Page 172 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 172

‫العـدد ‪24‬‬                            ‫‪170‬‬

                              ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬                         ‫من قبل الغالبية العظمى‬
                                                               ‫من الرجال‪ .‬إن هذا السرد‪،‬‬
 ‫أما المدعو ليونارد سميذرز‬         ‫(تيليني أو الوجه الثاني‬    ‫بطبيعة الحال (الذي سيأخذ‬
       ‫فهو أحد الشخصيات‬          ‫للميدالية‪ -‬رواية جسدية)‬
                              ‫ولم يظهر عليها اسم المؤلف‪،‬‬            ‫أحيا ًنا صيغة الحوار)‬
  ‫الغامضة في عالم الأدب في‬                                     ‫سوف ينقي‪ ،‬من أية حماقة‬
   ‫عقد التسعينات من القرن‬          ‫وللتهرب من الرقابة أو‬      ‫تؤدي إلى الوصول إلى هوية‬
   ‫التاسع عشر‪ ،‬ففي الوقت‬          ‫بوليس الآداب‪ ،‬أشير إلى‬
  ‫الذي صدرت فيه مجموعة‬          ‫مكان النشر باسم ‪-‬وهمي‬              ‫الشخصيات الرئيسية‪،‬‬
  ‫وايلد (الأمير السعيد) عام‬      ‫غالبًا‪ -‬هو (كوزمو بولي)‪،‬‬       ‫ويطلب الراوي من القارئ‬
                                    ‫بينما كان مكان الصف‬
    ‫‪ ،1888‬كان سميذرز في‬             ‫والطبع‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬في‬        ‫المخلص أن يكون مكت ٍف‬
‫العشرينات من عمره وقتها‪،‬‬                                      ‫بقراءة القصة دون قياسات‬
                                    ‫فرنسا‪ .‬وكانت أحداث‬       ‫إضافية صارمة‪ ،‬القصة التي‬
  ‫في آخر العشرينات‪ ،‬وكان‬      ‫الرواية تدور في لندن‪ ،‬لكن ما‬   ‫تحكي بأسماء مستعارة‪ ،‬عن‬
   ‫يتدرب في مكتب للمحاماة‬      ‫استوقف (هرتس) على وجه‬           ‫الحب بين كامي دي جريو‬
‫بشيفيلد‪ .‬تأثر سميذرز بتلك‬     ‫الخصوص‪ ،‬الخليط المتضارب‬
‫المجموعة وكتب رسالة أبدى‬                                         ‫ورينيه تيليني‪ .‬ويضيف‬
   ‫فيها إعجابه بها لوايلد ثم‬       ‫من خطوط اليد المختلفة‬           ‫كنوع من الخاتمة‪ ،‬بأن‬
‫قابله شخصيًا فيما بعد‪ .‬كان‬           ‫وكثرة المحو والشطب‬           ‫الموت المحزن للراوي قد‬
‫تأثر سميذرز قو ًّيا لدرجة أن‬     ‫والعلامات والتصحيحات‬          ‫حدث مباشرة بعد الانتهاء‬
 ‫وايلد أهداه مخطوطة الأمير‬       ‫والكشط والإضافات التي‬        ‫من ختام الفصل الأخير من‬
                               ‫حفلت بها المخطوطة‪ .‬وأشار‬        ‫اعترافاته‪ .‬مات (د) بسلام‬
                   ‫السعيد‪.‬‬        ‫(هرتس) إلى الأمر قائ ًل‪:‬‬   ‫في يوم جميل من شهر مايو‪،‬‬
      ‫وفي عام ‪ ،1892‬انتقل‬         ‫كان من الواضح بالنسبة‬         ‫وكان الراوي هو المشارك‬
 ‫سميذرز إلى لندن ودخل في‬        ‫لي‪ ،‬أن مجموعة من الكتاب‪،‬‬       ‫الوحيد في مراسيم الجنازة‬
 ‫شراكة مع (ه‪ .‬س‪ .‬نيكولي)‬             ‫يتفاوتون في قدراتهم‬     ‫المسائية التي تقام في (نيس)‬
     ‫لتأسيس شركة لطباعة‬            ‫الأدبية‪ ،‬قد تعاونوا على‬       ‫للمرضى الأجانب الآتين‬
‫ونشر وتوزيع الكتب‪ ،‬ونشر‬           ‫كتابة ذلك العمل المجهول‬         ‫إلى هناك ليموتوا‪ .‬تنفي ًذا‬
‫خلال السنوات القليلة التالية‬        ‫الأصل والعمق في الآن‬     ‫لوصيته‪ ،‬لم يخبر أمخ بموته‪،‬‬
   ‫أفضل ما كتب خلال تلك‬        ‫ذاته‪ .‬أخبر (هرتس) (داوز)‬           ‫وإنما أرسل إشعا ًرا إلى‬
     ‫الفترة في طبعات بديعة‬       ‫الذي كان رقيبًا على الأدب‬     ‫محاميه ليتولى إدارة أموره‬
  ‫غاية في الأناقة‪ ،‬مثل أعمال‬        ‫الإيروتيكي في انجلترا‬    ‫في لندن‪ ،‬وقام باللازم لشحن‬
    ‫أوبري بيردزلي‪ ،‬آرنست‬       ‫وقتها‪ ،‬بأن تيليني قد كتبت‪،‬‬       ‫جثمانه إلى هناك‪ .‬إنه يرقد‬
      ‫داوسن‪ ،‬اللورد ألفريد‬     ‫بدون شك‪ ،‬من قبل أصدقاء‬        ‫الآن في مقبرة برومبتن تحت‬
  ‫دوجلاس‪ ،‬وماكس بيربوم‬             ‫عديدين لأوسكار وايلد‪،‬‬         ‫قطعة من المرمر الأبيض‬
‫و‪ ..‬أوسكار وايلد! ثم أصدر‬          ‫مضي ًفا شيئًا من لمساته‬    ‫الخالية من أي نقش‪ .‬في ذلك‬
      ‫مجلة (سافوي) وكان‬          ‫هنا وهناك‪ .‬وعندما انتهى‬        ‫الضريح الذي أعده خلال‬
    ‫أوبري بيردزلي يحررها‬        ‫هرتس من قراءة المخطوطة‬       ‫حياته‪ ،‬والذي ضم قبله بقايا‬
       ‫له‪ .‬بقى سميذرز على‬         ‫أعادها إلى وايلد‪ ،‬ولم يعد‬
 ‫اتصال بوايلد بعد محاكمته‬         ‫يفكر فيها‪ ،‬غير أنها لفتت‬                ‫تيليني الفاتنة‪.‬‬
  ‫الشهيرة‪ ،‬ونشر أول طبعة‬        ‫نظره ثانية‪ ،‬عندما أصدرها‬         ‫ظهر كتاب في نهاية العام‬
      ‫لـــــ(أنشودة سجن‬        ‫ليونارد سميذرز وقد استلم‬           ‫الذي أعلن عنه في لندن‪،‬‬
   ‫ريدنج)‪ ،‬وتخصص كذلك‬           ‫المخطوطة من وايلد بنفسه‪.‬‬        ‫بمئتي نسخة تحت عنوان‬
  ‫في الأدب الإيروتيكي عالي‬
   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177