Page 8 - merit 54
P. 8

‫العـدد ‪54‬‬                                     ‫‪6‬‬

                                                         ‫يونيو ‪٢٠٢3‬‬

‫وأنواع الأسقام‪ ،‬فقال آدم‪ :‬يا رب؛ لم فعل َت‬                  ‫موسى الأشعر ُّي‪ ،‬قال‪،‬‬
     ‫هذا بذريتي؟ قال‪“ :‬كي تشكر نعمتي”‪.‬‬                    ‫قال رسو ُل الله (ص) إ َّن‬
                                                            ‫الله خل َق آد َم من قبض ٍة‬
‫فحسب الحديث فقد خلق الله أناس ناقصين‬                      ‫قبض َها من جمي ِع الأر ِض‬
  ‫ومرضى كي يشكر الأصحاء نعمته‪ ،‬طب ًعا‬
  ‫دون أن نفهم ما ذنب هؤلاء ليعانوا لمجرد‬                     ‫فجا َء بنو آدم على قدر‬
   ‫أن يشعر الآخرون بنعمة الصحة‪ ،‬والأمر‬                   ‫الأر ِض‪ ،‬جاء من ُه ُم الأحم ُر‬
                                                           ‫والأبي ُض والأسو ُد وبي َن‬
‫طب ًعا لا يتوقف على فقد الحواس‪ ،‬ولكن هناك‬
         ‫أمراض مزمنة ونقص مناعة‪ ..‬إلخ‪.‬‬                        ‫ذل َك وال َّسه ُل وال َح ْز ُن‬
                                                         ‫والخبي ُث وال َّطيِّ ُ‏ب‏»‏‏‪ .‬زاد في‬
      ‫هذا التبرير ‪-‬مع كامل التقدير لكل من‬                ‫حديث يح َيى‏(‏وب ْي َن ذل َ‏ك)‏‏‪.‬‬
       ‫يعتنقه‪ -‬لم يكن يضع في حسبانه أن‬                   ‫والإخ َبا ُر في ح ِدي ِث ي ِزي َد”‪.‬‬

 ‫الإنسان سيتوصل للخريطة الجينية لجسم‬                       ‫(صححه الألباني)‪ .‬وقد‬
‫الإنسان‪ ،‬وأن ثمة مشكلات تنتقل للأبناء من‬                   ‫روي في أكثر من مصدر‬
 ‫آبائهم وأمهاتهم‪ ،‬بعضها قد لا يكون ظاه ًرا‬                 ‫بنفس الألفاظ‪ ،‬لا أود أن‬

     ‫لديهم لكن جيناته متحققة فيهما بنسبة‬                      ‫أكرر لأن هذا ليس الهدف‪ ،‬بل إن بعض‬
 ‫معينة‪ ،‬إذا اجتمعت تتسبب في وراثة المرض‬                    ‫الروايات تقول إن الله أرسل جبريل ليأتي‬
‫بشكل أقوى‪ ..‬وهو ما يعمل العلماء الآن على‬                 ‫له بالتراب (كأنها بعيدة عن الله) فاستعاذت‬
  ‫تفاديه بمنع تزويج الأقارب مث ًل‪ ،‬أو الذين‬               ‫الأرض بالله منه‪ ،‬فعاد ولم يقبض القبضة‪،‬‬
‫يثبت أن لديهم جينات أمراض معينة‪ ،‬فض ًل‬                     ‫فأرسل غيره وغيره‪ ،‬حتى أرسل إسرافيل‬

      ‫عن عملهم على تعديل الجينات نفسها‪.‬‬                      ‫‪-‬ملك الموت‪ -‬فلما استعاذت الأرض منه‬
‫لكن اللافت في هذا الحديث‪ ،‬عندما تكمله‪ ،‬أن‬                                   ‫صمم على إنفاذ أمر الله‪.‬‬

  ‫آدم وهو يستعرض ذريته ويرى الأضواء‬                            ‫وإذا كان ثمة سؤال يطرح عن مفهوم‬
        ‫الصادرة عن بعضهم‪ ،‬وحسب نفس‬                             ‫«العدالة الإلهية» بين بني آدم في خلق‬
                                                                ‫بشر ملونين ومختلفي الأشكال‪ ،‬فإن‬
 ‫المصدر السابق‪« :‬قال آدم‪ :‬يا رب من هؤلاء‬                     ‫السؤال الأهم ‪-‬في موضوع العدالة‪ -‬هو‬
  ‫الذين أراهم أظهر الناس نو ًرا؟ قال‪ :‬هؤلاء‬                ‫ما يخص خلق أناس ناقصين‪ ،‬أو ما نقول‬
 ‫الأنبياء من ذريتك‪ .‬قال‪ :‬من هذا الذي (أراه‬                  ‫إنهم مع َّوقون أصحاب همم‪ ،‬فقد عرضت‬
‫أظهرهم) نو ًرا؟ قال‪ :‬هذا داود يكون في آخر‬                   ‫الأحاديث هذا السؤال وإجابته‪ ،‬ففي كتاب‬
 ‫الأمم”‪ .‬وهو ضد إلحاح الخطاب الإسلامي‬                        ‫(الدر المنثور في التفسير بالماثور) لجلال‬
‫على أن محمد في صدارة البشر في كل شيء‪،‬‬                       ‫الدين السيوطي‪ ،‬مجلد ‪ ،3‬ص‪602 -601‬‬
 ‫وأفضل الأنبياء‪ ،‬وأن اسمه كان مكتو ًبا على‬                    ‫جاء‪« :‬وأخرج ابن أبي حاتم وابن منده‬
                                                             ‫وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن‬
                       ‫العرش قبل الخلق!‬                   ‫أبي هريرة عن رسول الله (ص) قال‪)...( :‬‬
    ‫هذه التفاصيل لم يأ ِت ذكرها في القرآن‪،‬‬                   ‫ثم اختلس كل نسمة من بني آدم بنوره‬
‫سوى أن الله خلق آدم من تراب‪ ،‬أو من طين‬                         ‫في وجهه ]يقصد حين جمع ذرية آدام‬
   ‫وصلصال في آيات أخرى‪ ،‬لكن الأحاديث‬                        ‫كلها أمامه[ وجعل فيه البلوى الذي كتب‬
  ‫عادت وزادت في تفاصيل لا لزوم لها‪ ،‬ولا‬                      ‫أنه يبتليه بها في الدنيا من الأسقام‪ ،‬ثم‬
 ‫يقبلها العقل‪ ،‬وهو ما حدث كذلك في تفسير‬                  ‫عرضهم على آدم فقال‪ :‬يا آدم هؤلاء ذريتك‪،‬‬
      ‫قوله تعالى « َخ َل َق لإِن َسا َن ِمن َصل َصال‬           ‫وإذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى‬
‫َكال َف َّخا ِر» (الرحمن‪ ،)14 :‬فقد ورد في (الدرر‬
 ‫السنية)‪« :‬فخ َلقه الل ُه بي ِده لئلا يتكبَّ َر إبلي ُس‬
   ‫عنه‪ ،‬ليقو َل له تتكبَّ ُر عما عمل ُت بيد َّي ولم‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13