Page 169 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 169

‫‪167‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫الأديب مجهول وبمعنى آخر‪،‬‬        ‫وفجاجة‪ ،‬وعدم تو ُّفر الرعاية‬         ‫زولا‪ ،‬ورواية (ماجي)‬
 ‫للرواية ‪-‬ابنة الحرام!‪ -‬عدد‬     ‫للأطفال‪ ،‬هو العامل الرئيسي‬       ‫الأمريكية في القرن التاسع‬
  ‫لا بأس به من الأدباء‪ .‬كان‬                                       ‫عشر عن فتاة ليل ُمعدمة‪،‬‬
 ‫موضوع الرواية يتحدث عن‬              ‫في نشأة البغاء‪ ،‬وعندما‬     ‫ثم إلى الأدب الإنجليزي عند‬
‫حب رجل لآخر‪ .‬حب بالمعنى‬              ‫تتخلل هذه الشخصيات‬           ‫نهاية القرن التاسع عشر‬
‫المفهوم بين ذكر وأنثى! لكنها‬       ‫الطبقة البرجوازية تواجه‬       ‫في مسرحية (مهنة السيدة‬
 ‫كانت جزلة الأسلوب‪ ،‬بارعة‬          ‫كل شخصية نو ًعا مختل ًفا‬    ‫وارن) لبرنارد شو‪ ،‬ونماذج‬
  ‫الصياغة‪ ،‬خارقة في وصف‬           ‫من العشاق‪ ،‬مما يحدث في‬       ‫من الأدب الروسي في القرن‬
                                    ‫النهاية ج ًّوا من الفوضى‬     ‫العشرين مثل رواية (ياما)‬
      ‫العواطف‪ ،‬تجاوزت في‬             ‫الجنسية وعدم وضوح‬          ‫لألكسندر كوبرين‪ ،‬و(تغيير‬
 ‫سعتها أقصى ما كتب حتى‬            ‫الرؤية للقيم الأخلاقية‪ .‬أما‬  ‫شركاء الحياة) لأديب النمسا‬
  ‫لحظة صدورها من مشاهد‬           ‫العوامل التي أدت إلى تغيير‬     ‫آيثر شنيتزلر‪ ،‬وحتى رواية‬
 ‫حسية‪ ،‬وكانت ثقافة الكاتب‬       ‫مسار الدعارة في لندن القرن‬       ‫(عوليس) لجيمس جويس‪.‬‬
  ‫الذي لم تتأكد هويته عميقة‬      ‫السابع عشر‪ ،‬أي في العصر‬        ‫في مسرحية (تغيير شركاء‬
  ‫سهرة أضافت حدة ح ّراقة‬           ‫الحديث عمو ًما‪ ،‬هو زيادة‬     ‫الحياة) أو(تبديل الازدواج)‬
 ‫إلى السرد‪ ،‬الفكرة الح ّساسة‬       ‫استقلال المرأة‪ ،‬واكتشاف‬     ‫للأديب النمسوي (شنيتزلر)‬
  ‫قد عولجت بطريقة شديدة‬          ‫أمريكا الذي أدى إلى انتشار‬      ‫تعتمد فكرة مسرحيته على‬
                                   ‫مرض الزهري‪ ،‬فكما تبدأ‬          ‫لقاء الشاب أو الشابة مع‬
   ‫الإقناع عن العلاقة الآثمة‬       ‫الآن التكنولوجيا المتقدمة‬      ‫شابة أخرى أو شاب آخر‬
     ‫بين شاب باريسي ثري‬           ‫في القضاء على نفسها‪ ،‬بدأ‬      ‫على سبيل التدرج في السلم‬
    ‫يدعى دي جريو وعازف‬                                           ‫الاجتماعي‪ ،‬وبالتالي تحدث‬
   ‫البيانو تيليني‪ .‬و ُكتب عنها‬           ‫التحرر يخلق القيد‪.‬‬    ‫لقاءات حميمة يتصاعد معها‬
    ‫أنها رواية سوف ترتقي‪،‬‬            ‫أوائل عام ‪ 1890‬انتهى‬         ‫التوتر الدرامي‪ ،‬بشكل ما‬
 ‫بلا ريب‪ ،‬إلى القمة من حيث‬         ‫أوسكار وايلد من روايته‬       ‫كما ناقش (نجيب محفوظ)‬
  ‫الإنجاز‪ ،‬ويمكن القول دون‬           ‫الأشهر صورة دوريان‬
  ‫مبالغة‪ ،‬إنها كانت قفزة قل‬     ‫جراي‪ ،‬وفي نهاية نفس العام‬          ‫مبدأ المروءة والغيرة على‬
‫نظيرها في الأدب الإيروتيكي‬        ‫ظهرت رواية أخرى مثيرة‬         ‫الزوجة من خلال شخصية‬
                                    ‫للجدل بعنوان (تيليني)‪،‬‬
                ‫الإنجليزي‪.‬‬       ‫قيل عنها في منشور أصدره‬           ‫(محجوب عبد الدائم) في‬
       ‫وقتها‪ ،‬أشير إلى قصة‬        ‫الموزع والناشر الإنجليزي‬       ‫روايته (القاهرة ‪ ،)30‬فإن‬
    ‫الكتاب بشكل صريح في‬            ‫ليونارد سميذرز بعد ذلك‬        ‫(شنيتزلر) ُيناقش الأجواء‬
‫مقدمة الطبعة الإنجليزي عام‬        ‫بثلاثة أعوام‪ ،‬إنها بلا شك‪،‬‬    ‫الاجتماعية في فيينا منذ عام‬
  ‫‪ ،1966‬لمحة تاريخية كتبها‬          ‫من أقوى وأذكى ما كتب‬         ‫‪ ،1900‬ويسأل كيف تنشأ‬
     ‫مونتجومري هايد يقول‬        ‫من روايات إيروتيكية باللغة‬
‫فيها إنه في حدود عام ‪1889‬‬         ‫الإنجليزية خلال السنوات‬                        ‫العاهرة؟‬
 ‫جاء إلى لندن ناشر فرنسي‬             ‫المنصرمة‪ ،‬كاتبها أديب‬          ‫إن الدراسات المعاصرة‬
      ‫اسمه تشارلز هرتس‪،‬‬           ‫ذو خيال مثير‪ ،‬أبدع قصة‬         ‫تقول إن العاهرة لا تنحدر‬
     ‫افتتح مكتبة أطلق عليها‬        ‫مدهشة‪ُ ،‬بنيت إلى حد ما‪،‬‬        ‫من طبقة اجتماعية معينة‪،‬‬
  ‫اسم المكتبة الباريسية لبيع‬     ‫على موضوع عولج من قبل‬            ‫ولكن هناك أدلة قوية على‬
  ‫المطبوعات الفرنسية‪ ،‬لاقت‬      ‫أديب مشهور مات قبل بضع‬               ‫أن البيئة التي يسودها‬
‫روا ًجا لسنوات كثيرة‪ ،‬وكان‬       ‫شهور! والمشكلة هي أن هذا‬           ‫الفقر والتفكك الأسرى‬
    ‫من أول زبائنه وأكثرهم‬                                           ‫وما يتبعهما من فظاعة‬
   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174