ٍن‪ ،‬ث َّم جعلناه نطف ًة‬
                       ‫على قيد الحياة والتكاثر”‪.‬‬                                                                                              ‫في قرا ٍر مكي ٍن‪ ،‬ث َّم خلقنا ال ُّنطفة علق ًة فخلقنا‬
                                                                                                                                              ‫العلقة مضغ ًة فخلقنا المضغة عظا ًما فكسونا‬
                       ‫وهو ما سنأتي له لاح ًقا‪.‬‬                                                                                                 ‫العظام لح ًما ث َّم أنشأناه خل ًقا آخر فتبارك‬
                                                                                                                                                ‫الله أحسن الخالقين” (المؤمنون‪،13 ،12 :‬‬
                       ‫بل إن الإنسان ‪-‬حسب‬                                                                                                     ‫‪ .)14‬وهناك آيات عديدة تقول المعنى نفسه‪.‬‬
                       ‫السردية الإسلامية‪ُ -‬خلِ َق‬                                                                                              ‫النقطة الثالثة ‪-‬والمهمة‪ -‬في سردية خلق‬
               ‫كبي ًرا حجمه عظي ًما شأنه‬                                                                                                         ‫الإنسان في القرآن‪ ،‬أن الله خلق آدم على‬
            ‫مديد العمر‪ ،‬ثم أخذ يتضاءل‪،‬‬
                                                                                                                                                    ‫أحسن صورة‪ ،‬بمعنى أنه كان إنسا ًنا‬
                       ‫كما يبين ذلك من الأحاديث‬                                                                                                 ‫مكتم ًل لا نقص فيه‪“ :‬لقد خلق َنا الإِن َسا َن‬

                       ‫المنسوية إلى النبي‪ .‬فقد ورد‬                                                                                                ‫في أح َس ِن َت ْق ِوي ٍم” (التين‪ ،)4 :‬وجاء في‬
                                                                                                                                               ‫تفسير القرطبي عن هذه الآية‪“ :‬في أحسن‬
                       ‫في مسند أحمد (‪:)10913‬‬
                                                                                                                                                 ‫تقويم‪ ،‬وهو اعتداله واستواء شبابه‪ ،‬كذا‬
‫“حدثنا روح‪ ،‬حدثنا حماد بن سلمة‪ ،‬عن‬                                                                                                             ‫قال عامة المفسرين‪ .‬وهو أحسن ما يكون؛‬
                                                                                                                                              ‫لأنه خلق كل شيء منكبًّا على وجهه‪ ،‬وخلقه‬
‫علي بن زيد‪ ،‬عن سعيد بن المسيب‪ ،‬عن أبي‬                                                                                                          ‫هو مستو ًيا‪ ،‬وله لسان ذلق ]يقصد طلي ًقا[‪،‬‬
                                                                                                                                               ‫ويد وأصابع يقبض بها‪ .‬وقال أبو بكر بن‬
‫هريرة أن رسول الله (ص) قال‪ :‬كان طول‬
                                                                                                                                                 ‫طاهر‪ :‬مز َّينًا بالعقل‪ ،‬مؤد ًيا للأمر‪ ،‬مهد ًّيا‬
‫آدم ستين ذرا ًعا في سبع أذرع عر ًضا”‪.‬‬                                                                                                         ‫بالتمييز‪ ،‬مديد القامة يتناول مأكوله بيده”‪.‬‬
‫وفي الصحيح الجامع للبخاري (‪)6227‬‬
                                                                                                                                                 ‫ابن العربي‪“ :‬ليس لله تعالى خلق أحسن‬
‫جاء‪« :‬حدثنا يحيى بن جعفر‪ ،‬حدثنا عبد‬                                                                                                           ‫من الإنسان‪ ،‬فإن الله خلقه حيًّا عالمًا‪ ،‬قاد ًرا‬
                                                                                                                                              ‫مري ًدا متكل ًما‪ ،‬سمي ًعا بصي ًرا‪ ،‬مدب ًرا حكي ًما‪.‬‬
‫الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة‪،‬‬
‫عن النبي (ص) قال‪ :‬خلق الل ُه آد َم على‬                                                                                                            ‫وهذه صفات الرب سبحانه‪ ،‬وعنها عبر‬
‫ُصور ِته‪ ،‬و ُطو ُله س ُّتو َن ذرا ًعا‪ُ ،‬ثم قال‪:‬‬                                                                                                ‫بعض العلماء”‪ .‬إذن‪ ،‬فالآية‪ ،‬وآيات أخرى‪،‬‬
‫‪-‬وهم نف ٌر من‬          ‫أولئ َك النَّف ِر‬  ‫االمذلها ِئْبك ِةَف ُسجلِّلُمو ٌعسلى‪-‬‬                                                                 ‫والتفاسير والأحاديث النبوية‪ ،‬كلها تشير‬
‫يح ُّيو َنك؛ فإ َّنها‬  ‫فاستم ْع ما‬                                                                                                             ‫إلى خلق آدم مكتم ًل منتصب القامة‪ ،‬عكس‬
‫تحيَّ ُت َك و َتحي ُة ُذ ِّر َّيتِ َك‪ ،‬ف َذه َب فقال‪ :‬ال َّسلا ُم‬                                                                                ‫ما يقول عالم الطبيعة الإنجليزي تشارلز‬
‫فعع َللزايى ُدكمو‪ُ ،‬هصوف(قراو ِةُلَروآاح‪:‬د َمما ُةلفاَّيسلللهِا ُط)ُموفِلعُكلهيُّل َكِ َسم ُّتونور َي َندحمِذخ ُة ُرلاالاًعللاهِ‪،،‬جنفَةل ْم‬     ‫داروين (‪- )1882 -1809‬وآخرون‪ -‬في‬
‫َتز ْل ال َخ ْل ُق َتن ُق ُص بع َده حتى الآ َن”‪ .‬وأخرجه‬                                                                                       ‫كتابه “أصل الأنواع» من أن الإنسان تطور‬
            ‫مسلم (‪ )2841‬باختلاف يسير‪.‬‬                                                                                                           ‫من سلالات أقل اكتما ًل‪ ،‬حيث إ َّن “جميع‬

‫والسردية الإسلامية ‪-‬كذلك‪ -‬فيها تبرير‬

‫لاختلاف بني آدم في اللون‪ :‬الأبيض‬

‫والأسود والأصفر‪ ..‬إلخ‪ ،‬بل والاختلاف في‬

‫الطباع الموروثة (ما عرفنا أنه جينات بعد‬

‫ذلك)‪ ،‬ففي سنن أبي داود‪ ،‬باب في القدر‪:‬‬

‫“ح َّدث َنا ُمس َّد ٌد‪ ،‬أ َّن يزيد بن ُز َر ْي ٍع‪ ،‬ويح َيى‬
‫بن سعي ٍد‪ ،‬ح َّد َثا ُه ْم قالا‪ ،‬ح َّد َث َنا عو ٌف‪ ،‬قال‬

   ‫ح َّد َث َنا َق َسا َمة بن زهي ٍر‪ ،‬قال ح َّد َث َنا أبو‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12