Page 180 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 180

‫العـدد ‪24‬‬                             ‫‪178‬‬

                                ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬                        ‫تح ّولت فيه الأسطورة إلى‬
                                                                 ‫أدلوجة زادت الرجل فحولة‬
     ‫بالغت في الإساءة إليها‪،‬‬     ‫راعية المعماريين والنجارين‬
     ‫واعتبار جسدها شكوة‬          ‫والن ّساجين والحائكين‪ ،‬كما‬        ‫ذكورية وهيمنة سلطوية‪،‬‬
   ‫من العفن‪ ،‬ولم تر إليها إلاّ‬                                  ‫وزادت المرأة امتها ًنا وتدهو ًرا‬
    ‫كموضوع للجنس‪ ،‬وهي‬                ‫حمت الخيول والثيران‪.‬‬        ‫في وضعها الاجتماعي‪ .‬فبعد‬
    ‫أصل الخطيئة وسبب في‬               ‫وتدين شجرة الزيتون‬
      ‫نزول آدم إلى الأرض‪.‬‬                                            ‫أن كانت سيدة المقام في‬
    ‫وإذا ما بحثنا عن صورة‬                 ‫بثمارها إليها»(‪.)14‬‬     ‫الأساطير القديمة‪ ،‬أصبحت‬
     ‫المرأة في المخيال العربي‬         ‫وقد ص ّورت الأساطير‬       ‫مختزلة في جسد مليء بالشر‪،‬‬
  ‫القديم‪ ،‬وكشفنا عن تصور‬             ‫المرأة عمو ًما إلهة وملكة‬   ‫ولكنه الش ّر الذي لا ب ّد منه‪.‬‬
     ‫العرب للجسد الأنثوي‪،‬‬          ‫وزوجة وفية وأ ًّما عظيمة‬      ‫وخلا ًفا للتصورات القاصرة‬
                                ‫وبطلة قومية‪ ،‬وأقصت تما ًما‬
        ‫لألفيناه منحص ًرا في‬        ‫جسدها الأنثوي ذا البعد‬          ‫والجزئية التي نظرت إلى‬
                  ‫منظارين‪:‬‬       ‫الشهواني‪ ،‬فه ّمشته رغم أن‬            ‫المرأة كموضوعة للعبة‬
                                  ‫نساء الأساطير ك ّن فاتنات‬
   ‫أ‪ -‬أن يكون جس ًدا مغر ًيا‪،‬‬        ‫الحسن والجمال‪ ،‬ولكنه‬         ‫الجنس فقط‪ ،‬فقد ص ّورتها‬
  ‫فاتن الجمال وبالغ ال ّصبا‪،‬‬    ‫جمال لا يقودهن إلى الرذيلة‪،‬‬          ‫بعض الأساطير القديمة‬
                                  ‫بل فقط إلى القيام بالأفعال‬         ‫قدم الإنسان نفسه إلهة‬
               ‫ومانح الولد‪.‬‬           ‫النبيلة‪ .‬من هنا‪ ،‬يمكن‬         ‫معبودة تحظى بالتعظيم‬
 ‫ب‪ -‬أن يكون جس ًدا لا غاية‬       ‫القول إ ّن المرأة في الأساطير‬
                                 ‫القديمة امرأة منمذجة‪ ،‬وهي‬        ‫والتقديس والإجلال‪ ،‬بعدما‬
    ‫منه ولا غرض‪ ،‬غاب عنه‬            ‫مثال ُيحتذى به في العفة‬     ‫أقصت عنها جانبها الجسدي‬
   ‫الحسن‪ ،‬وفارقه الخصب‪،‬‬            ‫والشجاعة والبطولة التي‬
                                 ‫تزاحم بطولة الآلهة الذكور‪.‬‬          ‫المحسوس‪ ،‬وح ّولتها إلى‬
     ‫فأصابه العقم والجماد‪.‬‬           ‫ولم تنزل المرأة عن هذا‬        ‫بعد روحي تج ّل في الإلهة‬
‫وقد زخرت الأدبيات العربية‬            ‫العرش الذي ق ّدمته لها‬     ‫الأنثى‪ ،‬رمز الخصب والنماء‬
                                   ‫الميثولوجيات الضاربة في‬         ‫والحب والجمال والحكمة‪،‬‬
  ‫بنصوص تش ّخص الجسد‬            ‫القدم إلاّ من خلال النصوص‬       ‫كأفروديت وعشتار وفينوس‬
  ‫الأنثوي الفاتن الذي يحوي‬         ‫الكهنوتية والتوراتية التي‬
‫كل مواصفات الجمال‪ .‬وتفنن‬                                             ‫وديانا‪ ..‬فأثينا مث ًل إلهة‬
 ‫العرب منذ القدم في تجزيء‬                                         ‫العواصف والبروق «كانت‬
  ‫هذا الجسد‪ ،‬وتصويره بكل‬                                        ‫وظائفها متعددة‪ ،‬فهي المب ّجلة‬
                                                                ‫بين المعبودات‪ ،‬بصفتها الإلهة‬
   ‫تفاصيله صعو ًدا ونزو ًل‪.‬‬
                                                                           ‫المقاتلة‪ ،‬وبصفتها‬
                                                                                ‫إلهة الفنون‬

                                                                          ‫والسلم‪ ،‬وبصفتها‬
                                                                                ‫إلهة التفكير‬
                                                                                ‫الحكيم‪ .‬كما‬

                                                                          ‫كانت حامية المدن‬
                                                                           ‫وحارسة المعابد‪،‬‬

                                                                                ‫وحمت أثينا‬
                                                                           ‫الهادئة صناعات‬
                                                                            ‫متعددة‪ .‬وكانت‬

                                                                             ‫قبل أن تشتهر‬
                                                                               ‫المرأة العاملة‬
   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185