Page 173 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 173

‫‪171‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫القيم الروحية والأخلاقية]‪،‬‬        ‫فيه الأحداث‪ ،‬إذ انقلب من‬        ‫المستوى‪ ،‬كان مثل محور‬
  ‫وقالت (سكوتش أوبزرفر)‬            ‫إنجلترا إلى فرنسا في طبعة‬          ‫وقطب للثقافة المضادة‪.‬‬
  ‫إن السيد وايلد يمتلك عق ًل‬       ‫سميذرز‪ ،‬وهذه هي النقطة‬
‫وفنًّا وأسلو ًبا‪ ،‬لكن إذ كان لا‬     ‫المثيرة للحيرة‪ ،‬إذ كان من‬       ‫أفلس في عام ‪ ،1900‬نفس‬
‫يستطيع أن يكتب إلا لمجموعة‬         ‫العسير على هرتس أن يجد‬          ‫العام الذي توفى فيه وايلد‪،‬‬
                                  ‫صلة تذكر بين الأماكن التي‬         ‫ثم مات وهو في حالة فاقة‬
    ‫من النبلاء الخارجين على‬         ‫قرأها في المخطوطة وبينها‬
    ‫القانون وفتيات البرقيات‬        ‫كما ظهرت في الطبعة التي‬             ‫شديدة وعوز فظيع في‬
  ‫المنحرفات‪ ،‬فكلما أسرع في‬                                          ‫ديسمبر عام ‪ ،1907‬يبدو‬
     ‫احتراف الخياطة‪ ،‬أو أية‬              ‫صدرت بها الرواية‪.‬‬        ‫أن اختيار الموهبة الموسيقية‬
    ‫مهنة شريفة أخرى‪ ،‬كان‬             ‫عمل وايلد على تيليني في‬       ‫لبطل الرواية يدل على عمق‬
   ‫أفضل لسمعته الشخصية‬           ‫ربيع ‪ 1890‬بعد صدور أول‬             ‫التحليل النفسي للعمل‪ ،‬إذ‬
  ‫وللأخلاق العامة‪ .‬وكان رد‬         ‫طبعة من (صورة دوريان‬               ‫لاحظ هافلوك أليسي في‬
‫فعل أوسكار أن راسل المحرر‬           ‫جراي) منشورة في مجلة‬         ‫كتابه (تحليل نفسي للجنس)‬
 ‫قائ ًل‪ :‬إذا كان المرء ينظر إلى‬  ‫لينبكوت‪ ،‬وهنا حاول التعبير‬
  ‫جمال الشيء الفني فسوف‬            ‫عن أفكاره الجنسية بشكل‬             ‫أن الموسيقى قد تش ّجع‬
    ‫يعير‪ ،‬على الأرجح‪ ،‬أهمية‬      ‫أكثر مباشرة وصراحة‪ ،‬وهو‬               ‫على الاتجاه إلى الجنس‬
    ‫ضئيلة لقيمته الأخلاقية‪.‬‬         ‫قرار بالغ الخطورة لأديب‬       ‫المثالي‪ ،‬وبالغ البعض في هذا‬
‫وإذا كان حس المرء الأخلاقي‬          ‫يصعد نجمه‪ ،‬إلا أن بعض‬          ‫الرأي لدرجة أن أحدهم قد‬
‫أكثر تأث ًرا من حسه الجمالي‪،‬‬     ‫جرأته دغدغ قراءه في العصر‬           ‫ادعى بأن كل الموسيقيين‬
   ‫فسوف يتعامى عن أسئلة‬          ‫الفيكتوري‪ ،‬خصو ًصا تناوله‬           ‫المشهورين‪ ،‬الأحياء منهم‬
 ‫الأسلوب‪ ،‬المعالجة وما شابه‬         ‫لفكرة الانحلال المجتمعي‪،‬‬      ‫والأموات‪ ،‬كانوا من الشواذ‬
    ‫ذلك‪ .‬إن الأمر يحتاج إلى‬          ‫لكن رد فعل النقاد الذي‬       ‫مثليي الجنس! والذي حدث‬
   ‫واحد مثل جوته كي يرى‬            ‫لم يكن في طريقه للين كان‬         ‫أن هرتس قد وجد نسخة‬
 ‫كمال وجلال عمل فني‪ ،‬وأنا‬         ‫شني ًعا حقو ًدا محاف ًظا‪ ،‬ومن‬      ‫مطابقة لنسخة سميذرز‪،‬‬
‫أتفق تما ًما مع من قال إنه لمن‬   ‫ذلك ما كتبته صحيفة لندنية‬         ‫باستثناء بعض التفصيلات‬
‫المؤسف أن الفرصة لم تسنح‬            ‫اسمها (ديلي كرونكل) في‬       ‫التي لا تكاد تذكر‪ ،‬أما المقدمة‬
‫لجوته كي يقرأ صورة دويان‬           ‫باب نقد الكتب عن دوريان‬       ‫فكانت محذوفة وكانت تع ّرف‬
                                                                   ‫القارئ بشخصيات الرواية‬
                    ‫جراي!!‬             ‫جراي [حكاية فرضت‬          ‫كما جرى العرف‪ .‬وقتها‪ .‬ولم‬
                                     ‫من أدب جذام الانحطاط‬         ‫يكن العنوان الفرعي (الوجه‬
                                     ‫الفرنسي‪ ،‬كتاب مسموم‪،‬‬           ‫الآخر للميدالية) موجو ًدا‪،‬‬
                                      ‫جو معبق بنتانة وتعفن‬           ‫ويوجد اختلاف جوهري‬
                                                                   ‫هو المكان الذي كانت تدور‬
   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178