Page 18 - merit 54
P. 18

‫العـدد ‪54‬‬                                     ‫‪16‬‬

                                            ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

      ‫العلامات والدلائل التي قد توصل إلى‬    ‫النياندرتال التقوا‪ ،‬ليس «في أوروبا فحسب‪،‬‬
 ‫شيء ما‪ ،‬ووضع إصبع على التناقضات في‬          ‫بل من شبه المؤكد في الشرق الأدنى أي ًضا‪.‬‬
                                              ‫قبل حوالي سبعين ألف سنة‪ .‬كانت لقاءات‬
    ‫السرديات المختلفة‪ ،‬إن عرضت على عقل‬
     ‫متجرد‪ ،‬ومتخفف من أي إيمان مسبق‪:‬‬           ‫قوية وناجحة حتى جبال ألتاي‪ ،‬والشرق‬
     ‫‪ -1‬أن القرآن أشار إشارات عابرة عن‬         ‫الأدنى‪ .‬كان الشرق الأدنى يسكنه بالفعل‬
     ‫موضوع خلق آدم وحواء‪ ،‬وعصيانهما‬         ‫البشر العصريين‪ ،‬كما يشهد على ذلك البقايا‬
‫وهبوطهما من الجنة‪ ،‬إشارات قد يفهم منها‬        ‫التي ُعث َر عليها في كهف «سخول» على قمة‬
‫ما ذهبت إليه التفاسير وقد يفهم منها أشياء‬       ‫جبل الكرمل في فلسطين وكهف قفزة في‬
 ‫أخرى‪ ،‬وهنا نشير إلى أن معظم الدين الذي‬       ‫الجليل السفلي والتي يرجع تاريخها إلى ما‬
    ‫نعرفه هو اجتهادات بشرية غير قطعية‬         ‫بين حوالي ‪ 130.000‬إلى ‪ 100.000‬سنة‬

                                 ‫الصدق‪.‬‬                                       ‫مضت‪.‬‬
  ‫‪ -2‬أن العهد القديم تناول قصة خلق آدم‬        ‫بالطبع لا يمكن تلخيص هذه الدراسات في‬
  ‫بتفصيل أكبر‪ ،‬ونجد صدى ما جاء فيه في‬       ‫هذه العجالة‪ ،‬كما أنه ليس هدف هذه الكتابة‪،‬‬
   ‫الأحاديث التي نسبت إلى الرسول (ص)‪،‬‬
 ‫وهو ما يفتح باب تأثير أحبار اليهود الذين‬         ‫وإنما الهدف هو الإشارة إلى أن العلم‬
   ‫أسلموا على ديانة الإسلام‪ ،‬كما يفتح باب‬      ‫يحاول منذ قرن ونصف قرن تقريبًا‪ ،‬أي‬
   ‫صدقية الأحاديث التي يأخذ العامة منها‬     ‫من قبل داروين‪ ،‬أن يصل إلى أصل الإنسان‬

                                ‫عقائدهم‪.‬‬         ‫العصري‪ ،‬متى ُو ِجد وأين وكيف‪ ،‬وهل‬
‫‪ -3‬أن بعض القصص الواردة في السرديات‬           ‫ولد على صورته تلك‪ ،‬كما تقول السرديات‬
                                             ‫الدينية‪ ،‬أم أنه تط ُّور لكائنات كانت موجودة‬
   ‫الدينية‪ ،‬الإسلامية واليهودية على السواء‬     ‫قبله‪ ،‬بفعل التلاقح والتبادل الجيني الذي‬
      ‫‪-‬باعتبار أن المسيحية سكتت عن هذا‬
                                                ‫يح ِّسن السلالات؟ وليس مفاجئًا أن هذه‬
 ‫الموضوع‪ -‬متعارضة ومتناقضة‪ ،‬وبعضها‬                ‫الأبحاث تسير عكس اتجاه السرديات‬
  ‫غير معقول‪ ،‬وأنها تأخذ قوتها من انتقالها‬        ‫الدينية‪ ،‬فالعلم يكتشف باستمرار ‪-‬بعد‬
  ‫عبر الزمن من ناحية‪ ،‬ومن تأخر العلم في‬
                                             ‫إجراء أبحاث وتحليلات وفحصوات معقدة‬
                    ‫تقديم سرديات بديلة‪.‬‬       ‫على عينات مختلفة تفصلها آلاف السنين‪-‬‬
 ‫‪ -4‬أن خطورة موضوعات مثل تلك ليست‬
                                                   ‫أن الإنسان تطور عن كائنات أخرى‪.‬‬
   ‫في تلك السرديات ذاتها‪ ،‬وإنما في ترسيخ‬
‫فكرة الإيمان الأعمى دون تدبر‪ ،‬وإن خاصم‬                  ‫الخلاصة‬

     ‫العقل وعمل ضد المنطق‪ ،‬وهو ما يظهر‬           ‫في نهاية هذا الفصل أريد أن ألخص ما‬
    ‫أثرة في الملفات الحيوية التي تهم الناس‬       ‫توصلت إليه في عدة نقاط‪ ،‬أعرف جيِّ ًدا‬
  ‫في تفاصيل معيشتهم‪ ،‬في المأكل والمشرب‬           ‫أن التلخيص مخ ٌّل‪ ،‬لكن حسبي أنني لا‬
  ‫والزواج والطلاق وتربية النشء‪ ،‬والتعليم‬    ‫أستهدف القطع بنتيجة حاسمة في الموضوع‪،‬‬
                                                 ‫بقدر ما أريد أن أشير إلى مجموعة من‬
                           ‫والصحة‪ ..‬إلخ‬
   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23