Page 11 - merit 54
P. 11

‫افتتاحية ‪9‬‬

                  ‫‪ ،)13 :11‬وقوله “فاهبط‬                                          ‫اسجدوا لآدم فسجدوا إ َّل إبليس لم يكن من‬
                ‫منها” غير واضح بالنسبة‬                                           ‫ال َّساجدين‪ ،‬قال ما منعك أ َّل تسجد إذ أمرتك‬
                ‫للوجهة التي على إبليس أن‬                                         ‫قال أنا خي ٌر منه خلقتني من نا ٍر وخلقته من‬
                ‫يذهب إليها‪ ،‬فالكون حسب‬                                           ‫طي ٍن‪ ،‬قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبَّر‬
                ‫تلك السردية ‪-‬كما بينت في‬                                          ‫فيها فاخرج إ َّنك من ال َّصاغرين” (الأعراف‪:‬‬
                ‫الفصل السابق‪ -‬مكون من‬
             ‫سبع أراضين وسبع سموات‪،‬‬
                 ‫فوقهم عرش الرحمن على‬
               ‫الماء‪ ،‬ولم تكن مسكونة حتى‬
                 ‫تلك اللحظة‪ .‬فالكتب تف ِّسر‬
                ‫«اهبط منها» بمعنى «اخرج‬
                 ‫منها» دون أن تزيد‪ ،‬وهي‬

                   ‫‪-‬الكتب‪ -‬التي ما تركت‬
             ‫صغيرة ولا كبيرة إلا فصلتها!‬
 ‫لا يقف الالتباس عند هذا الحد‪ ،‬فحين يقول‬
‫الله في كتابه «ث َّم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم‬
  ‫فسجدوا إ َّل إبليس أبى واستكبر وكان من‬
    ‫الكافرين” (الأعراف‪ ،)11 :‬ويتكرر الأمر‬
   ‫بالصيغة نفسها في أكثر من موضع‪ ،‬منها‬
      ‫قوله “وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم‬
  ‫فسجدوا إ َّل إبليس أبى واستكبر وكان من‬
   ‫الكافرين” (البقرة‪« ،)34 :‬فسج َد الملا ِئك ُة‬
  ‫كله ْم أجم ُعو َن‪ ،‬إلا إبليس َأبى َأن ي ُكو َن مع‬
  ‫الساجدي َن” (الحجر‪ ،)31-30 :‬فيفهم من‬
 ‫سياق الأمر الموجه للملائكة أن إبليس َم َل ٌك‪،‬‬
 ‫لأنه استثناء من كل هم الملائكة‪ ،‬لكن سورة‬
   ‫الكهف تقول‪« :‬وإذ قلنا للملائكة اسجدوا‬
     ‫لآدم فسجدوا إ َّل إبليس كان من الج ِّن‬
‫ففسق عن أمر ر ِّب ِه‪( »..‬الآية‪ ،)50 :‬ومع ذلك‬
‫فلنترك هذه التفصيلة إلى تفصيلة أعظم منها‬
    ‫لأنها تستعصي على العقل‪ ،‬فقد كان على‬
‫إبليس أن يدخل الجنة ويصل إلى آدم وحواء‬
‫ليغويهما بالأكل من الشجرة التي نهاهما الله‬
 ‫عن أكل ثمارها‪ ،‬فكيف دخل؟ (طب ًعا باعتبار‬
  ‫أنه ‪-‬وقتها‪ -‬كان عليه أن يظهر بنفسه‪ ،‬لا‬
 ‫أن يتسلل إلى العقل ويغوي البشر كما نحن‬

                                   ‫الآن!)‬
   ‫في تفسير الطبري للآية (‪ )36‬من سورة‬
   ‫البقرة « َف َأ َزلَّ ُه َما ال َّش ْي َطا ُن َع ْن َها َف َأ ْخ َر َج ُه َما‬
   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16