Page 176 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 176

‫العـدد ‪24‬‬                            ‫‪174‬‬

                               ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬                      ‫امرئ أخذت‪ .‬وكان كلاهما‬
                                                                ‫عريانين آدم وامرأته وهما‬
‫عند ابن كثير والقرطبي وابن‬         ‫نومة فاستيقظ‪ ،‬وإذا عند‬        ‫لا يخجلان‪ ،‬وكانت الحية‬
  ‫مسعود وغيرهم‪ ..‬ومع أ ّن‬         ‫رأسه امرأة قاعدة‪ ،‬خلقها‬     ‫أحيل جميع الحيوانات البرية‬
                                 ‫الله من ضلعه‪ ،‬فسألها من‬      ‫التي عملها الر ّب الإله‪ ،‬فقالت‬
 ‫القرآن الكريم لم يذكر قصة‬     ‫أنت؟ فقالت‪ :‬امرأة‪ ،‬قال‪ :‬ولم‬
 ‫خلق حواء من ضلع آدم‪ ،‬إلاّ‬         ‫خلقت؟ قالت‪ :‬تسكن إل َّي‪.‬‬       ‫للمرأة‪ :‬أح ًّقا قال الرب لا‬
                                  ‫قالت له الملائكة‪ ،‬ينظرون‬      ‫تأكلا من كل شجر الجنة؟‬
  ‫أنهم أجمعوا كلهم على أنها‬       ‫ما بلغ علمه‪ :‬ما اسمها يا‬      ‫فقالت المرأة للحية من ثمر‬
  ‫خلقت من ضلع أعوج فهي‬           ‫آدم؟ قال‪ :‬حواء‪ ،‬قالوا‪ :‬ولم‬     ‫شجر الجنة نأكل وأما ثمر‬
 ‫عوجاء‪ ،‬وأنها أصل الخطيئة‬          ‫سميت حواء؟ قال‪ :‬لأنها‬      ‫الشجرة التي في وسط الجنة‬
‫وبسببها خرج آدم من الجنة‪.‬‬        ‫خلقت من شيء حي‪ ،‬فقال‬            ‫فقال الله لا تأكلا منه ولا‬
                                 ‫الله له‪“ :‬يا آدم اسكن أنت‬
    ‫إ ّن ترسيخ الميثولوجيات‬       ‫وزوجك الجنة وكلا منها‬           ‫تمساه لئلا تموتا‪ .‬فقالت‬
‫الكهنوتية ‪-‬أولا‪ -‬والإسلامية‬    ‫رغدا حيث شئتما”‪ ،‬واعتما ًدا‬       ‫الحية للمرأة لن تموتا‪ ،‬بل‬
                                ‫على أهل التوراة وأهل العلم‬       ‫الرب عالم أنه يوم تأكلان‬
 ‫لاح ًقا فكرة أن حواء‪ /‬المرأة‬                                  ‫منه تتفتح أعينكما وتكونان‬
 ‫أصل الخطيئة ومبعث الشر‪،‬‬            ‫وعن عبد الله بن عباس‬      ‫كالرب عارفين الخير والشر‪.‬‬
                                  ‫وغيره‪ ،‬أن الله أخذ ضل ًعا‬   ‫فرأت المرأة أن الشجرة جيدة‬
    ‫وأ ّن آدم‪ /‬الرجل إنما هو‬   ‫من أضلاعه من شقه الأيسر‬           ‫للأكل وأنها بهجة للعيون‬
 ‫بريء وضحية‪ ،‬وربط المرأة‬        ‫ولأم مكانه لح ًما‪ ،‬وآدم نائم‬    ‫وأن الشجرة شهية المنظر‪.‬‬
                               ‫لم يهب من نومته‪ ،‬حتى خلق‬           ‫فأخذت من ثمرها وأكلت‬
      ‫بالحية وبإبليس‪ ،‬جعل‬         ‫الله من ضلعه تلك زوجته‬         ‫وأعطت رجلها أي ًضا معها‬
     ‫الثقافة عبر تقادم الزمن‬    ‫حواء‪ ،‬فسواها امرأة ليسكن‬
     ‫تحكم على المرأة بالذنب‪،‬‬    ‫إليها‪ ،‬فلما كشف عنه السنة‬          ‫فأكل‪ .‬فانفتحت أعينهما‬
   ‫وتلحق بها أبشع الصفات‬           ‫وه ّب من نومته رآها إلى‬     ‫وعلما أنهما عريانان فخاطا‬
    ‫كالخيانة والمكر والنقص‬        ‫جنبه‪ ،‬فقال فيما يزعمون‬      ‫أوراق تين ووضعا لأنفسهما‬
   ‫والغواية‪ ،‬وصار ينظر لها‬         ‫والله أعلم‪ :‬لحمي ودمي‬
  ‫على أنها جسد شبقي تزينه‬                                                     ‫مآزر”(‪.)4‬‬
    ‫الشهوة‪ ،‬وتحرقه الرغبة‪،‬‬                   ‫وزوجتي”(‪.)5‬‬       ‫أ ّما في الميثولوجيا الإسلامية‬
  ‫وتستهويه اللذة‪ .‬فهو جسد‬        ‫ونجد القصة نفسها تتك ّرر‬     ‫والتي نرى نصوصها منقولة‬
  ‫ُوجد لممارسة لعبة الجنس‪.‬‬
 ‫ومع أ ّن ممارسة آدم وحواء‬                                                    ‫عن التوراة‬
     ‫للجنس لم تكن سببًا في‬                                                   ‫ومتأثرة بها‬
  ‫طردهما من الجنة‪ ،‬بل أكل‬                                                  ‫في قصة الخلق‬

                                                                               ‫والخطيئة‪،‬‬
                                                                             ‫فقد جاء على‬
                                                                           ‫لسان الطبري‪:‬‬
                                                                            ‫“وأسكن آدم‬
                                                                             ‫الجنة‪ ،‬فكان‬
                                                                              ‫يمشي فيها‬
                                                                              ‫وح ًشا ليس‬
                                                                           ‫له زوج يسكن‬

                                                                               ‫إليها‪ ،‬فنام‬
   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181