Page 10 - merit 54
P. 10

‫العـدد ‪54‬‬                                    ‫‪8‬‬

                                                                ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

                ‫إلخ هذه التفاصيل الدقيقة!‬                        ‫عرضهم على آدم‪ .‬فقال‪ :‬أي رب من هؤلاء؟‬
     ‫مع الأخذ في الاعتبار أن خلق آدم كان‬                                         ‫قال‪ :‬هؤلاء ذريتك‪ ”..‬إلخ‪.‬‬
   ‫من العدم‪ ،‬أي أنه لم يتطور عن مخلوقات‬
  ‫سابقة‪َ « :‬أولا يذ ُك ُر الإن َسا ُن أ َّنا خلق َنا ُه م ْن‬       ‫وقال مالك بن أنس في موطئه أن عمر بن‬
‫َقب ُل ول ْم َي ُك ْن َشيئًا” (مريم‪ ،)67 :‬و»هل أ َتى‬            ‫الخطاب سئل عن آية «وإذ أخذ ر ُّبك من بني‬
   ‫ع َل الإن َسا ِن ِحي ٌن م َن ال َّده ِر ل ْم َي ُك ْن شيئًا‬
  ‫مذ ُكو ًرا” (الإنسان‪ ،)1 :‬و»وق ْد خل ْق ُت َك م ْن‬                ‫آدم من ظهورهم ذر َّيتهم وأشهدهم على‬
                                                                   ‫أنفسهم”‪ ،‬فقال‪ :‬سمعت رسول الله (ص)‬
           ‫َق ْب ُل ول ْم َت ُك ْن َشيئًا” (مريم‪.)9 :‬‬
                                                                     ‫ُيسأل عنها فقال‪ :‬إن الله خلق آدم عليه‬
 ‫كيف أُخرج آدم وحواء من الجنة‬                                      ‫السلام‪ ،‬ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج‬

    ‫سردية إخراج آدم وحواء من الجنة‪ ،‬في‬                                   ‫منه ذرية‪ ،‬قال‪ :‬خلقت هؤلاء للجنة‪،‬‬
  ‫الأدبيات الإسلامية‪ ،‬لها ثلاثة أضلاع‪ :‬الله‬                       ‫وبعمل أهل الجنة يعملون‪ .‬ثم مسح ظهره‬
                                                                ‫فاستخرج منه ذرية‪ ،‬قال‪ :‬خلقت هؤلاء للنار‪،‬‬
     ‫وإبليس وآدام وحواء باعتبارهما طر ًفا‬
  ‫واح ًدا‪ .‬وحسبها فإن الله أخرج إبليس من‬                            ‫وبعمل أهل النار يعملون‪ .‬فقال رجل‪ :‬يا‬
                                                                     ‫رسول الله ففيم العمل؟‪ ”..‬إلخ الحديث‪.‬‬
    ‫الجنة ‪-‬التي فيها الله والملائكة (والجن)‬                       ‫بينما في حديث طويل عن أبي هريرة‪ ،‬جاء‬
‫م ًعا وتدور بينه وبينهم حوارات‪ -‬في اللحظة‬                       ‫فيه‪« :‬قال (الله بعد نفخ الروح في آدم)‪ :‬اختر‬
                                                                   ‫يدي يا آدم‪ .‬قال‪ :‬أختار يمين ربي‪ ،‬وكلتا‬
   ‫ذاتها التي نفخ فيها الروح في آدم‪« :‬ولقد‬                          ‫يدي ربي يمين‪ ،‬وبسط كفه (الله يقصد)‬
     ‫خلقناكم ث َّم ص َّورناكم ث َّم قلنا للملائكة‬               ‫فإذا من هو كائن من ذريته في كف الرحمن‪،‬‬
                                                                  ‫فإذا رجال منهم أفواههم النور‪ ،‬فإذا رجل‬
                       ‫أحد الرقم التي تحوي قصة‬                   ‫يعجب آدم نوره‪ .‬قال‪ :‬يا رب من هذا؟ قال‪:‬‬
                      ‫الخلق البابلية‪ ،‬من محفوظات‬                    ‫ابنك داود‪ .‬قال‪ :‬يا رب فكم جعلت له من‬
                                                                    ‫العمر؟ قال‪ :‬جعلت له ستين‪ .‬قال‪ :‬يا رب‬
                           ‫المتحف البريطاني‬                       ‫فأتم له من عمري حتى يكون له من العمر‬
                                                                ‫مائة سنة‪ ،‬ففعل الله ذلك‪ ،‬وأشهد على ذلك‪”..‬‬

                                                                                                     ‫إلخ‪.‬‬
                                                                      ‫ما أريد أن ألفت إليه في الاستشهادات‬
                                                                   ‫السابقة‪ ،‬وهي قليل من كثير‪ ،‬أن السردية‬
                                                                   ‫الإسلامية تقول إن الله خلق الإنسان على‬
                                                                ‫صورته المكتملة التي نحن عليها الآن‪ ،‬بل إنه‬
                                                                  ‫كان أفضل صورة منَّا وأخذ ينقص‪ ،‬وأنها‬
                                                                  ‫‪-‬السردية‪ -‬لم تتوقف عند العموميات‪ ،‬بل‬
                                                                   ‫راحت تف ِّصل في التفاصيل الدقيقة لعملية‬
                                                                ‫الخلق‪ :‬من أين جاؤا بالتراب‪ ،‬ومن الذي جاء‬
                                                                ‫به ومن فشل‪ ،‬ولماذا نحن كبشر مختلفون في‬
                                                                ‫اللون والعادات والخير والشر‪ ،‬وكيف ص َّور‬
                                                                     ‫الله آدم وتركه أربعين سنة حتى يجف‬
                                                                ‫الطين وتكون له صلصلة كالفخار «وإن يو ًما‬
                                                                    ‫عند ربك كألف سنة مما تعدون» (الحج‪:‬‬
                                                                  ‫‪ ،)47‬وكيف كانت الملائكة تخاف من آدم‪..‬‬
   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15