Page 171 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 171

‫فى دراسة تاريخية للباحثهارولد‬                               ‫الشباب ذا بشرة داكنة‪،‬‬
  ‫جرينولد أورد دلائل استخدام المرأة‬                             ‫نحي ًفا‪ ،‬به حدب خفيف في‬

     ‫عبر العصور من خلال نصوص من‬                                   ‫ظهره‪ ،‬لونه شاحب وله‬
       ‫الأدب الإغريقي والأدب في بابل‪،‬‬                            ‫عينين زرقاوين جميلتين‬
                                                             ‫محاطتين بهالتين سوداوين‪،‬‬
   ‫ثم الأدب الهندي في القرن الثامن‬                              ‫ملامحه رقيقة لكنه واهن‬
‫الميلادي‪ ،‬ثم الأدب الألماني في القرن‬                             ‫وعليل بسبب علة نفسية‬
                                                              ‫وبدنية سقيمة في آن واحد‪.‬‬
      ‫العاشر‪ ،‬يليه الأدب الفرنسي منذ‬                           ‫كان يبدو جام ًدا في مشيته‪،‬‬
 ‫القرن الخامس عشر من خلال قصائد‬                                 ‫محياه يظهر تدمير سل لا‬
                                                             ‫يرحم‪ .‬لهذا جاء إلى الريفييرا‪،‬‬
   ‫(فرانسوا فيلون) الذي أطلقوا عليه‬
                         ‫اسم شاعر البغاء‬                           ‫لينعم بشمسها للعلاج‪،‬‬
                                                              ‫وكان وحده في (نيس) وبدا‬
‫فعله وايلد في صورة دوريان‬                          ‫نهايته‪.‬‬   ‫كفريسة لكآبة لا شفاء منها‪.‬‬
    ‫جراي إذ عرج من قصة‬             ‫وكأي شخص آخر‪ ،‬كان‬
    ‫الشاب الملعون وشذوذه‬           ‫قد سمع بالموت المأسوي‬        ‫بعدما أجهد الراوية نفسه‬
                                    ‫للمدعو (ت)‪ ،‬ذلك الذي‬     ‫لاحظ أن ذلك الوحيد الساهم‪،‬‬
 ‫المثير إلى نظرة شاملة ناقدة‬      ‫انتحر دون أن يعرف أحد‬
   ‫للكون ذاته‪ -‬هذه الأفكار‬     ‫السبب الحقيقي‪ ،‬وحول ذلك‬           ‫الذي شاخ قبل أوانه‪ ،‬هو‬
    ‫التي عبر ذلك الشاب من‬         ‫الانتحار دارت العديد من‬      ‫صديقه الشاب (د) الذي لم‬
                                   ‫الافتراضات الفضائحية‪.‬‬     ‫يره منذ المهرجان الذي جرى‬
‫خلالها عن استيائه وضجره‬           ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن اسم‬      ‫قبل سنتين في نادي العزاب‬
  ‫من المبادئ والأعراف التي‬     ‫ذلك الموسيقي اقتحم بسرعة‬
         ‫تهيمن على المجتمع‪.‬‬        ‫أحاديثهما‪ ،‬وشيئًا فشيئًا‬       ‫في لندن‪ .‬وكان قد التقاه‬
    ‫السرد الآتي بعد المقدمة‬      ‫حصل الراوي من صديقه‬           ‫آنذاك صحبة رجل شاحب‬
  ‫إذن ليس بالرواية‪ ،‬إنه على‬        ‫الشاب البائس على سرد‬       ‫معروف‪ ،‬فنان مجري يدعى‬
   ‫الأرجح قصة حقيقية من‬          ‫كامل للعلاقة بينهما‪ ،‬وبناء‬      ‫(ت)‪ ،‬كان يبدو على صلة‬
     ‫طراز (حدث بالفعل) أو‬       ‫عليه فهم وبدأ التدوين دون‬
     ‫(قصة مبنية على حكاية‬        ‫حذف لما رواه تدريجيًّا عن‬       ‫حميمة به‪ .‬تذكره بسبب‬
   ‫واقعية)‪ :‬المغامرات المثيرة‬      ‫تاريخ علاقتهما العاطفية‬     ‫معرفتهما السابقة‪ ،‬وبشكل‬
                                ‫غير الطبيعية‪ ،‬ود ّون كذلك‪،‬‬   ‫تدريجي‪ ،‬وبرغم فارق السن‬
‫لشابين وسيمين ذويا طبيعة‬          ‫بالنظر لفرادتها‪ ،‬مجموعة‬
   ‫شديدة الرهافة‪ ،‬حساسة‬        ‫من الأفكار والنزوات والحكم‬        ‫بينهما‪ ،‬أصبحا على صلة‬
   ‫ورقيقة‪ ،‬تلك العلاقة التي‬        ‫الفلسفية المناهضة للدين‬     ‫طيبة‪ ،‬وقد يكون سبب ذلك‬
                                ‫‪-‬لاحظ أن ذلك هو نفس ما‬         ‫القرب بين وجهات نظرهما‬
 ‫ضربها الموت في مقتل‪ ،‬بعد‬
  ‫أن حلّق صاحبها في سماء‬                                        ‫في مواضيع معينة‪ .‬عندما‬
 ‫العاطفة‪ ،‬والتي سوف يساء‬                                      ‫كان من الصعب على الشاب‬
  ‫فهمها فيما بعد‪ ،‬دون شك‪،‬‬
                                                                  ‫النحيل أن يقوم بجولته‬
                                                             ‫اليومية‪ ،‬كانا يقومان بها م ًعا‪،‬‬
                                                              ‫وعندما كان يتعين عليه عدم‬

                                                              ‫مغادرة حجرته‪ ،‬كان ينضم‬
                                                                 ‫الراوي إليه‪ ،‬كانا نزيلين‬

                                                                ‫في نفس الفندق‪ ،‬الوحيدين‬
                                                             ‫تقريبًا منذ اقترب الموسم من‬
   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176