Page 190 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 190

‫العـدد ‪24‬‬                               ‫‪188‬‬

                                    ‫ديسمبر ‪٢٠٢٠‬‬                            ‫أو تحت ثوبي وتد ناتي‬
                                                                          ‫فد ّب فيه النق ُص واختانه‬
                    ‫َيصفو‬                              ‫الزحف؟‬
‫ستجد نفس الفكرة السابقة‪،‬‬               ‫ويك َس ُل بين الغانيات عن‬              ‫ده ٌر مليء بالخيانات‬
                                                                         ‫هذه أبيات من نص طويل‬
      ‫والنص يفخر ويبتهج‬                                   ‫الذي‬           ‫يصل إلى (‪ )32‬بيتًا يقوم‬
‫بالقوة لكن في سياق الماضي‬                ‫َيت ّم لإخوان السرور به‬          ‫على المقارنة بين «مرزبة»‬

     ‫ويشكو بؤس الحاضر‪،‬‬                                 ‫القصف‬                ‫وهي ُع َصيّة من حديد‪،‬‬
  ‫وسواء أكان ذلك واق ًعا أو‬            ‫ينام على كف الفتاة وتار ًة‬     ‫و(وتد ناتئ)‪ ،‬هذا في الماضي‪،‬‬
‫خيا ًل‪ ،‬فالأدب عالم افتراضي‬
  ‫وما يعنينا فيه هو الصدق‬                ‫له حركات ما ُت ِح ّس بها‬         ‫وهذا كله تحول فأصبح‪:‬‬
    ‫الفني‪ ،‬وأن يشعر المتلقي‬                              ‫الكف‬         ‫(ر ّث الحبل مسترخيا) حاليًا‪،‬‬
   ‫بصدق ما يقرأ‪ ،‬وأن الذي‬
   ‫يقوله الشاعر لو حدث ما‬             ‫كما يرفع الفرخ ابن يومين‬            ‫وبين الطرفين المتضادين‬
   ‫كان يحدث إلا كما يقول‪،‬‬                                ‫رأسه‬         ‫تقع حكايات النجاح في الوطء‬

    ‫ولعل الصياغة الرصينة‬             ‫إلى أبويه ثم يدركه الضعف‬          ‫ساب ًقا‪ ،‬والفشل حاليًا‪ ،‬وهي‬
    ‫والجمال اللغوي وروعة‬             ‫تط ّو َق فوق الخصيتين كأنه‬         ‫نفس الفكرة التي تتكرر في‬
  ‫الصور الشعرية وكثرتها‪،‬‬            ‫ِرشاء على رأس ال ّركيّة ملتف‬
   ‫واستغلال الموروث الفني‬           ‫تقول سليمى حين غيّره البلى‬                   ‫غالب النصوص‪:‬‬
    ‫من جهة بناء النصوص‪،‬‬                                                    ‫طالما قمت كالمنارة تهت ّز‬
    ‫والزج ببقايا من المشاعر‬             ‫وأعقبه من َص ْرف أيامه‬             ‫قيا ًما تسمو إليه العيون‬
 ‫المترسبة في التراث الشعري‬                             ‫صرف‪:‬‬            ‫ر ّب يو ٍم رفع ُت فيه قميصي‬
  ‫من موضوعات عديدة مثل‬                                                   ‫فكأني في مشيتي مختون‬
   ‫الحنين والشكوى والرثاء‬            ‫لئن د ّق واسترخى لقد كان‬             ‫ثم كأطلال الشعراء التي‬
      ‫والغزل والأطلال‪ ،‬لعل‬                                 ‫مر ًة‬
   ‫كل ذلك هو ما جعل لهذه‬                                                       ‫أخنى عليها الزمن‪:‬‬
  ‫التجربة الفريدة في التراث‬             ‫له مقبض في كف لامسه‬            ‫لم يدع منك حاد ُث الدهر إلا‬
   ‫الشعري فرادتها‪ ،‬وهو ما‬                                ‫يجفو‬          ‫جلدة كالرشاء فيها غصو ُن‬
 ‫مكن الشاعر من الوقوف في‬                                               ‫والنموذج الثاني نص كامل‬
  ‫مجالس السادة منش ًدا هذا‬           ‫صبيح َة يغدو للطعان بهامة‬        ‫يقع في ثلاثة عشر بيتًا يصح‬
 ‫الشعر الماجن‪ ،‬الذي لا يملك‬            ‫من الصخر لا قرنان فيها‬
  ‫السامع أمامه إلا الابتسام‪،‬‬                          ‫ولا ِق ْح ُف‬       ‫أن يكون نموذ ًجا دا ًّل على‬
                                                                       ‫شعرية أبي حكيمة ومسلكه‬
                    ‫ساخرًا‬           ‫إذا شئت لاقاني بمت ٍن ُمق ّو ِم‬
                                      ‫ومشحوذ ٍة مث ِل السنان لها‬              ‫الشعري‪ ،‬يقول فيه‪:‬‬
 ‫** ملحوظة‪« :‬غن ّي عن البيان أن‬                                             ‫إذا ُو ِصف ْت من كل أير‬
 ‫(ثقافة وثقافي) هنا بالمعنى العرفي‬                       ‫حرف‬
                                       ‫فمالي أراه ضار ًبا ب ِجرانه‬                        ‫شجاعة‬
     ‫الحديث في قولنا‪ :‬فيلم ثقافي»‪.‬‬  ‫كذي ُسكرة مال ْت به الخمر ُة‬        ‫أبى جبن أيري أن يحيط به‬

                                                       ‫الصر ُف‬                            ‫وصف‬
                                      ‫عزي ٌز عليه أن يقوم لحاجة‬         ‫يفر حذار الزحف من رأس‬
                                     ‫ولو قام لم يتبعه عض ٌو ولا‬
                                                                                          ‫فرسخ‬
                                                         ‫ِع ْط ُف‬          ‫فكيف تراه حين يقترب‬
                                           ‫تك ّد َر عيشي مذ رأي ُت‬

                                                       ‫انحناءه‬
                                         ‫وللدهر أحدا ٌث ُتك ّد ُر ما‬
   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195