Page 188 - ميريت الثقافية العدد 24 ديسمبر 2020
P. 188
العـدد 24 186
ديسمبر ٢٠٢٠ عنهما إذ يقول إنهما «أخملا
في زمنهما خمسمائة شاعر
الشاعر عند عبد الله بن (جنسيًّا) والمقهورين،
طاهر وتحرشه بغلام ويتحدث طول حياته عن كلهم مجيد».
عبد الله ،وإقامة علاقة ضعف متاعه وضآلة آلته يظهر أبو حكيمة ويعلم أنه
مشبوهة مع الغلام، خامل إن لم يحسن التفكير،
وخيبة مغامراته ،ومن فلن تعينه جودته الشعرية
ولإبعاد نظر عبد الله عن المؤكد أن نفس السامع
الشك في غلامه سارع في وجود زعيم المحدثين
بالحديث عن ضعفه تستجيب مع صاحب وزعيم القدامى :ابي تمام
و ِعنّته ،ولكن زمن أبي الضعف وتتعاطف أكثر من
والبحتري ،ولن ينفتح
حكيمة لم يكن زمن البراءة المتفاخر والمتباهي بما لا له باب القبول من خلال
من مواقعة الغلمان، يمكن إثباته ولا يقوم عليه موضوعات المجون السائدة
في زمنه ،وقد اكتسحها أبو
لدرجة أن يروي الطبري دليل للسامع. نواس وقرناؤه ،وسارت
في تاريخه أن الخليفة تفرغ أبو حكيمة لهذا بأقوالهم الركبان ،وأصبحت
الأمين «طلب الخصيان الشأن فذاع صيته المباذل حديثًا معتا ًدا،
وابتاعهم وغالى بهم وأصبحت له شهرة لا وسيطرت أسماء مثل:
تقل عن شهرة أبي تمام مرداس بن خذام وحماد
وصيرهم لخلوته في ليله والبحتري ومطلو ًبا في عجرد وحماد الراوية ووالبة
ونهاره» ،ونفس الكلام عن المجالس ،فيقف مباهيًا فيما بن الحباب وأبو نواس وأبو
الخليفة المأمون ويكفي أن يرد عنه في (الدر الفريد) نعامة الدقيقي وأبو العنبس
قائ ًل« :والله أنه لا شريك الصميري ويوسف لقوة
تبحث عن عشيقه «مهج» لي في هذا الفن ،وإني قد وعمار ذو كبار ،وغيرهم
الذي كان وزراء المأمون تفردت به من دون الخلق»، الكثير ،سيطرت هذه الأسماء
يتوسطون به لدى المأمون ومن خلال رثاء المتاع ذاعت وأخبارها وكلامها وشعرها
لقضاء حوائجهم ،ومن سوق أبي حكيمة ذيو ًعا
ثم لم يكن المأمون يرى جعل القدامى يبررون على المجالس.
في قاضي قضاته يحيى هذه الوقاحة الجنسية، اختط أبو حكيمة لنفسه
لأنها على عكس الشائع، مجا ًل لم يسبقه إليه أحد ولم
بن أكثم ما يستوجب إذ تجري العادة كما يقول ينافسه فيه منافس .تجري
عزله ،بعد شيوع تورطه علم النفس التحليلي على أنه العادة على الفخر بالقوة
في عشق الغلمان ،لدرجة من الطبيعي والضروري الجنسية وصلابة الآلة وقوة
أن شاع ًرا ماجنًا مثل أبي الأداء ..إلخ ،وربما نجد بيتًا
نواس يقول القول التالي للصحة النفسية أن لشخص أو بيتين يشكو
يقوم الشخص باستبدال ضعف محصوله وفتور آلته،
دون أي رد فعل من المشاعر بمضادها ،فيتباهى لكن الغالب أن «الفحولة»
قاضي القضاة أو الخليفة الضعيف ويكثر من المباهاة كانت -وما زالت -مجال
بما لديه من ملكات ،وكلما
نفسه: فخر وتباه.
أنا الماجن اللوطي ديني حل به الضعف زادت يظهر أبو حكيمة ضد الخيال
ادعاءاته بقواه الاستثنائية،
واحد لذلك برر بعض المحسنين الجمعي والرغبة الدفينة
وإني في كسب المعاصي ليكون صوت المستضعفين
انحراف أبي حكيمة (كما
لراغب ورد في عيون الأخبار) من
أدين بدين الشيخ يحيى
خلال تأويل حادثة عمل
بن أكثم
وإني لمن يهوي الزنى
لمجانب