Page 179 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 179

‫والنماء‪ ،‬فهي التي لها القدرة‬                     ‫غضاضة»(‪.)11‬‬                 ‫يمارس كطقس ديني‬
   ‫على الحمل والوضع‪ ،‬وهي‬                   ‫ولو عدنا إلى التاريخ‬             ‫جاد بعي ًدا عن الرخص‬
      ‫قدرة لا يملكها الرجل‪.‬‬           ‫العربي الإسلامي لوجدنا‬               ‫والدعارة‪ ،‬تمارسه بنات‬
   ‫وقد حملت الأساطير هذه‬               ‫مثل هذا النظام قائ ًما عند‬        ‫الطبقة الاجتماعية النبيلة‪،‬‬
   ‫الدلالات ورسختها بفضل‬            ‫الخلفاء والوزراء‪ ،‬وهو نظام‬          ‫ويحظين بذلك بشرف كبير‬
 ‫الطقوس التي كانت تقام في‬          ‫الجواري‪ ،‬فقد احتلت الجارية‬           ‫يرشحهن للزواج من أكابر‬
  ‫الاحتفالات الدينية خاصة‪.‬‬          ‫المملوكة في المجتمع العباسي‬       ‫القوم بعد الانتهاء من طقوس‬
    ‫وهنا يصادفنا ما «يرويه‬             ‫مكانة لم ترق إليها حتى‬           ‫الجنس المقدس والعبادة في‬
     ‫يونج عن بعض القبائل‬                ‫الزوجة الح ّرة‪ .‬وكان في‬
      ‫الاسترالية من أنهم إذا‬       ‫كثير من الأحيان ُيعت ّد برأيها‬                     ‫الهيكل»(‪.)10‬‬
  ‫جاء الربيع يحفرون حفرة‬             ‫في أمور السياسة وشؤون‬                 ‫إ ّن ممارسة الجنس عند‬
     ‫في الأرض‪ ،‬ويحيطونها‬                ‫الرعية والبلاد‪ .‬ولم تكن‬
    ‫بالشجيرات لتمثل عضو‬            ‫ممارسة الجنس مع الجواري‬                   ‫الشعوب القديمة كان‬
   ‫الأنثى‪ ،‬ويرقصون حولها‬               ‫فع ًل آث ًما لأنها كانت مما‬       ‫نو ًعا من التمرين الروحي‬
   ‫طول الليل‪ ،‬وهم ممسكون‬                                                 ‫للتقرب من الآلهة‪ ،‬من هنا‬
    ‫بالحراب أمامهم في هيئة‬                      ‫ملكت أيمانهم‪.‬‬           ‫تنبع قداسته‪ ،‬ولم يكن أب ًدا‬
       ‫تمثل عضو الذكر‪ ،‬ثم‬                ‫هكذا نرى أ ّن ممارسة‬             ‫ينظر إليه نظرة احتقارية‬
   ‫يقذفونها في الحفرة‪ ،‬وهم‬             ‫الجنس قدي ًما كانت فع ًل‬         ‫إلاّ حين تح ّولت الفطرة إلى‬
   ‫يصيحون‪« :‬ليست حفرة‪،‬‬               ‫له قداسته وإجلاله‪ ،‬وغالبًا‬          ‫أيديولوجيا موجهة وجهة‬
  ‫ليست حفرة‪ ،‬بل فرج»(‪.)13‬‬                ‫ما كانت هذه الممارسة‬          ‫ذكورية‪ .‬لهذا عملت الكنائس‬
      ‫وهذا إن د ّل على شيء‬          ‫مصحوبة بطقوس تزيد من‬
      ‫إنما يد ّل على تصورهم‬             ‫حرارة اللقاء بين الرجل‬             ‫في القرون الوسطى على‬
    ‫للجسد الأنثوي باعتباره‬          ‫والمرأة كالرقص والموسيقى‬             ‫تسخير البغايا والمحظيات‬
   ‫مانح الحياة‪ ،‬وأداة التكاثر‬          ‫والعري التام أو الجزئي‪،‬‬           ‫لرغبات الجمهور ترسي ًخا‬
   ‫والتناسل‪ ،‬وعلى مفهومهم‬             ‫خاصة وأ ّن هذا الأخير لم‬            ‫منها لفكرة إخضاع المرأة‬
                                    ‫يكن بالفعل الفاضح كما هو‬           ‫جنسيًّا وجعلها تابعة لسلطة‬
‫للجنس باعتباره حاجة ملحة‬             ‫الآن في المجتمعات الحديثة‪.‬‬
   ‫تشبع غرائزهم‪ ،‬وتزيدهم‬               ‫فنجد مث ًل «أ ّن العري لم‬                          ‫الرجل‪.‬‬
                                       ‫يكن بالظاهرة المثيرة عند‬          ‫«ففي القرن السابع عشر‬
  ‫قوة وعد ًدا‪ .‬ولا ندري كيف‬         ‫قدماء المصريين‪ ،‬فلقد كانت‬             ‫والثامن عشر‪ ،‬كان نظام‬
   ‫تح ّول الجنس من طبيعته‬           ‫الفتيات يرقصن وه ّن عرايا‪،‬‬          ‫المحظيات يحظى بشيء من‬
                                    ‫أو مرتديات عباءات مفتوحة‬               ‫رضى الكنيسة ومباركة‬
 ‫الفطرية الغريزية إلى مفهوم‬             ‫من أمام ‪-‬حول القارب‬             ‫السلطات الحاكمة‪ ،‬وتمتّعت‬
   ‫أيديولوجي ارتبط مباشرة‬           ‫المقدس‪ -‬أثناء إجراء المراسم‬          ‫المحظيات باحترام وتقدير‬
                                   ‫الدينية وبمصاحبة الموسيقى‪،‬‬
       ‫بالمرأة والرذيلة إذا لم‬      ‫وك ّن يعملن بعريه ّن التام أو‬           ‫لم تكن تحظى به حتى‬
    ‫يكن مؤط ًرا بإطار الزواج‬          ‫الجزئي‪ ،‬على طرد الأرواح‬          ‫الزوجات‪ .‬وصار المتزوجون‬
 ‫الشرعي‪ .‬والملاحظ أن تطور‬
‫المجتمعات الإنسانية بداية من‬                     ‫الشريرة»(‪.)12‬‬            ‫يشكلون الغالبية العظمى‬
 ‫المجتمع البدائي الأول مرو ًرا‬       ‫ولطالما ُنظر إلى المرأة قدي ًما‬     ‫من نسبة الرجال المتخذين‬
‫بالمجتمع الزراعي وصو ًل إلى‬                                              ‫محظيات وسراري‪ .‬وكان‬
 ‫المجتمع الصناعي الرأسمالي‬              ‫على أنها رمز للخصوبة‬
     ‫قد استتبع تح ُّو ًل ثقافيًّا‬                                            ‫القساوسة يحتفظون‬
                                                                      ‫بالمحظية‪ ،‬ويظهرون معها في‬
                                                                        ‫الأماكن العامة والاحتفالات‬
                                                                       ‫الرسمية ولا يجدون في ذلك‬
   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184