Page 127 - Nn
P. 127
نون النسوة 1 2 5 حقيقة ..مصر بالفعل هي «أم الدنيا» ،حيث التأثير
الثقافي لمصر موجود في كل مكان ،القاهرة مهد
السيرة الذاتية ،بل يمكن فهم الذات بشكل أفضل
معه. الأفكار ومصدر المعرفة ومروجة الأيديولوجيات،
ومع ذلك فإن القوة الناعمة لمصر (نساء مصر) ،قد
ربما كنت سمعت عزيزي القاريء عن «تأثير تم تهميشها في تلك العقود تحت الهيمنة الذكورية،
راشمون» وهو ظاهرة استدعاء نفس الحدث
حيث ولدت عنايات في هذا السياق ،تنتمي لطبقة
بشكل مختلف ،ينبع تأثير راشومون من برجوازية ،لكنها غير ممتنة للمكانة التي تمنحها
فيلم «راشومون»ُ ،يعرف أي ًضا باسم «تأثير
كوروساوا» ،وهذا يشير إلى ظاهرة يتم فيها تفسير طبقتها ،الشعور بالذنب والاختناق هو المرتبط
نفس الحدث بطرق مختلفة إلى حد كبير من قبل بطبيعتها ،بل كان المحرض على تحررها والعمل
أشخاص مختلفين ،تم تسمية تأثير راشومون على في الكتابة ،يظهر ذلك على لسان بطلتها (نجلاء)
اسم فيلم أكيرا كوروساوا الشهير (راشومون) في «الحب والصمت»« :أنا لا أملك ثرائي ..ولكنه
عام ،1950 ،والذي ُوصف فيه القتل بأربع طرق مسموح لي فقط باستعماله ..أنا لا أملك سوى
مختلفة من قبل أربعة شهود مختلفين لنفس
الجريمة( ،)4غالبًا ما يتم استخدامه للتأكيد على روحي»(.)2
النقطة التي مفادها أن تصورات الناس حول حدث
ما يمكن أن تختلف بشكل كبير بنا ًء على تجاربهم تأثير الذاتية على سرد الأحداث
الشخصية الفردية معه ،وبالتالي من الممكن تما ًما
أن يتم وصف الحدث بطرق مختلفة من قبل كتب عالم الأعصاب البريطاني أوليفر ساكس :كل
أشخاص مختلفين دون أن يكون أي من الشهود واحد منا يبني ويعيش «رواية»« ،هذه الرواية هي
يكذبون بوعي ،تقدم كل قصة مي ًل بدي ًل في تتبع نحن» ،وبالمثل ،يخبرنا عالم النفس المعرفي الأمريكي
الأثر ،وكل قصة لها فهمها الخاص عما حدث ،هنا
تكون حقيقة ما جرى ليست الشيء الوحيد الذي جيروم برونر« :الذات هي قصة معاد كتابتها
تغير بسبب تأثير راشومون؛ بل تأثير الذاتية على بشكل دائم»( ،)3باعتبارها وجهة نظر في علم النفس
حقيقة ما جرى ،كما أن ذلك يتطلب منا أن نفكر وعلم الأعصاب ،يهتم علم النفس السردي بالطبيعة
في كيفية تغيير رواية القصص لنا ،وكيف أننا
مجرد منظور واحد من بين أمور أخرى في رحلة المخزنة للسلوك البشري ،بمعنى كيف يتعامل
تتبع الأثر ،ولكن هنا يكمن الجانب المقلق في كونك البشر مع الخبرة من خلال بناء القصص وتتبع
«كشاهد» على الحدث ،فر ًدا في عالم اجتماعي متغير، أثر الآخرين ،فكرته في ذلك أن القصة والخبرة
ويتبادر السؤال ،هل تتغير الإنسانية مليئة بـ»المعنى» وأن تتبع الأثر-بد ًل من
هوياتنا السردية عندما يروي
الحجج المنطقية أو الصيغ القانونية-
الآخرون قصصهم عنّا؟ وسيلة يتم من خلالها إيصال
تقدم إيمان مرسال في كتابها
هذا «المعنى» ،وهو الطريقة التي
نظرة ثاقبة حول طريقة ُتعطى بها الإجراءات البشرية
تشويه وطمس الهوية السردية
معنى في سياقات معينة ،من خلال
تحت وطأة الذاتية ،لوجهات دمجها في القصص والروايات
النظر المختلفة ،يحفر الكتاب التي تتجاوز بالضرورة حياة
في طبقات من الذاكرة داخل
وحدة عائلية ،وطبقة اجتماعية، الفرد الذاتية لتشمل حياة المجتمع
وجهات مؤسسية وأيديولوجية بأكمله ،وقصص العلاقات الفردية
وصحفية تقاطعت مع سيرة داخل العائلات ،والمجتمع وتقاليد
الفكر والسياق الزمني والمكاني،
يمكن للمرء أن يقول إن تتبع الأثر
أكثر من مجرد كونه شك ًل أشكال