Page 12 - merit 54
P. 12

‫العـدد ‪54‬‬                                                                   ‫‪10‬‬

                                               ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

‫رواية الطبري عمن رووا الأحاديث عن النبي‬         ‫ِم َّما َكا َنا ِفي ِه”‪ ،‬يقول بعد‬
 ‫(ص)‪ ،‬فالرواية تذكر أن إبليس خدع خزنة‬            ‫ذكر تسلسل السند‪« :‬لما‬
                                                   ‫أسكن الله آد َم وذريته‬
     ‫الجنة ودخل في شدق حية‪ ،‬أو دخل في‬          ‫ونهاه عن الشجرة‪ ،‬وكانت‬
  ‫صورة دابة يقال بعي ًرا‪ ،‬وقد عوقب البعير‬       ‫شجر ًة غصونها متش ِّع ٌب‬
                                                 ‫بعضها في بعض‪ ،‬وكان‬
    ‫الذي أعطاه صورته فسقطت قوائمه‪ ،‬ألا‬
‫يعني ذلك أن إبليس خدع الخزنة وخدع الله‬             ‫لها ثمر تأكله الملائكة‬
                                                    ‫لخلدهم‪ ،‬وهي الثمرة‬
   ‫نفسه‪ ،‬بدليل أن الله غضب فسخط الدابة؟‬           ‫التي َنهى الله آد َم عنها‬
               ‫هل يقبل المنطق السليم هذا؟‬       ‫وزوجته‪ .‬فلما أراد إبليس‬
                                                   ‫أن يستزلَّهما َدخل في‬
   ‫كما أن ثمة تفاصيل كثيرة ودقيقة عن أن‬            ‫جوف الحية‪ ،‬وكانت‬
     ‫الله خلق آدم بـ(يده) كي لا يتأفف منه‬         ‫للحية أربع قوائم كأنها‬
                                                  ‫ُب ْختِيَّة‪ ،‬من أحسن دابة‬
  ‫أحد من الملائكة (والجن)‪ ،‬ومع ذلك تأفف‬        ‫خلقها الله‪ ،‬فلما دخلت الحية الجنة‪ ،‬خرج من‬
‫إبليس‪ ،‬وكأن الله (كلي القدرة) يريد أن يقنع‬      ‫جوفها إبليس‪ ،‬فأخذ من الشجرة التي نهى‬
                                                  ‫الله عنها آدم وزوجته‪ ،‬فجاء بها إلى حواء‬
  ‫أح ًدا بشيء! وكلام عن طلب إبليس إمهاله‬           ‫فقال‪ :‬انظري إلى هذه الشجرة! ما أطي َب‬
‫وتحديه لله أنه قادر على إغواء بني آدم‪ ،‬وهل‬
                                                                              ‫ري َحها‪.”..‬‬
  ‫إبليس (جن) واحد أم قبيلة تعاونه في أداء‬       ‫ويضيف رواية عن ابن عباس‪“ :‬أراد إبليس‬
 ‫مهمته؟ وكلام عن سوءات آدم وحواء التي‬
 ‫بانت بعد عصيانهما رغم أن (الله) أفهمهما‬            ‫أن يدخل عليهما الجنة‪ ،‬فمنعته الخ َزنة‪.‬‬
  ‫أنه سيصيبهما ضرر لو أكلا من الشجرة‪،‬‬               ‫فأتى الحية ‪-‬وهي دا َّبة لها أرب ُع قوائم‬
   ‫وكلام عن المدة التي ق َّضاها آدم في الجنة‬   ‫كأنها البعير‪ ،‬وهي كأحسن الدواب‪ -‬فكلمها‬
                                                  ‫أن ُتدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم‪،‬‬
   ‫قبل العصيان والخروج منها‪ ،‬وهل أنجب‬              ‫فأدخلته في ُف ْقمها (الفقم جانب الشدق)‬
   ‫فيها أم لم ينجب إلا بعد هبوطه‪ ،‬ومسألة‬           ‫فمرت الحية على الخزنة فدخلت‪ ،‬فخرج‬
 ‫تزويج التوائم والحلال والحرام فيها‪ ..‬كلها‬      ‫إليه فقال‪َ :‬يا آ َد ُم َه ْل َأ ُد ُّل َك َع َل َش َج َر ِة ا ْل ُخ ْل ِد‬
   ‫تفاصيل لا تهم وجهتي في هذه الكتابة في‬        ‫َو ُم ْل ٍك لا َي ْب َل”‪ .‬وعن عمار بن الحسن‪ ،‬قال‪:‬‬
‫شيء‪ ،‬إلا أنها ليست منطقية‪ ،‬وفيها تعارض‪،‬‬          ‫حدثنا ابن أبي جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الربيع‪،‬‬
  ‫فالحكاية الواحدة ُتروى بأكثر من طريقة‪،‬‬       ‫قال‪ :‬حدثني مح ِّدث‪ :‬أن الشيطان دخل الجنة‬
     ‫ولذلك فإن الكتب التي أوردتها لا يمكن‬         ‫في صورة دابة ذات قوائم‪ ،‬فكان ُيرى أنه‬
                                                  ‫البعير‪ ،‬قال‪ :‬فل ِعن‪ ،‬فسقطت قوائمه فصار‬
     ‫الوثوق في صدقيتها بشكل كامل‪ ،‬لأنها‬
   ‫في المجمل لا تعطي صورة ثابتة وراسخة‬                                            ‫حيَّة”‪.‬‬
  ‫ووحيدة لقصة خلق آدم‪ ،‬وخلق حواء منه‪.‬‬           ‫هنا لن أورد نص الحديث الذي قيل إنه دار‬
                                                 ‫بين إبليس وحواء‪ ،‬أو بينه وبين آدم‪ ،‬لكي‬
        ‫طريقة خلق آدم‬                            ‫يقنعهما أن يأكلا من الشجرة التي نهاهما‬
      ‫في الكتاب المقدس‬                         ‫عنها الله‪ ،‬باعتبار أنها شجرة الخلد‪ ،‬وأن من‬
                                               ‫يأكل منها لا يموت أب ًدا‪ ،‬لكني سأتوقف عند‬
‫الأناجيل الأربعة المعتمدة في الديانة المسيحية‬   ‫الطريقة التي دخل بها إبليس الجنة‪ ،‬حسب‬
   ‫صامتة فيما يخص قصة خلق آدم‪ ،‬إلا أن‬
      ‫«إنجيل برنابا»‪« .‬هناك مخطوطان فقط‬
   ‫لهذا الإنجيل‪ ،‬يرجع تاريخهما إلى القرنين‬
      ‫السادس عشر والسابع عشر الميلادي‬
   ‫(أي أنه كتب متأخ ًرا في فترة ظهور دعوة‬
   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17