Page 174 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 174
العـدد 24 172
ديسمبر ٢٠٢٠ د.طانية حطاب
تتمركز حولها الجسد وجود وعلامة الطغيان الذكوري.. (الجزائر)
جميع المعارف وغرائزية النظر إلى الجسد الأنثوي
والعلوم كعلم وثقافة ،له من الخصوصية
النفس ،وعلم ما لا يمتلكه غيره .لا يتحقق
الاجتماع، فعل الوجود العام ويكتمل
والفلسفة، إلاّ بوجود الجسد الإنساني
والدين ،والفن، وتحقق كينونته .والتعامل مع
والأنثروبولوجيا الجسد فيه من الخصوصية
وغيرها ..وهو الشيء الكثير ،خاصة إذا كان
قبل ذلك كله ،بداية الأمر متعل ًقا بالجسد الأنثوي
للوجود ومكمنه، الذي يملك تميّزه التاريخي
وموطن للوجدان والثقافي والاجتماعي .غير
والذاكرة.
قد ُينظر إلى الجسد أ ّن المتتبع للفكر الإنساني
ظاهر ًّيا ،كما قد ينظر له في مساره التاريخي يلفي
باطنيًّا بما يحويه من ألغاز، نظرة دونية للمرأة وجسدها
وما يحمله من أسرار .ولهذا
فإ ّن التعامل معه من أصعب بشكل يجعل منها ومن
ما يكون ،إذ لا يمكن بمكان أنوثتها موضع شك وارتياب،
أن نتعامل مع الجسد إ َّل من
خلال سياقاته التاريخية ويربط بينها وبين الجنس
والاجتماعية والثقافية.. الذي هو ضرورة بيولوجية
فهو بهذا المعنى «كيان ثقافي
متع ّدد ،يستوجب منظورية ملحة رب ًطا فيه الكثير من
تحليلية لا تغيّب الطابع التدنيس بعد أن كان الجنس
المعرفي والفكري الذي طق ًسا مقد ًسا لدى الشعوب
يخترقه»(.)1 والحضارات القديمة السابقة.
في بداية التعاطي مع الجسد تحاول هذه الورقة الكشف
باعتباره كيا ًنا موح ًدا،
تطالعنا ثنائية (الذكر/ عن موقع الجسد الأنثوي
الأنثى) أو (الرجل /المرأة)، في الفكر الإنساني ،وتسليط
وهي أول مظهر من مظاهر
التخصيص لهذه الوحدة التي الضوء على فعل التصميت
يتميّز بها الجسد .والحقيقة الذي طال هذا الجسد في ظل
أ ّن مثل هذا التمييز يرجع إلى وجود ثقافة ذكورية سائدة،
اختلاف جسديهما بيولوجيًّا،
فكل منهما له صفات جسدية ومحاولة تغريب الجنس
ومعنوية مختلفة عن الآخر. بطريقة فيها الكثير من العنف
فإذا كان جسد الرجل مميّ ًزا
والجور.
مركزية الجسد في
الفكر الإنساني
إ ّن الحديث عن الجسد إ ّنما
هو حديث عن علامة فارقة
تجتمع عندها كل العلامات
وتلتقي .إ ّنه البؤرة التي