Page 160 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 160

‫العـدد ‪24‬‬                        ‫‪158‬‬

                            ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬                  ‫بالوعي تجاه معنى كبير‬
                                                       ‫للحياة كما في «الشحاذ» أو‬
   ‫بالرغم من تحقيقه لكل‬      ‫فترات الراحة من البحث»‬
 ‫النجاحات المادية والمهنية‬     ‫(الطريق‪ ،‬دار الشروق‪،‬‬      ‫تجاه قوة عليا قادرة كما‬
  ‫من وجهة نظر المجتمع‪.‬‬               ‫‪ ،2008‬ص‪.)28‬‬        ‫في «الطريق» أو تجاه فهم‬
                               ‫وتتبدي عبقرية محفوظ‬     ‫أعمق للوجود كما في «قلب‬
    ‫ولأن الجنس لا يطلبه‬           ‫في تصويره للّحظات‬
 ‫الحمزاوي بحثًا عن اللذة‬                                                   ‫الليل»‪.‬‬
                            ‫الجنسية بلغة أدبية رفيعة‪،‬‬       ‫ولعل السبب في اتخاذ‬
   ‫الحسية المحضة‪ ،‬وإنما‬        ‫تحمل من الجماليات ما‬       ‫محفوظ لهذا المنحي أنه‬
     ‫بحثًا عن المعنى‪ ،‬فإن‬      ‫يجعلها تقترب من روح‬      ‫لا ينطلق من قضايا المرأة‬
    ‫محفوظ ينجح في ربط‬          ‫الشعر‪ ،‬فنقرأ‪« :‬ما أحلى‬    ‫الذاتية‪ ،‬لأنها لا تأتي‪ ،‬في‬
                              ‫الحب في الظلام‪ .‬وتحقق‬         ‫الغالب‪ ،‬إلا رم ًزا لمعني‬
‫الوصف الجنسي بالموقف‬                                      ‫أكبر‪ ،‬الوطن‪ ،‬أو الحياة‪،‬‬
    ‫الوجودي للحمزاوي‪،‬‬        ‫حلم الجنون في دوامة من‬      ‫أو الثقافة‪ .‬كما أنها تأتي‬
    ‫فيقول‪« :‬م ّسها بديع‪..‬‬     ‫الذهول‪ .‬وانصهر التأمل‬          ‫كطرف مقابل للرجل‬
                             ‫في وقدة طاغية‪ ،‬وسبحت‬       ‫المأزوم‪ ،‬أو البطل المهزوم‪،‬‬
 ‫ولكن هذا لا شيء‪ ..‬المهم‬     ‫موجة من النار في الظلمة‬   ‫كما في «الشحاذ» و «اللص‬
    ‫أن تلامس سر أسرار‬            ‫الدامسة‪ .‬واستحكمت‬
                               ‫لحظات النسيان المطلق‪،‬‬                   ‫والكلاب»‪.‬‬
 ‫الحياة‪ .‬واندفعت الكلمات‬                                 ‫وبهذا المعني نجد الجنس‬
    ‫المتقطعة في أنات كلغة‬   ‫فالتهمت الماضي والحاضر‬
                                 ‫والمستقبل» (الطريق‪،‬‬          ‫في حياة صابر سيد‬
 ‫السكوت في الليل‪ .‬وغنى‬               ‫صص‪.)55 -54‬‬            ‫الرحيمي في «الطريق»‬
    ‫الانسجام أغنية تبشر‬                                     ‫مجرد محطة في رحلة‬
                               ‫كما نجد الجنس‪ ،‬أي ًضا‪،‬‬   ‫بحث طويلة وشاقة‪ ،‬بحثًا‬
  ‫بحياة أفضل‪ .‬وصهرت‬                ‫عند عمر الحمزاوي‬       ‫عن الأب‪ ،‬الذي هو رمز‬
    ‫حرارة الأنفاس قلو ًبا‬          ‫في «الشحاذ» بمثابة‬       ‫للبحث عن الحل وعن‬
    ‫أضناها البرد‪ .‬وغابت‬            ‫الاستراحة من عناء‬     ‫الخلاص‪ ،‬يتضح ذلك في‬
    ‫الأعين حتى عن ظلمة‬                                   ‫قوله‪« :‬على أي حال فهذه‬
                              ‫البحث عن معنى لحياته‪،‬‬
‫الليل‪ .‬وتنهد فؤاد في ظفر‬         ‫ولسعادته التي فقدها‬                   ‫الفتاة تثير‬
  ‫وارتاح‪ ..‬وتنهد من ثقل‬                                                   ‫عاصفة‬
 ‫الارتياح‪ .‬يا إلهي‪ .‬وتنهد‬                                                ‫في دمك‪.‬‬
  ‫في فتور وغم‪ .‬ونظر إلى‬
                                                                       ‫وفي سواد‬
                                                                          ‫مقلتيها‬

                                                                      ‫ترى الليالي‬
                                                                          ‫المعربدة‬
                                                                         ‫بأنغامها‬

                                                                        ‫الجنونية‪.‬‬
                                                                     ‫وما أحوجك‬

                                                                         ‫إلى دفء‬
                                                                          ‫الشهوة‬
                                                                        ‫المعزية في‬
   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165