Page 185 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 185

‫الملف الثقـافي ‪1 8 3‬‬

  ‫واشتهر به خلفاء بني أمية‬       ‫النبي –ص‪ -‬وهنا تظهر آيات‬         ‫ما يعنينا من هذا «التحرر»‬
                 ‫ومارسوه‪.‬‬            ‫الملاعنة‪ ،‬وتفهم من كتب‬     ‫في العلاقات المقررة عر ًفا هو‬
                                                                  ‫ما يترتب عليها من إنجاب‪،‬‬
   ‫في كتاب الأغاني في أخبار‬      ‫التراث أن «التحرر الجنسي»‬
   ‫الشاعر عمار ذي كبار أن‬          ‫لم يتم ردعه على أيام النبي‬      ‫والقول بأن هذا الولد ابن‬
  ‫الخليفة هشام بن عبد الملك‬        ‫–ص‪ -‬تما ًما‪ ،‬وآيات تحريم‬        ‫فلان ابن فلان‪ ..‬إلخ‪ ،‬ففي‬
 ‫(‪125 -17‬هــ) والوليد بن‬                ‫الزنا وكلام النبي عن‬    ‫مثل هذه الأحوال تبدو فكرة‬
 ‫يزيد (‪1126 -90‬هــ) كانا‬             ‫الشيطان بحضرة الرجل‬         ‫النسب محل شك‪ ،‬ومن هنا‬
   ‫ينشدان شعره في مجلس‬              ‫والمرأة كا ٍف لتأكيد وجود‬
 ‫الخلافة‪ ،‬ويقول الراوي بعد‬              ‫هذا الخيال المنحرف‪.‬‬         ‫ستجد العبقرية في جعل‬
‫سماع الوليد شعره الساقط‪:‬‬                ‫ومع ظهور الفتوحات‬             ‫علاقات النسب (علاقة‬
  ‫«فضحك الوليد حتى سقط‬               ‫الإسلامية يظهر السبي‪،‬‬            ‫رحم)‪ ،‬وليست (علاقة‬
                                    ‫وتدخل السبايا في مسرح‬          ‫خصية)‪ ،‬مث ًل‪ ،‬لأن الصلة‬
     ‫على قفاه‪ ،‬وصفق بيديه‬          ‫الخيال الجنسي عند العرب‬        ‫من جهة الرحم (الأم) هي‬
     ‫ورجليه وأمر بالشراب‬              ‫مبك ًرا‪ ،‬فتحدث تحولات‬       ‫الأصدق‪ ،‬وما يمكن إثباته‪،‬‬
 ‫فأحضر‪ ،‬وأمرني بالإنشاد‪،‬‬           ‫اجتماعية كبرى‪ ،‬ويظهر في‬         ‫أما نسب المولود من جهة‬
  ‫فجعلت أنشده هذه الأبيات‬          ‫الفقه أبواب تنظم العلاقات‬        ‫أبيه فبتغليب الظن‪ ،‬وهنا‬
  ‫وأكررها عليه‪ ،‬وهو يشرب‬           ‫الجنسية بين السيد وإمائه‬           ‫يطرأ على الذهن حديث‬
   ‫ويصفق حتى سكر‪ ،‬وأمر‬                                           ‫النبي –ص‪« -‬الولد للفراش‬
‫بحلتين وثلاثين ألف درهم»‪.‬‬        ‫وبين العبيد والإماء‪ ،‬وسيبدو‬    ‫وللعاهر الحجر»‪ ،‬وفيه نسبة‬
  ‫أما هذا الشعر الذي سمعه‬         ‫لك أن الفقه كان متواطئًا مع‬      ‫الولد للزوج برغم أن هذه‬
  ‫خليفة المسلمين‪ ،‬فهو أبيات‬       ‫فعل السبي‪ ،‬ومهما قيل من‬        ‫النسبة لا يقرها إلا الزواج‪،‬‬
  ‫في وصف فرج عاهرة ذات‬           ‫تبريرات للسبي وتحسين له‬          ‫وحتى لو ادعى العاهر أنه‬
    ‫خبرة بفن الجماع‪ ،‬ولغة‬        ‫ستبدو كتب الفقه محل اتهام‬       ‫أبو هذا المولود‪ ،‬فله الحجر‪،‬‬
      ‫الأبيات رديئة‪ ،‬ومنها‪:‬‬      ‫بتمرير هذا الفعل الا أخلاقي‪.‬‬    ‫أي (فليذهب للجحيم)‪ .‬وهنا‬
‫لم تر العين مثله في منام ولا‬                                         ‫فإن (صلة الرحم) بين‬
                                           ‫المهم أنه مع ظهور‬       ‫أبناء هذه المرأة هي الوجه‬
                       ‫كذا‬       ‫(الجواري) في الثقافة العربية‬     ‫الحقيقي الصادق‪ ،‬وليست‬
    ‫تامكا كالسنام إذ ُب ّذ عنه‬   ‫احتاج العرب إلى زمن بسيط‬       ‫(صلة خصية) مثلا‪ ،‬لأنهم –‬
                                 ‫كي يتم تغيير المزاج العربي‪،‬‬    ‫ببساطة‪ -‬ليسوا أبناء خصية‬
                     ‫ُم َق ّذذا‬
‫ملء ك ّفي ضجيعها نال منها‬          ‫وعمل بنو أمية على تسريع‬                          ‫واحدة‪.‬‬
                                   ‫هذا التغيير بشدة‪ ،‬فتحولت‬       ‫وجاء الإسلام‪ ،‬وفي أسباب‬
                     ‫تف ّخذا‬       ‫مكة والمدينة أيام بني أمية‬
       ‫طيب ال َع ْرف والمجسة‬     ‫إلى أهم مركز للغناء في العالم‬         ‫نزول الآيات وأسباب‬
                                                                ‫الأحاديث كلام يثير الدهشة‪،‬‬
             ‫واللمس هربذا‬            ‫الإسلامي‪ ،‬وأي مراجعة‬
‫فأجا فيه فيه فيه بأير مثل ذا‬        ‫لكتاب الأغاني تكشف عن‬           ‫كما ورد من أخبار النبي‬
‫ليت أيري وليت ِح ْر ِك جمي ًعا‬      ‫حجم الاستهتار الأخلاقي‬      ‫–ص‪ -‬في النهي عن أن يطرق‬
                                    ‫الذي عاشه إقليم الحجاز‪،‬‬
                     ‫تآخذا‬         ‫وكيف سيطرت دور الغناء‬          ‫الرجل على زوجته لي ًل بعد‬
   ‫فأخذ ذا بشعر ذا وأخذ ذا‬         ‫والرقص والطرب على بيئة‬            ‫الرجوع من السفر‪ ،‬وما‬
                                                                    ‫ترتب على ذلك من ضبط‬
                    ‫بقعر ذا‬           ‫الحجاز‪ ،‬ولم يمر القرن‬         ‫رجال في فراش الزوجية‬
       ‫(تامك‪ :‬مرتفع‪ .‬المقذذ‪:‬‬     ‫الأول إلا بعد أن ظهر المجون‬
    ‫المسوى الحسن‪ .‬ال َعرف‪:‬‬                                        ‫عند عودتهم من الغزو مع‬
     ‫الرائحة‪ .‬فأجا‪ :‬من وجأ‬
   180   181   182   183   184   185   186   187   188   189   190