Page 167 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 167

‫الملف الثقـافي ‪1 6 5‬‬

  ‫(تبيويوي) ولكن لماذا يقبل‬          ‫المطلق‪ .‬وتظهر على العلن‬        ‫ملك فرنسا‪ ،‬ومسالينا في‬
‫الغواية؟ ولماذا لا ُيعد مسئو ًل‬     ‫وفي الأماكن العامة بوقار‬         ‫روما‪ ،‬والجاسوسة ماتا‬
‫عن مصيره؟ بال ُرغم من ذلك‪،‬‬         ‫ويحترمها الجميع‪ ،‬تسدي‬         ‫هاري‪ .‬العاهرة موجودة منذ‬
 ‫ولأن الرجل يفلت من اللوم‪،‬‬         ‫النصائح وتتدخل في حياة‬         ‫فجر التاريخ‪ ،‬وهناك إشارة‬
                                     ‫المدينة السياسية‪ ،‬ومنها‬         ‫إليها في جميع النصوص‬
 ‫فلا مانع من طلبهم للدعارة‬         ‫ظهرت عشيقات النبلاء في‬         ‫القديمة‪ ،‬في رسوم الفراعنة‬
  ‫في كل موضع‪ ،‬لهذا ازدهر‬          ‫العصور الوسطى فيما بعد‪.‬‬           ‫الهيروغليفية‪ .‬وفي الألواح‬
   ‫في مصر القديمة جنبًا إلى‬          ‫العاهرة المقدسة‪ ،‬وصف‬             ‫السومرية وفي العهدين‬
   ‫جنب كل من البغاء الديني‬        ‫غريب لكنه حقيقي‪ ،‬له رنين‬           ‫القديم والجديد‪ ،‬لكنها لم‬
‫(العاهرات المقدسات حيث لن‬            ‫وإيحاء المومس الفاضلة‬          ‫تعد بالمهنة المعتمدة إلا في‬
  ‫يعرف مخلوق بأمر الرجل‬            ‫الخاصة بسارتر‪ ،‬لكنها في‬         ‫القرن السادس قبل الميلاد‪،‬‬
‫فلن ُيفضح!)‪ ،‬والبغاء الفردي‬         ‫الواقع موجودة في أوراق‬       ‫في هذا الزمان أنشأ المشترع‬
   ‫الذي ينتشر بغرض طلب‬                                               ‫(صولون) المواخير التي‬
                                      ‫البردي منذ ‪ 1400‬عام‬             ‫تشرف عليها الحكومة‪،‬‬
                    ‫الرزق‪.‬‬            ‫قبل الميلاد؛ حيث تقول‬          ‫وأصبحت الدولة تعترف‬
      ‫لعبة الدعارة يبدو أنها‬     ‫(تبيويوي)‪ ،‬العاهرة المقدسة‬      ‫بالدعارة وتنظمها‪ ،‬وفرضت‬
    ‫قديمة قدم التاريخ ذاته‪،‬‬      ‫للفتى (ستينر) ابن الفرعون‪:‬‬        ‫ضريبة (الاتجار بالجسد)‪،‬‬
 ‫فقط تتغير الأشكال ومناهج‬          ‫إنني لست مجرد امرأة بل‬           ‫الأمر الذي قوبل بارتياح‬
  ‫الرؤية‪ ،‬واختلاف الأوضاع‬           ‫إنني عاهرة مقدسة‪ ،‬فإذا‬
  ‫الاقتصادية والسند الديني‬        ‫أردت أن تستمتع بي فلتأت‬               ‫كبير من ناحية رجال‬
  ‫والموروث الشعبي والثقافي‬           ‫إلى بيتي حيث كل شيء‬              ‫الأعمال في أثينا وكانوا‬
      ‫في كل مجتمع‪ ،‬ويعقب‬         ‫جاهز هناك‪ ،‬وسوف أستمتع‬             ‫من قبل يعملون في الخفاء‬
    ‫ذلك النظرة العامة للمرأة‬        ‫بك ولن يعرف مخلوق في‬               ‫وبحذر‪ .‬أما وقد صار‬
    ‫والجنس‪ .‬إن أسلافنا من‬          ‫الدنيا أمرنا‪ ،‬ولن أتصرف‬        ‫الأمر شرعيًّا‪ ..‬مرحى! ليبدأ‬
     ‫ُعبَّاد الأصنام قد ربطوا‬       ‫معك مثل نساء الشوارع‪.‬‬          ‫المرح وعد الأرباح‪ .‬وكانت‬
  ‫بين الدين والجنس‪ ،‬وكنت‬            ‫وفى هذه المقطوعة ُتصنِّف‬           ‫العاهرات ُتصنَّف وف ًقا‬
 ‫ترى الأصنام العتيقة تحمل‬         ‫فتاة معاملة رفيقها لها‪ :‬لقد‬     ‫للضرائب التي يدفعنها‪ .‬أقل‬
    ‫دلالات جنسية واضحة‪،‬‬          ‫تعامل معي كما لو كنت فتاة‬       ‫العاهرات سع ًرا هي (البوني)‬
   ‫وفى صلواتهم عبارات لها‬          ‫من فتيات الشوارع‪ .‬وذلك‬        ‫وهي جارية مملوكة لصاحب‬
      ‫طابع ماجن‪ .‬والإغريق‬          ‫حين حاول أحد الرجال أن‬           ‫الماخور‪ ،‬ثم تأتي العاهرة‬
  ‫كانوا يمارسون كافة ألوان‬       ‫يلاطفها في مكان عام‪ .‬أو أن‬           ‫التي تصيد زبائنها من‬
   ‫الفجور الجماعي في أعياد‬              ‫يقدم لها أج ًرا بخ ًسا!‬  ‫قارعة الطريق وتدعى (بيري‬
  ‫إله الخمر باخوس‪ .‬ثم نجد‬        ‫أما الذين كتبوا هذه الأوراق‬      ‫باتي تيكي)‪ ،‬وتتصدر القمة‬
   ‫الجنس ُيستعمل في معابد‬        ‫فقد كانوا ينظرون إلى المرأة‪،‬‬      ‫العاهرة (هيثاريا) ومعناها‬
    ‫بابل القديمة تحت عنوان‬       ‫عاهرة أو شريفة‪ ،‬على اعتبار‬      ‫الأنثى الرقيقة‪ ،‬وهي محظية‬
      ‫الدعارة المقدسة‪ ،‬وكان‬          ‫أنها أنثى شريرة مدمرة‬           ‫رجال الأعمال والساسة‬
  ‫الكهنة يحصلون من ورائه‬             ‫ربيبة للشيطان‪ ،‬فسوف‬           ‫في أسفارهم‪ ،‬ترتاد المطاعم‬
  ‫على مكاسب وأموال طائلة‪.‬‬          ‫نعرف أن (ستينر) هذا قد‬        ‫الفاخرة وترتدي أغلى الثياب‪،‬‬
      ‫كان الرجال يحضرون‬              ‫أفلس وفقد ثروته ولقي‬          ‫أموالها مملوكة لها بالكامل‬
 ‫المعبد حيث يطلب الكهنة من‬          ‫أطفاله حتفهم‪ .‬لقد أغوته‬           ‫ولها فيها حق التصرف‬
    ‫الفتيات أن يرقصن شبه‬
   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172