Page 163 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 163

‫كان يمكن للرواية أن تكون منافسة‬                                 ‫أحمد ناجى‬
     ‫لكلاسيكيات القرن الماضي‪ ،‬لولا أن‬
      ‫الكاتب اهتم بإبراز البعد الغريزي‬                       ‫ناجي‪ ،‬فما ننقله هنا‪ ،‬وما‬
       ‫للمدينة‪ ،‬ولم يول العنايةالكافية‬                          ‫نقله كل النقاد‪ ،‬بحسب‬
           ‫للأبعاد السياسية والاجتماعية‬                          ‫قراءاتنا‪ ،‬الذين تناولوا‬
        ‫والفلسفية لفكرته‪ .‬فالحقيقة أن‬                           ‫الرواية بالدراسة بعيد‬
    ‫الكاتب‪ ،‬الذي يمثل جيل من الشباب‬                             ‫تما ًما عن الألفاظ الفجة‬
                                                               ‫الصادمة التي وردت في‬
 ‫المحبط الذي تم إجهاض أحلامه‪ ،‬كان‬                              ‫الرواية وكانت سببًا في‬
  ‫مسكو ًنا بالهاجس الجنسي أكثر من‬                                ‫محاكمة مؤلفها‪ .‬وهي‬
‫القضايا الهامة التي طرحها في الرواية‬                            ‫إشكالية أخرى تستحق‬
                                                                 ‫الدراسة‪ ،‬إلى أي مدى‬
     ‫الواقع الذي يعجز عن‬         ‫ليس أمام القارئ المهتم‬
 ‫تغييره‪ ،‬غير أنه تمرد على‬       ‫سوى الرجوع إلى العمل‬        ‫يجوز للناقد أن يعيد ترديد‬
                              ‫الأصلي‪ ،‬حتى يدرك أسباب‬          ‫ما كتبه المؤلف من ألفاظ‬
   ‫الحقيقة لا الخيال‪ ،‬فثمة‬    ‫رفض الناقد لهذا اللون من‬        ‫غير مقبولة‪ ،‬اجتماعيًّا أو‬
  ‫تماهي بين الكاتب وبطل‬         ‫التعبير‪ ،‬فما يورده الناقد‬        ‫دينيًّا أو سياسيًّا‪ ،‬عند‬
  ‫روايته‪ ،‬الراوي في الوقت‬     ‫الملتزم‪ ،‬في كل الأحوال‪ ،‬لن‬
                               ‫يحقق الصدمة التي هدف‬         ‫تحليله ونقده لهذه الألفاظ؟‬
     ‫ذاته‪« ،‬بسام بهجت»‪.‬‬         ‫إليها المؤلف‪ ،‬ومن ثم لن‬           ‫ألا ينطوي الأمر على‬
    ‫فبسام يمارس الجنس‬           ‫يفهم القارئ إلى أي مدى‬
  ‫في الرواية بينما يمارسه‬      ‫كانت السلطات التي تعيّن‬        ‫تناقض؟ وهل يقع الناقد‬
‫ناجي على مستوى الكتابة‪.‬‬         ‫نفسها حارسة على القيم‬        ‫تحت طائلة المسئولية التي‬
   ‫وعلاقة الكاتب بالجنس‬       ‫والأخلاق محقة في مساءلة‬
‫كممارسة‪ ،‬وكمتعة تحددها‬                                              ‫خضع لها المؤلف؟‬
     ‫هذه العبارة‪« :‬تقضي‬                          ‫المؤلف‪.‬‬        ‫إن ما كتبه أحمد ناجي‬
                                 ‫وفي هذا السياق نضيف‬           ‫في روايته يصعب إعادة‬
      ‫الليل تحلم بكوابيس‬                                        ‫ترديده من قبل الناقد‪،‬‬
‫يهاجم فيها بوليس الآداب‬            ‫أن كاتبنا كان يمارس‬       ‫لأنه يخرج عن إطار اللغة‬
                                   ‫الكتابة بدافع من اللذة‬      ‫الأدبية تما ًما ويسقط في‬
   ‫الشقة ويجرنا عريانين‬         ‫الجنسية‪ ،‬التي تجعل من‬           ‫مستنقع الابتذال‪ ،‬وهنا‬
‫ملفوفين في ملاءة السرير‪.‬‬      ‫فعل الكتابة سلو ًكا شبقيًّا‪.‬‬
                                ‫فالكاتب يستخدم الجنس‬
    ‫تما ًما كما تركز الأفلام‬        ‫كنوع من التمرد على‬
   ‫السينمائية على فضيحة‬           ‫السلطة المتحكمة‪ ،‬وعلى‬

     ‫ممارسة الجنس أكثر‬
     ‫من تركيزها على متعة‬
      ‫ممارسته» (ص‪.)65‬‬
   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168