Page 8 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 8

‫العـدد ‪23‬‬                                                                                       ‫‪6‬‬

 ‫(قصة جمع القرآن نموذ ًجا)‪ ،‬ومن يقرأ‬                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢٠‬‬
 ‫الروايات الإسلامية يكاد يضع يده على‬
                                                            ‫المرتدين» أسا ًسا؟‬
     ‫المقارنة الدائمة بين ضعف أبي بكر‬     ‫الروايات تقول إن بعض القبائل منعت‬
‫وقوة عمر‪ ،‬وقد أفرد الدكتور طه حسين‬         ‫تأدية الزكاة إلى بيت المال‪ ،‬لاحظ أنها‬

   ‫كتابه (الشيخان) لمناقشة تلك المقارنة‬     ‫لم تنكرها ولم تتوقف عن إخراجها‪،‬‬
‫كما وردت في المصادر‪ ،‬وأكد على روايات‬      ‫لك َّن وجهاءها رأوا أنهم كانوا يعطونها‬
                                           ‫للنبي ليتصرف فيها باعتباره رسو ًل‬
      ‫وض َّعف أخرى لم يسترح لها لأنه‬
   ‫وجدها غير معقولة‪ ،‬والحقيقة أن طه‬        ‫من عند الله‪ ،‬يتنزل عليه الوحي‪ ،‬وأن‬
‫حسين –والباحثين جمي ًعا‪ -‬ينطلقون من‬          ‫أي خليفة بعده رجل مثلهم‪ ،‬ليسوا‬
  ‫مصادر متضاربة لا تترك مجا ًل لعدم‬            ‫مضطرين إلى أن ينيبوه عنهم في‬
‫الشك في مصداقيتها‪ ،‬فض ًل عن الافتقار‬
                                           ‫تصريف زكاتهم‪ ،‬وهو ما لمح فيه أبو‬
             ‫إلى أي دليل على أي رواية!‬      ‫بكر استضعا ًفا لشخصيته‪ ،‬فق َّرر أن‬
 ‫ما أردت أن أقوله إن (ضعف) أبي بكر‬
 ‫مثَّل (القوة) التي أراد عمر بن الخطاب‬        ‫يحاربهم ليجبرهم على دفع الزكاة‬
                                          ‫لبيت المال كما كانوا يفعلون مع النبي‪،‬‬
   ‫الاستناد إليها في سجاله مع الأنصار‬
‫حول أحقية هذا الفريق أو ذلك في خلافة‬        ‫والغريب أن عم ًرا عارضه في القرار‪،‬‬
                                            ‫وقال له إنه سمع رسول الله يقول‪:‬‬
    ‫النبي‪ :‬الذين تح َّملوا اضطهاد قريش‬     ‫أأالمنّلر‪،‬لاتوإأليهقنيإأمَّقلواااتاللّللا َّلصونَّأالاَّنةس‪،‬موححيتََّّمؤ ًدىتاويار اشلسه َّزودكلاواة‪،‬‬
‫وهاجروا معه وضحوا بأمانهم وأموالهم‬         ‫فإذا فعلوا ذلك‪ ،‬عصموا منِّي دماءهم‬
 ‫وعائلاتهم‪ ،‬أم الذين ناصروه وساندوه‬       ‫وعألىموااللّلهم( إم َّتَّلفبقحع ِّقلياهل)إ‪،‬سولاذ َّمك‪،‬رهوأحنسدابمهم‬
                                           ‫الممتنعين وأموالهم حرا ٌم حسب قول‬
   ‫وتجندوا في جيوشه وحاربوا حروبه‬           ‫النبي‪ ،‬لكن أبا بكر حاربهم‪ ،‬وأريقت‬
 ‫حتى انتصر‪ ،‬ولولاهم ما انتصر‪ ..‬القوة‬       ‫دماء غزيرة بين المسلمين‪ ،‬لأنه أحس‬
  ‫المباشرة الواضحة لم تكن كافية وقتها‬
  ‫لحسم السجال‪ ،‬لأنه –كما ذكرت‪ -‬ثمة‬                          ‫أنهم يستضعفونه‪.‬‬
                                           ‫الرواة يقولون إن أبا بكر كان متَّبِ ًعا‪،‬‬
  ‫قوى عديدة‪ ،‬كل منها تمتلك شعاراتها‬
    ‫ومواقفها وتاريخها‪ ،‬لكن (الضعف)‬             ‫وكان عمر مبتد ًعا (دعك من أنهم‬
    ‫بدا أعلى منها جمي ًعا في تلك اللحظة‪،‬‬    ‫يد ُعون على المبتدعين من فوق منابر‬

‫فانتصر‪ ،‬ذلك الضعف الذي ليس نقيصة‬                ‫المساجد كل جمعة في كل أنحاء‬
 ‫طوال الوقت‪ ،‬خاصة إذا ن َّم عن إخلاص‬       ‫العالم الإسلامي‪ ،‬فهم يفعلون الشيء‬
                                            ‫وضده بارتياح!)‪ ،‬كان متَّبِ ًعا بمعنى‬
    ‫وصدق ونقاء سريرة وزهد في متع‬            ‫أنه ضعيف لا يملك القوة لتغيير أي‬
    ‫الدنيا‪ ،‬وكلها عوامل توفرت ‪-‬في تلك‬
   ‫اللحظة‪ -‬في أبي بكر الص ِّديق‪ ،‬صديق‬         ‫شيء ولو كان في صالح المسلمين‬
‫النبي ورفيقه وأبو زوجته المقربة عائشة‬

               ‫بنت أبي بكر أم المؤمنين‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13