Page 16 - merit 54
P. 16

‫العـدد ‪54‬‬                                    ‫‪14‬‬

                                                 ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

  ‫نظرية النشوء والتطور‪ ،‬أو الداروينية‪ ،‬هي‬           ‫تطور الإنسان‬
   ‫نظرية تشرح التطور البيولوجي‪ ،‬طورها‬             ‫حسب مكتشفات‬
    ‫عالم الطبيعة الإنجليزي تشارلز داروين‬
   ‫(‪ )1882 -1809‬ومعه علماء آخرون‪ ،‬في‬                    ‫العلم‬
     ‫النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪،‬‬
  ‫وتن ُّص على أ َّن جميع أنواع الكائنات الحية‬     ‫مشكلة النظرية اللاهوتية‬
      ‫تنشأ وتتطور من خلال عملية الانتقاء‬               ‫لخلق الكون‪ ،‬وخلق‬
   ‫الطبيعي للطفرات الموروثة‪ ،‬التي تزيد من‬
    ‫قدرة الفرد على المنافسة والبقاء على قيد‬           ‫الإنسان‪ ،‬أنه لا يوجد‬
                          ‫الحياة والتكاثر‪.‬‬           ‫دليل عملي علمي واحد‬
        ‫أي أن الكائنات الموجودة في الطبيعة‬       ‫على صحتها‪ ،‬فقد اكتسبت‬
       ‫تتصارع‪ ،‬بحيث لا يستطيع الصمود‬                ‫قوتها من أمرين‪ :‬الأول‬

 ‫والاستمرار إلا من يمتلك المقومات‪ ،‬الأقوى‪،‬‬             ‫أنها انبنت على عمق‬
  ‫لذلك سميت أي ًضا «نظرية البقاء للأقوى»‪.‬‬         ‫الإيمان بالأنبياء والرسل‬
  ‫وتقوم الداروينية على مجموعة من المبادي‬           ‫الذين قالوا إنهم حملوها‬
‫الأساسية للتطور عن طريق الانتقاء الطبيعي‬
                                                      ‫من (الله) عبر وسيط‬
                ‫كما حددها داروين‪ ،‬وهي‪:‬‬                ‫هو الملاك جبريل الذي كان ينزل عليهم‬
‫‪ُ -‬ي ْن َت ُّج عدد من الأفراد في كل جيل أكثر من‬   ‫ويلقنهم تعاليم الله‪ ،‬ومعلوماته حول الكون‬

  ‫العدد الذي يستطيع البقاء على قيد الحياة‪.‬‬             ‫والإنسان والتاريخ والأرض والسماء‬
‫‪ -‬التباين الظاهري موجود بين الأفراد ومن‬             ‫والشمس والقمر‪ ..‬إلخ‪ ،‬بصرف النظر عن‬
                                                  ‫أن هؤلاء الأنبياء والرسل أنفسهم ليس ثمة‬
            ‫الممكن توريث هذه الاختلافات‪.‬‬         ‫دليل مادي على وجودهم‪ ،‬أو أن الله أرسلهم‬
     ‫‪ -‬ينجو الأفراد الذين يتمتعون بصفات‬          ‫بالفعل‪ ..‬الثاني أنها انتقلت من جيل إلى جيل‬
                                                    ‫لقرون طويلة‪ ،‬دون أن توجد دلائل علمية‬
         ‫وراثية أكثر ملاءمة للبيئة المحيطة‪.‬‬
‫‪ -‬عندما تحدث العزلة الإنجابية في مجموعة‬               ‫قوية على دحضها أو تقديم بديل قاطع‬
                                                   ‫ومقنع لها‪ ،‬وحتى حين ظهرت بوادر لتلك‬
               ‫معينة تتشكل أنواع جديدة‪.‬‬
      ‫عندما توصل تشارلز داروين إلى هذه‬                ‫النظريات فإن المزاج الإيماني قريب من‬
                                                     ‫رفضها وتصديق القصة اللاهوتية‪ ،‬ربما‬
        ‫النتيجة لم تكن الدراسات والأبحاث‬         ‫بقوة الزمن‪ ،‬أو للخوف من العقاب الأخروي‪،‬‬
   ‫البيولوجية قد تقدمت بالشكل الذي نحن‬             ‫أو ‪-‬وهذا وارد ج ًّدا‪ -‬نتيجة الكسل المعرفي‬
  ‫عليه الآن‪ ،‬ولم نكن قد عرفنا تحليل ‪DNA‬‬
 ‫الذي يم ِّكن العلماء من معرفة أصول الكائن‬                        ‫والميل إلى الدعة والسكينة‪.‬‬
‫الحي وتاريخه الوراثي بشكل دقيق‪ ،‬كما أن‬             ‫واللافت أن الشيوخ وأساتذة المواد الدينية‬
  ‫البشرية تكتشف الآن هياكل عظمية قديمة‬              ‫في المدارس والمعاهد والجامعات يحا ُّجون‬
‫ج ًّدا‪ ،‬عمرها مئات الآلاف وملايين السنوات‪،‬‬
  ‫لطيور وحيوانات وبشر‪ ،‬تخضعها للبحث‬                  ‫الناس على خطأ من يتحدثون عن نظرية‬
 ‫عن طريق أخذ عينات ‪ DNA‬منها وفحصها‬                   ‫علمية لخلق الإنسان بـ»نظرية دارون»‪،‬‬
                                                    ‫بالرغم من أنها أصبحت قديمة ج ًّدا‪ ،‬لأنها‬
                     ‫لمعرفة أصولها‪ ..‬إلخ‪.‬‬        ‫مجرد بداية في مشوار المعرفة في هذا المجال‪،‬‬
    ‫الروائي والمترجم طارق فراج نقل كتا ًبا‬       ‫تبعتها خطوات واسعة توصلت لنتائج مذهلة‬
 ‫غاية في الأهمية إلى اللغة العربية‪ ،‬هو كتاب‬            ‫كما سأحاول أن أشير‪ ،‬أشير فقط لأن‬
 ‫“من نحن وكيف وصلنا هنا‪ :‬ثورة الحمض‬
                                                            ‫التوسع يحتاج إلى فضاء أوسع‪.‬‬
                                                          ‫ما هي نظرية النشوء والتطور؟‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21