Page 191 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 191

‫الملف الثقـافي ‪1 8 9‬‬

  ‫إلى صباه في القوة على الباه)‬    ‫يدفع الغياب النسبي للكتابة‬       ‫الكتابة عن الجنس بين القديم والحديث‬  ‫د‪.‬عقيل‬
   ‫عد ًدا كبي ًرا من الكتابات في‬                                                                        ‫عبد الحسين‬
    ‫هذا المجال من بينها كتاب‬         ‫عن الجسد واللذة الجسدية‬
   ‫الباه للنحلي‪ ،‬وكتاب العرس‬           ‫في السرد العربي الحديث‬                                           ‫(العراق)‬
   ‫والعرائس للجاحظ‪ ،‬وكتاب‬
   ‫الإيضاح في أسرار النكاح‪،‬‬              ‫وتجريمه‪ ،‬إن وجد‪ ،‬إلى‬
      ‫وكتاب جامع اللذة لابن‬          ‫التفكير بنوع من الكتابة في‬
                                    ‫السرد القديم عرفت بالكتابة‬
 ‫السمسماني‪ ،‬وكتاب المناكحة‬            ‫في الباه‪ ،‬ووصف الشهوة‪،‬‬
  ‫والمفاتحة في أصناف الجماع‬         ‫وأوضاع العلاقات الحميمة‪،‬‬
‫وآلاته لعز الدين المسيحي‪ ،‬أي‬       ‫وإلى التساؤل عن سبب تقبلها‬
  ‫أن التأليف في هذا النوع من‬         ‫‪-‬أي تلك الكتابة‪ -‬قدي ًما مع‬
                                     ‫ما نفترضه من تزمت ديني‬
          ‫الكتابة كثير شائع‪.‬‬       ‫شهدته تلك العصور لا يوازي‬
    ‫والكتابة عن الجسد واللذة‬         ‫ما نشهده في عصورنا هذه‬
 ‫الجسدية تشغل مساحات من‬               ‫حتى مع ارتفاع مستويات‬
 ‫معظم كتب الأخبار الاعتيادية‬
   ‫في السابق‪ ،‬فيرد في بعضها‬             ‫التشدد الديني اجتماعيًّا‬
    ‫خبر عن العلاقة الجنسية‪،‬‬              ‫وسياسيًّا‪ ،‬ورفضها في‬
    ‫وعن غرائب تتصل بنساء‬           ‫عصورنا هذه‪ ،‬حتى لنستطيع‬
    ‫شهرن بالمجون‪ ،‬أو رجال‬                ‫أن نحصي المكتوب من‬
 ‫شهروا بالتخنث‪ .‬وإننا نجدها‬        ‫الروايات في الجسد والشهوة‬
  ‫في كتب أخبار كثيرة‪ .‬بل في‬        ‫لقلتها‪ ،‬وحتى لا نجد صعوبة‬
 ‫كتاب يستقصي بلاغة النساء‬           ‫في القول إنها لا تلقى روا ًجا‬
    ‫ويورد نماذج من خطبهن‬              ‫على المستوى الرسمي‪ .‬ولا‬
   ‫وفصيح كلامهن مثل كتاب‬          ‫يكاد يلتفت إليها البحث العلمي‪،‬‬
 ‫«بلاغات النساء» لابن طيفور‬        ‫إلى درجة صرنا نشهد توقف‬
   ‫(ت‪280‬هـ)‪ .‬وليس يتعدى‬                ‫الباحثين عن العناية بهذه‬
   ‫الأمر هنا الإمتاع والترويح‬        ‫الظواهر‪ ،‬وحرص المحررين‬
    ‫عن القارئ‪ .‬ثم هناك كتب‬        ‫على حذف ما يشير إلى الجنس‬
  ‫مخصصة بكاملها لموضوعة‬             ‫والشهوة من ألفاظ صريحة‪.‬‬
     ‫الجنس والرغبة الجنسية‬           ‫وذلك مؤشر على أن ما كان‬
   ‫والشهوة‪ ،‬ومن بينها كتاب‬        ‫مقبو ًل ومتداو ًل‪ ،‬صار محدو ًدا‬
  ‫شهاب الدين أحمد التيفاشي‬          ‫و ُمضا َي ًقا‪ .‬والسؤال هو‪ :‬هل‬
‫(ت‪651‬هـ) (نزهة الألباب فيما‬       ‫يعود سبب التقبل والرفض إلى‬
  ‫لا يوجد في كتاب) موضوع‬            ‫العصر والق ّراء أم إلى طبيعة‬
                                    ‫الأدب؟ وسأؤجل الإجابة إلى‬
                ‫هذه المقالة‪.‬‬       ‫أن أنتهي من استعراض واحد‬
   ‫ومع أن هذه الكتب تتشابه‬         ‫من كتب الباه العربية القديمة‪،‬‬
  ‫في شكلها العام‪ ،‬وهو تضمن‬             ‫هو كتاب أحمد التيفاشي‬
    ‫أخبار صريحة في وصف‬            ‫(ت‪651‬هـ) «نزهة الألباب فيما‬
‫العلاقة الجنسية ‪-‬خاصة غير‬
   ‫الشرعية والشاذة‪ -‬بألفاظ‬                  ‫لا يوجد في كتاب‪”.‬‬
                                  ‫يحصي ابن كمال (ت‪940‬هـ)‬
     ‫صريحة‪ ،‬فإنها تتميز في‬        ‫في مقدمة كتابه (رجوع الشيخ‬
   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195   196