Page 175 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 175

‫الملف الثقـافي ‪1 7 3‬‬

      ‫وكيان مازوشي يتلذذ‬        ‫بقوته وعضلاته‬
          ‫بسادية الرجل»(‪.)3‬‬
                                ‫وصلابته‪ ،‬فإ ّن جسد‬
  ‫وغير خاف‪ ،‬أ ّن التمييز بين‬
   ‫الرجل والمرأة لم يكن وليد‬    ‫المرأة مميّز برقته‬
 ‫التمايز الجنسي المفضي إلى‬      ‫وليونته وتضاريسه‬
  ‫التكامل البيولوجي بينهما‪،‬‬
‫بل هو وليد الثقافة المجتمعية‬    ‫التي تجعل من المرأة‬
‫والتراكمات الفكرية‪ ،‬والنظرة‬
                                ‫أنثى‪ ،‬لأنه ليس كل امرأة‬         ‫الإلهة أثينا لمعبد‬
    ‫الاستعلائية للرجل تجاه‬                                         ‫البارثنون‬
‫المرأة‪ .‬تلك النظرة التي جعلته‬   ‫أنثى‪« ،‬فالتأنيث –إذن‪ -‬صفة‬

     ‫يقصيها على الصعيدين‬        ‫للجسد تعرض له وتلابسه‪،‬‬
  ‫الفكري والثقافي‪ ،‬ويختزلها‬
                                ‫ث ّم تزول عنه وتغادره‪.‬‬
        ‫في مجرد جسد مليء‬        ‫فإذا قيل عن المرأة إنها أنثى‬
‫بالشهوة والفتنة ُوجد أسا ًسا‬
                                ‫فهذا يعني أنها تتصف‬
                  ‫لإرضائه‪.‬‬
                                ‫بصفات الأنوثة المعتبرة‬
‫المرأة وفعل التصميت‬
 ‫في الثقافة الذكورية‬            ‫ثقافيًّا‪ .‬ولا تطلق هذه الصفة‬
                                ‫على أ ّي امرأة‪ ،‬ولا يقال هذه‬
     ‫تعود جذور هذه النظرة‬         ‫امرأة أنثى إلاّ للكاملة من‬
     ‫الدونية تجاه المرأة أو ًل‬
     ‫إلى فكرة خلق حواء من‬               ‫النساء»(‪.)2‬‬
  ‫ضلع آدم‪ ،‬وهو ضلع أعوج‬
     ‫من الجهة اليسرى‪ .‬وقد‬       ‫ولأ ّن جسد الرجل غير مثير‬
     ‫ر ّسخت هذه الفكرة كل‬
    ‫من الميثولوجيا التوراتية‬    ‫لما فيه من خشونة وصلابة‪،‬‬
     ‫والميثولوجيا الإسلامية‪.‬‬
 ‫وثانيًا‪ ،‬إلى فكرة خروج آدم‬     ‫نصيب‬    ‫و ُجعلت الإثارة من‬
  ‫من الجنة بسبب حواء‪ ،‬أي‬          ‫كلّه‬  ‫المرأة‪ ،‬فإ ّن الاهتمام‬
‫إلى فكرة الخطيئة الأولى‪ .‬جاء‬
    ‫في التوراة‪“ :‬فأوقع الرب‬     ‫انص ّب على جسدها باعتباره‬
   ‫سبا ًتا على آدم فنام‪ .‬فأخذ‬   ‫موطن الإثارة والرغبة‬
    ‫واحدة من أضلاعه وملأ‬
‫مكانها لح ًما‪ .‬وبنى الرب الإله‬  ‫واللذة‪ .‬واختزلت النظرة‬
  ‫الضلع التي أخذها من آدم‪،‬‬
   ‫امرأة‪ .‬وأحضرها إلى آدم‪.‬‬      ‫إلى المرأة لا ككيان له هويته‬
 ‫فقال آدم هذه الآن عظم من‬
   ‫عظامي‪ ،‬ولحم من لحمي‪.‬‬         ‫وذاتيته المقدسة والمستقلة‬
   ‫هذه تدعى امرأة لأنها من‬
                                ‫والمساوية لهوية الرجل‪،‬‬

                                ‫بل ُنظر إليها من خلال‬
                                        ‫منظارين‪:‬‬

                                ‫أ‪ -‬المرأة كموضوع للرغبة‬

                                ‫والغواية‪ ،‬ومصدر للفتنة‪،‬‬

                                ‫وبؤرة أثيرة للمشاهدة‬

                                    ‫والحديث م ًعا‪ ،‬ذلك أن‬
                                ‫حضورها مقترن بجغرافية‬

                                ‫جسدها‪ ،‬وتضاريس عريها‪،‬‬

                                ‫التي لا تحترز عين من‬

                                ‫َجوبه‪ ،‬وإطالة النظر إلى‬
                                ‫نتوءاته وتجاويفه (‪)..‬‬

                                ‫ب‪ -‬المرأة كذات مرصودة‬

                                ‫للألم‪ ،‬وجسدها مباح للعنف‪،‬‬
   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180