Page 152 - Nn
P. 152

‫العـدد ‪35‬‬                           ‫‪150‬‬

                                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

 ‫العامة‪ ،‬ومراعاة حقوق الطبقات‬      ‫مالك الأشتر نقطة بداية لإعادة‬        ‫على الاتحاد‪ ،‬غدت رسالة الدين‬
 ‫والفقراء‪ ،‬وفصل الاختصاصات‬        ‫خلق إجماع على نماذج إسلامية‬            ‫في بعض دول الشرق الأوسط‬
‫بين الأذرع التنفيذية والتشريعية‬
                                     ‫في الحكم الرشيد‪ .‬أما التبرير‬             ‫عامل فرقة وسيف عنف‪،‬‬
      ‫والقضائية‪ ،‬والحرص على‬             ‫فكونها ذخرت بالعديد من‬             ‫وتلفحت بعباءة الدين العديد‬
   ‫شؤون القضاء‪ ،‬وضمان دفع‬
   ‫رواتب عمال الأقاليم وحقوق‬      ‫المبادىء ولا تزال ملفتة للأنظار‪.‬‬          ‫من بؤر العنف والجماعات‬
                                     ‫وكان من الأحرى لو أفاد من‬              ‫المسلحة في سوريا والعراق‬
       ‫الجند ومجالس الشورى‬           ‫الوثيقة المحمدية في المدينة ثم‬    ‫واليمن وإيران‪ ،‬وصو ًل إلى دول‬
   ‫المقترحة للجميع‪ ..‬إلخ‪ .‬وكلها‬         ‫أضاف إليها ما انفردت به‬           ‫تبتعد في نطاقها الجغرافي عن‬
   ‫مقترحات تصلح ‪-‬ولو بصفة‬                                               ‫الشرق الأوسط مثل أفغانستان‬
 ‫مؤقتة‪ -‬منطلقات لمبادىء الحكم‬     ‫رسالة الخليفة علي بن أبي طالب‬             ‫ونيجيريا ومالي‪ ..‬إلخ‪ .‬ومع‬
   ‫الإسلامي الرشيد‪ ،‬وهي أمور‬          ‫لمالك بن الأشتر‪ .‬وكان يجب‬        ‫صدق السابق بالتأكيد‪ ،‬لكن ذلك‬
     ‫قد نجد صداها في تعريفات‬                                            ‫لا يعد مدخ ًل للنقد الحاد الذي‬
                                    ‫أن يقوم تحديد التميز والتفرد‬          ‫يطالعنا به كريستوفر باك في‬
     ‫الحكم الرشيد لدى الدوائر‬       ‫معيا ًرا للقبول أو الرفض‪ .‬وما‬         ‫مقالته ‪-‬وهو أحد المساهمين‬
    ‫المهتمة بذلك‪ ،‬فالحكم الرشيد‬      ‫يهم فيما يعرضه الباحث هنا‬           ‫في هذا الكتاب ويعمل باحثًا في‬
 ‫هو الحكم الذي تقوم به قيادات‬                                              ‫شؤون الأقليات والدراسات‬
                                      ‫جملة الضوابط التي أرسلها‬         ‫الدينية‪ -‬بأن «وصف المتمسكين‬
       ‫سياسية منتخبة‪ ،‬وكوادر‬          ‫الخليفة إلى عامله على مصر‪،‬‬          ‫بروح الدين من بين المسلمين‬
    ‫إدارية ملتزمة بتطوير موارد‬    ‫ويراها الباحث جديرة بالاعتبار‬             ‫دينهم على أنه (دين سلام)‬
                                    ‫والتطبيق وهي كذلك بالتأكيد‪،‬‬         ‫يفتقر المنحى التبريري الدفاعي‬
      ‫المجتمع‪ ،‬وبتقدم المواطنين‪،‬‬    ‫وبعي ًدا عن الإسهاب في تحري‬              ‫الذي لا يوجد على الساحة‬
       ‫وبتحسين نوعية حياتهم‬       ‫نسبة الرسالة للإمام علي ‪-‬كرم‬              ‫سواه‪ ،‬كما يفتقر المصداقية‬
                                  ‫الله وجهه‪ -‬والتي أفاض الباحث‬             ‫بمعنى الكلمة»‪ ،‬فالمتفق عليه‬
     ‫ورفاهيتهم‪ ،‬وذلك برضاهم‬                                                ‫أنه لا يوجد دين إلا ويحمل‬
   ‫وعبر مشاركتهم ودعمهم‪ .‬أو‬             ‫في تتبعها‪ ،‬فإن من تجليها‬           ‫رسالة حب وسلام‪ ،‬كما أن‬
  ‫كما يعرفه البنك الدولي (‪)WB‬‬      ‫الجيد قيامها بفكر التقريب بين‬       ‫جملة نصوص الإسلام وخطابه‬
  ‫‪-‬وهو أول مؤسسة استخدمت‬           ‫مفكري السنة والشيعة‪ ،‬وإيجاد‬          ‫لا ينفك يأمر بالحب والتسامح‬
  ‫مصطلح الحكم الرشيد في عام‬         ‫مساحة للتقارب بين الفريقين‪،‬‬
 ‫‪1989‬م‪ -‬بأنه مجموعة القواعد‬                                                     ‫والحلم والعلم والمعرفة‬
‫والمؤسسات التي يتم من خلالها‬           ‫بالإضافة إلى احتوائها على‬            ‫والأخلاق القويمة‪ ،‬والنجدة‬
‫ممارسة السلطة في إدارة الموارد‬         ‫جملة من التوصيات المهمة‪،‬‬            ‫والعفو والحوار والتناصح‪.‬‬
 ‫الاقتصادية والاجتماعية للدولة‬        ‫منها حث المتلقي على مراعاة‬       ‫ويرفض الباحث اعتبار «دستور‬
‫من أجل تحقيق المصلحة العامة‪،‬‬           ‫مبدأ المصلحة العامة لمصر‪،‬‬           ‫المدينة» الذي وضعه رسول‬
    ‫أو كما عرفته منظمة التعاون‬          ‫وهو أمر بلا شك ينسحب‬            ‫الله صلى الله عليه وسلم وثيقة‬
  ‫الاقتصادي والتنمية (‪)OCED‬‬                                                ‫تحدد معالم ومبادىء الحكم‬
‫بأنه استخدام السلطة السياسية‬            ‫على المصلحة العامة للأمة‬       ‫الرشيد في الإسلام‪ ،‬نظ ًرا للفارق‬
  ‫وممارسة السيطرة في المجتمع‬      ‫الواحدة‪ ،‬ثم الإقليم‪ ،‬ثم الشؤون‬         ‫التاريخي بين ماضي البشرية‬
  ‫لإدارة موارده من أجل تحقيق‬      ‫الداخلية والدولية للدولة‪ ،‬وتولي‬         ‫وحاضرها‪ ،‬مع كونه تغاضى‬
‫التنمية الاقتصادية والاجتماعية‪.‬‬                                            ‫عن ذلك عندما اعتبر رسالة‬
                                     ‫الرسالة أي ًضا اهتما ًما خا ًّصا‬     ‫الخليفة علي بن أبي طالب إلى‬
     ‫ومن منطلق التعريف يذهب‬         ‫بالسياسة الخارجية‪ ،‬وتوصي‬
   ‫كريستوفر باك لتعريف الفكر‬
                                       ‫الحكام باحترام التزاماتهم‬
     ‫الإسلامي الأصولي‪ ،‬والفكر‬        ‫تجاه المعاهدات والتمسك بها‪.‬‬
     ‫الإسلامي التقليدي‪ ،‬والفكر‬     ‫وتقدم الرسالة أي ًضا النصح في‬
                                  ‫التجارة والصناعة واقتصاديات‬

                                      ‫البلاد‪ ،‬وإدارة دخل الخزانة‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157