Page 9 - merit 54
P. 9

‫افتتاحية ‪7‬‬

                                              ‫جس ًدا من‬    ‫فكان‬   ‫َأتكب ْر أنا عنه‪ ،‬فخل َقه بش ًرا‪،‬‬
                                                ‫الجمع ِة‪،‬‬  ‫يو ِم‬  ‫طي ٍن أربعي َن سن ًة من مقدا ِر‬
                                              ‫فم َّر ْت به الملائك ُة فف ِزعوا منه لما َر َأوه‪،‬‬
                                              ‫وكان أش َّدهم فز ًعا منه إبلي ُس (لاحظ أن‬
                                              ‫إبليس من الملائكة!)‪ ،‬فكان يم ُّر به فيضر ُبه‪،‬‬
                                              ‫ف ُي َص ِّو ُت الجس ُد كما ُي َص ِّو ُت ال َف َّخا ُر وتكون‬
                                               ‫له َصلصل ٌة‪ ”..‬وتفاصيل التفاصيل التي لا‬
                                              ‫دليل عليها! وكلها حسب التصور البشري‬

                                                                  ‫لحياة الملائكة في الجنة‪.‬‬

                                              ‫أي ًضا فإن هذه المرويات لم تتحدث عن‬
                                              ‫(جسد) حواء الطيني وكيف تعاملت معه‬

                                              ‫الملائكة والجان‪ ،‬فالرأي السائد يقول إن‬

                                              ‫الله حين فرغ من تصوير آدم خلق حواء‬

                                              ‫من ضلعه‪ ،‬أي أنه أخذ قطعة طين من بناء‬

                                              ‫آدم وص َّور منها حواء «هو الذي خلقكم من‬
                                              ‫نفس واحدة وجعل منها زوجها» (الأعراف‪:‬‬
‫ديفيد ريك‬   ‫تشارلز داروين‬
                                              ‫‪ ،)289‬لكن بعض المحدثين يعتقدون «أن‬

‫عباس‪ ،‬عن النبي (ص) قال‪« :‬أخذ الله الميثاق‬     ‫معنى هذه العبارة هو أن ح َّواء وآدم ينتميان‬
   ‫من ظهر آدم بنعمان ]يعني عرفة[ فأخرج‬             ‫إلى نو ٍع واحد‪ ،‬وهناك تماث ٌل بينهما في‬

 ‫من صلبه كل ذرية ذرأها‪ ،‬فنثرهم بين يديه‬       ‫الوجود” (د‪.‬أمير خواص‪ ،‬مركز البحوث‬
  ‫كالذر‪ ،‬ثم كلمهم فت ًل فقال‪] :‬ألست بربكم؟‬
‫قالوا بلى شهدنا أن تقولوا‪ ..‬الآية إلى ما فعل‬  ‫المعاصرة في بيروت)‪ ،‬والمقصود بعبارة “‬
  ‫المبطلون[“ وهو نص الحديث الذي أخرجه‬
‫أحمد (‪ ،)2455‬والنسائي في السنن الكبرى‬         ‫من نفس واحدة” أي خلقها بنفس الطريقة‬
   ‫(‪ ،)11191‬والحاكم (‪ )75‬باختلاف يسير‪.‬‬        ‫أو من نفس المادة‪ ،‬وليس شر ًطا أن يكون‬
   ‫وهذا يعني أنني وأنك التقينا الله في بداية‬
   ‫الخلق‪ ،‬وأشه ْدنا أنه الله خالق الخلق‪ ،‬وقد‬  ‫«منها» بمعنى اقتطاع جزء من الجسد «خلق‬

               ‫شهدنا ‪-‬أنت وأنا‪ -‬له بذلك!‬      ‫ح َّواء من جنس آدم‪ ،‬وليس من َج َسد آدم”‪.‬‬
   ‫أما كيف أخرج الله ذرية آدم جمي ًعا ‪-‬من‬     ‫وحسب ما جاء في القرآن والأحاديث‬
  ‫الساعة إلى الساعة‪ -‬وعرضهم عليه‪ ،‬وأخذ‬
  ‫منهم الميثاق‪ ،‬فثمة اختلافات في الأحاديث‪،‬‬    ‫النبوية ‪-‬كذلك‪ -‬فإن الله استحضر بني‬
    ‫فقد «قال الترمذي‪ :‬حدثنا عبد بن حميد‪،‬‬
  ‫حدثنا أبو نعيم‪ ،‬حدثنا هشام بن سعد‪ ،‬عن‬       ‫آدم جمي ًعا‪ ،‬منذ بداية الخلق حتى منتهاه‪،‬‬
‫زيد بن أسلم‪ ،‬عن أبي صالح‪ ،‬عن أبي هريرة‬        ‫وعرضهم على آدم جمي ًعا‪ ،‬ثم أشهدهم أنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله (ص)‪“ :‬لما خلق الله آدم‬     ‫الله خالق الخلق‪ ،‬حتى إذا ُعرضوا عليه يوم‬
‫مسح ظهره‪ ،‬فسقط من ظهره كل نسمة هو‬             ‫القيامة لا يقول قائل منهم إنه لم يعرف‪ ،‬في‬
‫خالقها من ذريته إلى يوم القيامة‪ ،‬وجعل بين‬
  ‫عيني كل إنسان منهم وبي ًصا من نور‪ ،‬ثم‬       ‫تفسير آية‪“ :‬وإذ أخذ ر ُّبك من بني آدم من‬
                                              ‫ظهورهم ذر َّيتهم وأشهدهم على أنفسهم‬
                                              ‫ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم‬

                                              ‫القيامة إ َّنا كنَّا عن هذا غافلين” (الأعراف‪:‬‬

                                              ‫‪)172‬؛ جاء في الطبري‪ :11915« :‬حدثني‬

                                              ‫أحمد بن محمد الطوسي‪ ،‬قال‪ :‬ثنا الحسين‬

                                              ‫بن محمد‪ ،‬قال‪ :‬ثنا جرير بن حازم‪ ،‬عن‬

                                              ‫كلثوم بن جبر‪ ،‬عن سعيد بن جبير‪ ،‬عن ابن‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14