Page 170 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 170

‫العـدد ‪24‬‬                          ‫‪168‬‬

                               ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬                   ‫ترد ًدا الأديب الكبير أوسكار‬
                                                                ‫وايلد الذي كان يمر عليه‬
      ‫وأدهشته‪ .‬كانت قصة‬              ‫ولكنها كانت كروايات‬       ‫كثي ًرا لشراء أعمال الكتاب‬
      ‫صادمة‪ ،‬والسبب ليس‬           ‫البورنو السطحية‪ .‬بغرض‬
‫سردها لعلاقة حب بين رجل‬         ‫إثارة قحة لا عمق أدبي لها‪.‬‬     ‫الفرنسيين الطليعين وقتها‬
‫ورجل‪ ،‬ولكن الطريقة الناعمة‬                                     ‫مثل إميل زولا‪ ،‬وبعد فترة‬
   ‫الشائقة (المقنعة) المخيفة‪،‬‬      ‫وعندما كان العام ‪1890‬‬
  ‫وجاءت فيها عبارات كهذه‪:‬‬      ‫يوشك على الانتهاء جاء وايلد‬        ‫من الثقة والاتصال بدأ‬
  ‫«لكنك شعرت بي ح ًّقا قبل‬     ‫وتحت إبطه رزمة من الورق‬           ‫أوسكار وايلد يطلب منه‬
 ‫أن أظهر على خشبة المسرح‪،‬‬                                    ‫كتبًا بالاسم وكان مضمونها‬
      ‫أليس ذلك صحي ًحا؟»‪،‬‬          ‫ملفوفة بعناية ومختومة‬        ‫الجنسية المثلية‪ ،‬ولم يكن‬
      ‫«عصرت أصابعه بقوة‬           ‫كطرود البريد‪ ،‬وطلب من‬
‫شاك ًرا له كل إجاباته»‪« ،‬متى‬                                        ‫بمقدور موزع الكتب‬
  ‫أحسست بعيني وهي تنظر‬              ‫هرتس أن يقوم بتسليم‬       ‫الحصول عليها دون مشقة‪،‬‬
‫إليك؟»‪« ،‬سألني بنبرة خافتة‬     ‫المخطوطة لشاب سوف يأتي‬
   ‫بعد وقت‪ :‬لم أعرف رج ًل‬      ‫في طلبها بعد أن يظهر بطاقته‬       ‫وكانت أكثر تلك الأعمال‬
   ‫تتطابق مشاعره تما ًما مع‬                                   ‫بالطبع باللغة الفرنسية عدا‬
  ‫مشاعري‪ .‬قل لي‪ ،‬أتعتقد أن‬        ‫الشخصية‪ ،‬وذكر له اسم‬       ‫واح ًدا كان باللغة الإنجليزية‪،‬‬
 ‫أية امرأة تستطيع أن تحس‬          ‫الشخص المنتظر‪ .‬بعد عدة‬
  ‫فع ًل بهذه الكثافة؟»‪« ،‬كنت‬      ‫أيام‪ ،‬جاء شاب إلى هرتس‬          ‫وكان سيرة ذاتية لمثلي‬
   ‫أتعذب‪ ،‬عقلي كان جحي ًما‪،‬‬     ‫وكان هذا الأخير قد شاهده‬                 ‫الجنس في لندن‬
  ‫وجسدي على نار‪ ،‬هل كان‬        ‫من قبل في صحبة وايلد‪ ،‬أخذ‬
   ‫يتعذب بقدر ما أتعذب؟ في‬     ‫الرزمة وأعادها إليه بعد مدة‪،‬‬           ‫المعاصرة‪ ،‬كما أمد‬
    ‫تلك الأثناء بالذات‪ ،‬أرخى‬       ‫لقد دارت هذه المخطوطة‬               ‫الموزع وايلد كتبًا‬
       ‫ذراعه حول خصري‪،‬‬           ‫على ثلاثة أشخاص‪ ،‬أعادها‬                ‫أخرى‪ ،‬لها طابع‬
      ‫فشعرت بموتها بسبب‬           ‫آخرهم مفتوحة مما أغرى‬
 ‫ثقلها مثل ذراع رجل نائم»‪.‬‬      ‫هرتس على فتحها وقراءتها‪،‬‬                  ‫إباحي وتحمل‬
  ‫«أتظنني مجنو ًنا‪ ،‬ولكن من‬     ‫وكانت الورقة الأولى‪ ،‬بمثابة‬                 ‫شعار ناشر‬
‫هو العاقل ومن هو المجنون؟‬         ‫الغلاف‪ ،‬رمادية اللون ولا‬
    ‫من هو الفاضل ومن هو‬           ‫تحمل سوى كلمة واحدة‪:‬‬                    ‫من أمستردام‪،‬‬
‫الفاسد في عالمنا؟ أتعرف؟ أنا‬
                                                 ‫(تيليني)‪.‬‬
                ‫لا أعرف!»‪.‬‬           ‫في تلك الأمسية قرأ‬
  ‫وجاء في تقديم الرواية على‬        ‫هرتس المخطوطة‬
‫لسان راويها أنه وبعد بضعة‬        ‫في جلسة واحدة‪،‬‬
   ‫أيام من وصوله إلى‬           ‫فاستوقفته‬
                               ‫كثي ًرا‬
     ‫نيس‪ ،‬شتا ًء‪،‬‬
    ‫صادف‬                               ‫شنيتزلر‬
 ‫لمرات في‬
  ‫المنتزة‪،‬‬
    ‫رج ًل‬
    ‫في سن‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175