Page 164 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 164
العـدد 24 162
ديسمبر ٢٠٢٠ وتتأكد هذه الفكرة عندما
نلحظ أن الكاتب لم يكن
الكتابة والقراءة إلى نوع في هذه المدينة الذين يستخدم المجاز الأدبي
من الممارسة الجنسية. يتجاوزون مرحلة الكبت
فالإبداع الحقيقي هو الذي الجنسي يجدون أنفسهم للتعبير عن الجنس ،بنحو
ينجح في الإفلات من أسر ما كان يصنع محفوظ،
الواقع المبتذل والتحليق في مسافة لا يمثل فيها بقدر ما كان يستخدم
باللغة إلى آفاق جمالية الجنس إلا فر ًعا صغي ًرا
من فروع الصداقة .يتحول المجاز الجنسي للتعبير عن
أبعد. الجنس إلى ما يشبه اللبونة الواقع وموقفه المتمرد منه،
والمعيار هو قدرة المبدع الدائمة« .كيكو» تداعب
ظهري ،وأشعر بالإثارة فيقول« :إذا كنت تنوي
على تقديم صور غير بين فخذي» (ص.)143 الانتقام من حارس البناية
مباشرة للجنس ،تعتمد وعلى ذلك يكثر ناجي من أو الجيران أو مالك الشقة،
على التلميح بنحو أكثر، الحديث عن العالم السفلي
بحيث يضع الكاتب نفسه للمدينة والنصف السفلي فالأفضل أن تنتقم من
على مسافة من الوقائع للبشر من ساكني المدينة. المجتمع المشوه كله .أطلق
التي يسردها العمل ،بل رصاصة واحدة فقط على
ويأخذ القاري معه إلى هذه والحقيقة أن مشكلة هذا المجتمع .صوبه بدقة
المسافة بد ًل من توريطه الجنس في الأدب ،هى ،في في خصية المجتمع ،ف ّجر
في التلصص على عورات كيس الصفن حيث تتكاثر
البشر وعوالمهم السرية. الأخير ،مشكلة لغة قبل حيواناته المنوية القذرة»
وفي النهاية ،لا يمكننا أن أن تكون مشكلة موضوع.
ننكر أن «تابو» الجنس (ص.)64
له حضوره وجاذبيته والنقاد الذين دافعوا عن فالرواية مليئة بالعبارات
في الوعي الجمعي ،وأن أحمد ناجي ،مستندين
الاقتراب منه ومحاولة إلى أنه لم يخترع اللغة، الجنسية الصريحة
اختراقه من قبل المبدعين وإنما استخدمها فقط، التي يستخدمها الكاتب
مسألة فيها من الإثارة لأنها موجودة مسب ًقا،
ومن التشويق ما يضمن للكشف عن عورات
لهم الشهرة والانتشار لم يفرقوا بين لغة الأدب المدينة ،العاهرة ،وناسها
السريع ،غير أن الرهان ولغة الواقع .فربما يجوز الضائعين ،ماد ًّيا واخلاقيًّا.
الاستعانة بمفردات واقعية
يكون أجدى لو نجح مستهلكة من أجل إضفاء ويكفي أن تدرك ،وفقا
الكاتب في الاستفادة من لتصوير الكاتب ،أن
مزيد من المصداقية على
الأبعاد الأكثر عم ًقا في العمل ،لكن في موضوع جغرافية المدينة عبارة عن
فكرة الجنس بنحو ما خريطة معمارية لأماكن
فعل نجيب محفوظ وجيل الجنس يختلف الأمر، اللهو والدعارة ،كما أن
كما ذكرنا ،لأن الاستعانة العلاقات بين البشر ،هي
الرواد بالمفردات الجنسية المبتذلة، في التحليل الأخير ،علاقة
خاصة في المواقف السرية مضاجعة ،فيقول في أحد
من حياة البشر ،لن تضفي المواضع« :والصداقة
أية جمالية على موضوع
العميقة الموثقة بدم الحيض
العمل ،ولن تؤدي إلى والحيوانات المنوية الجافة
تعميق معناه ،بقدر ما
ستهبط بمستوى اللغة كانت خياري أنا وموني
الإبداعية وتحيل فعلي مي» (ص .)81ويقول في
موضع آخر« :المحظوظون