Page 116 - Nn
P. 116
العـدد 35 114
نوفمبر ٢٠٢1 إيمان مرسال
في أ َثر عنايات الز ّيات
كنت واثقة أن هناك الكثير من القصص في ذاكرة -١-
من بقوا ،وفي صفحات الكتب وركام الأرشيف،
لم تذهب بولا إلى الجنازة ،ولا تعرف أ ْين المقبرة.
وما عليَّ إلا أن أتح ّل بالصبر .والآن ،بعد سنوات
من احتفاظي بصورة هذه القصاصة ،وكأنها هو ّية أعادت القصة التي سمعتها منها من قبل بنفس
عنايات الشخصيّة ،وبعد أن توالت مكالماتي مع بولا الترتيب والتفاصيل :إنها بعد ذلك التليفون
منذ الخريف الماضي ،لا أعرف َمن هو رشيد باشا،
المشؤوم ،ذهبت إلى ميدان أسترا ،إلى البيت في
ولا قرابته لها .إنني حتى لا أعرف اسمه الأول، الدقي ،قفزت السلالم إلى شقة الطابق الثاني ،كانوا
وإذا كان أصله مصر ًّيا أم تركيًّا أم جركسيًّا.
قد كسروا بالفعل باب الغرفة بحثًا عنها .رأتها
المر ّجح ،أنه واحد من باشوات القرن التاسع عشر، ُمم ّددة في سريرها ،جميلة كأنها في نوم هانئ،
هؤلاء الرجال الذين رفلوا في نعمة المعيّة والسراي واللحاف مفرود فوقها بإتقان .تقول لي« :قرار
حاسم لا رجعة فيه ،إرادتها قو ّية ،لم تكن تمزح».
والأبعاد ّيات وتركوا مدافن تحمل أسماءهم. ُجنّت بولا وظلت تشتم النائمة وتد ّق بيديها على
قرأ ُت عن أربعة يحملون اسم رشيد باشا في ذلك الجدران ،غادر ِت البيت ،ولم تذهب إلى الجنازة.
القرن؛ ر ّقمتهم بحسب تخميني من منهم صاحب توكلت على الله في الثامنة صباح الخميس ١٩فبراير
،٢٠١٥وأخذت تاكسي إلى البساتين .ليس معي إلا
المدفن :الأول هو الدبلوماسي التركي مصطفى العنوان المكتوب في جريدة الأهرام في يناير ١٩٦٧؛
رشيد باشا ،المولود في إسطنبول ومدفون فيها (ذكرى المرحومة عنايات الز ّيات … بقلوب عامرة
في ،١٨٥٨وقد كتب عنه جورجي زيدان فص ًل في بالصبر والإيمان تحيي الأسرة ذكراها العطرة
كتابه «تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع اليوم التي لا ُتنسى بمدفن المرحوم رشيد باشا
بالعفيفي) .ما زال هناك ما ُيزعجني في صياغة
عشر». هذه السطور ،تمنيّت لو كن ُت هناك لأح ّررها هكذا
الثاني هو رشيد باشا الكوزلكي المولود في «تحيي الأسرة ذكراها التي لا ُتنسى ،اليوم ،بمدفن
كرجستان ،الذي كافأه السلطان العثماني بتعيينه
واليًا على بغداد في ،١٨٥٣بعد أن قاد بأمره حملة رشيد باشا بالعفيفي».
عسكرية للقضاء على تم ّرد الأكراد .وقد ُدفن ١٨٥٧ عندما وجد ُت هذه المعلومة في صفحة الوفيّات،
في مقبرة الخيزران خلف قبة ضريح الإمام أبي
حنيفة النعمان .لكن ،لا يوجد ما يمنع أن يكون