Page 122 - Nn
P. 122

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪120‬‬

                                                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫نفسه‪ ،‬حوار معه‪ ،‬ولا يمكن إلا أن يكون من طرف‬           ‫حياة عنايات‪ ،‬لتبدأ رحلة البحث التي استغرقت‬
                                     ‫واحد»(‪.)6‬‬        ‫ثلاث سنوات‪ ،‬حيث بدأت في ‪ 19‬فبراير ‪،2015‬‬
                                                      ‫حتى ‪ .2019‬متتبعة أثر عنايات الزيات للكشف‬
  ‫تصبح كتابة مرسال رحلة روحية خالصة تجاه‬            ‫عن إجابات لأسئلة كثيرة طرحتها إيمان مرسال‬
 ‫شخص لا يستطيع أن يدافع عن نفسه‪ ،‬لن يتكلم‪،‬‬         ‫على نفسها‪ ،‬حيث يبدو الأثر هو الهدف الفني وراء‬
 ‫لقد رحل في ذواتنا وتركنا نفكر في أثره الحي في‬    ‫الكتابة‪ ،‬بل هو يمكن أن يكون صورة من صور من‬
‫الأجيال التي تعيش الآن‪ ،‬وفي ظني أن إيمان تطرح‬        ‫المجهول الذي لا نعرفه‪ ،‬وينبغي أن نعرفه‪ ،‬حيث‬
                                                    ‫تقول مرسال‪« :‬تتبع الأثر لا يعني ملء الفجوات‪،‬‬
     ‫محنة أبناء جيلها في مواجهة جبروت العادات‬      ‫ولا يعني البحث عن كل الحقيقة من أجل توثيقها‪،‬‬
‫والتقاليد البالية والصمت الضعيف الذي لا يكترث‬
‫بآلام الذات نفسها‪ .‬وأصبح الأثر هو الفضاء الذي‬          ‫إنه رحلة تجاه شخص لا يستطيع الكلام عن‬

     ‫يمكن أن نتحرك من خلاله لنصل إلى إجابات‬
          ‫محتملة يمكن أن تقنعنا ولا تقنع غيرنا‪.‬‬

‫تقول مرسال‪« :‬متتبع الأثر يشبه أحيا ًنا من يبحث‬
     ‫في الأرشيف‪ ،‬كل منهما يواجه أشياء متنافرة‬
     ‫وعشوائية تحتاج من يتأملها ويجد العلاقات‬

 ‫بينها‪ ،‬كل منهما يبحث عن مصداقية للتأويل‪ ،‬قبل‬
    ‫أن تتحول عنايات من كاتبة مجهولة إلى نداهة‬

 ‫تطاردني قبل أن أرى صورتها‪ ،‬وأسمع طر ًفا من‬
‫أخبارها‪ ،‬وأشعر أنني مشدودة من أنفي لمعرفتها‪،‬‬

    ‫كنت أبحث عن الكنز‪ ،‬عن أرشيفها الشخصي‪،‬‬
‫الذي لا بد أنه هناك‪ ،‬متفرق بين البيوت وجغرافيا‬

      ‫القاهرة‪ ،‬وفي ذاكرة من تبقى من حياتها من‬
 ‫أحياء»(‪ .)7‬تقيم مرسال علاقة شديدة التشابك بين‬

  ‫الأثر والأرشيف‪ ،‬حيث يحاول الكاتب أن يصنع‬
  ‫من الفوضى نظا ًما حتى يعرف ما يشبه الحقيقة‬

    ‫التي يلمسها عن طريق التأويل‪ ،‬ولكن مرسال‬
    ‫لم تضع الحقيقة نصب عينيها بقدر أن تحاول‬
   ‫البحث والاكتشاف‪ ،‬تحاول أن تلمس الجغرافيا‬
 ‫والتاريخ والثقافة ومعالم القاهرة القديمة وعوالم‬
‫المقابر‪ ،‬وساكنيها‪ ،‬فذهبت إلى مقابر العفيفي‪ ،‬أحمد‬
 ‫رشيد باشا‪ ،‬أحد أعيان القرن التاسع عشر‪ ،‬ومن‬
 ‫رجال البلاط الخديوي في عصر الدولة العلوية في‬
  ‫مصر‪ .‬فصارت شخصية عنايات الزيات مفتا ًحا‬
 ‫رئي ًسا للكتابة‪ ،‬وليست كل النصوص تتحدث عن‬
    ‫شخصيتها‪ ،‬بل كانت إيمان مشغولة باكتشاف‬
‫ورصد الأحداث السياسية والتاريخية التي أحاطت‬
    ‫بها وانتقالها من باب اللوق إلى الإقامة في حي‬
 ‫الدقي عام ‪ 1957‬مع والدها عباس الزيات المراقب‬

             ‫العام لجامعة القاهرة في ذلك الوقت‪.‬‬
      ‫كما أفردت إيمان طر ًحا واس ًعا حول قوانين‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127