Page 120 - Nn
P. 120
العـدد 35 118
نوفمبر ٢٠٢1 د.أحمد الصغير*
فتنة البحث عن الأثر..
مقاربة ثقافية «في أثر عنايات الزيات»
يمكن أن نطلق عليه سيرة ثقافية بالأساس ،فقد «في أثر عنايات الزيات» عنوان الكتاب الأحدث
انتقلت من البحث عن لغز انتحار عنايات الزيات
الفتاة العشرينية في حي الدقي بالجيزة ( 5يناير/ للشاعرة المصرية إيمان مرسال( ،)1تطرح عبر
كانون الثاني ،)1963إلى كتابة نص أدبي يكسر صفحاته جراحات الذات والآخر ،آلام الأنثى
المقهورة ما قبل ثورة يوليو ،وحتى اللحظة الراهنة،
حدود المعروف والتقليدي والمتاح ،بل صارت حيث اعتمدت مرسال على السرد المركب المشحون
الأفكار تتداخل ،وتتشابك أثناء قراءة هذا النص بالتفاصيل اليومية ،عبر دروب القاهرة القديمة،
الموغل في جرأته وطرائقه السردية الحزينة التي بحثًا عن عنايات الزيات( ،)2بحثًا عن الصمت
تمثل موقف مرسال نفسه من التهميش ،والانزواء، والحب ،من خلال الأرشيف الذاتي للثقافة المصرية
والموت ،ورفضها الحي للجغرافيا الحزينة التي قام آنذاك ،فلا يستطيع المتلقي القول :بأن الكتاب
بتحديد إقامة المرأة ،حيث يبدو المرء حائ ًرا وتائ ًها عبارة عن سيرة عنايات الزيات الخاصة ،أو ن ًّصا
بين معلومات مدققة جاءت بها مرسال ،فأصبحت شعر ًّيا للشاعرة التسعينية إيمان مرسال ،أو كتا ًبا
في علم الاجتماع أو علم الأرشيف ،أو السياسة أو
نسي ًجا نصيًّا طاز ًجا ،قامت باستدعاء أحزانها التاريخ ،بل هو يجمع كل ذلك في أسفار من الكتابة
الشخصية أثناء بحثها الميداني الواسع عن حكاية العابرة لكل الأنواع ،وأعتق ُد أن مرسال قد وقفت
عابرة بجسدها النحيل الخفيف الذي يطير حولنا
عنايات الزيات؟ حيث يمكن أن نقول :إننا أمام كل هذه الأدبيات المؤدلجة ،لتكتب نو ًعا أدبيًّا جريئًا
سيرة ذاتية لعنايات الزيات لم تكتبها بنفسها ،بل
صارت روحها في قلب مرسال.