Page 157 - Nn
P. 157
155 تجديد الخطاب
محمد عابد الجابري علي سامي النشار على الترجمة والنقل بل تعداه
إلى محاولة إيجاد لغة منطقية
منتقديه ،فقد وجه جم غضبه إلى إلى لسان أرسطوطاليس» (ت322 لها مصطلحاتها ،وهو ما تم من
المنطق المشائي عمو ًما ،ورد على ق.م) .وكأنه يريد أن يقول لنا إن خلال وضع كتب الحدود التي
كل الذين يرون «أن المنطق ميزان الاطلاع على كتابه «الرسالة» ربما
العلوم العقلية» ،ومراعاته «تعصم يغني أي باحث عن المنطق ،ومن مرت بمراحل؛ حيث شهدت
دون شك ،فموقفه هذا أثر بشكل فترة الغزالي تطو ًرا في استخدام
الذهن على أن يغلط في فكره»، كبير على علماء المسلمين فيما بعد.
كما أن «العروض» ميزان الشعر، المصطلح المنطقي.
تنفي ًذا لنصيحة شيخه أفتى ابن من هذه الزاوية لم تكن نظرة
و»النحو» و»التصريف» ميزان الصلاح الشهرزوري (ت)643 الذين نظروا إلى عمل الغزالي
الألفاظ العربية المركبة والمفردة، الخاص بالمنطق سوى نظرة
وآلات المواقيت موازين لها .ولكن بتحريم المنطق بعدما جعل
«الفلسفة شر ،والمنطق مدخل ُبغض كما هو ملاحظ؛ ولذا
ليس الأمر كذلك ،فإن العلوم للفلسفة ،فمدخل الشر شر ،وليس أعاب بعض العلماء المسلمين على
العقلية ُتعلم بما فطر الله عليه الاشتغال بالمنطق تعلُّ ًما أو تعلي ًما
بني آدم من أسباب الإدراك ،لا مما أباحه الشارع ،ولا استباحه الفلاسفة المسلمين اشتغالهم
تقف على ميزان وضعي لشخص أحد من الصحابة والتابعين .وأما بالمنطق ،على خلاف السلف الذين
معين» ،ويمكن الوقوف عند آرائه استعمال الاصطلاحات المنطقية
النقدية في كتابيه «نقض المنطق» في مباحث الأحكام الشرعية فمن لم يهتموا بالمنطق أسا ًسا رغم
و»الرد على المنطقيين»؛ وعلى كل المنكرات المستبشعة والرقعات عظمة عقولهم ،على اعتبار أن
حال فهو يرى أن كل من يرى المنطق في نظرهم لا يفيد العلوم
بأن المنطق آلة قانونية تعصم المستحدثة».
الذهن دعوى كاذبة ،في حين أن فمنطق الغزالي إ ًذا تعرض للنقد بقدر ما يفسدها.
تأسيس علم الأصول على قواعد من شتى الجهات ،لكن يبدو أن هذا ما سعى إلى بيانه ابن القيم
منطقية في نظره محاولة فاشلة الجوزية (ت751هـ) في قوله« :ما
ابن تيمية (ت )728من أشد
دخل المنطق على علم إلا أفسده
وغير أوضاعه وشوش قواعده».
ولعل الإمام الشافعي (ت204هـ)
من أقدم الذين هاجموا المنطق
بشكل مباشر ،مبر ًرا ذلك بكون
المنطق الأرسطي يعتمد على
خصائص اللغة اليونانية التي
تخالف العربية (لغة القرآن
والسنة النبوية) ،وقد أيد هذا
الرأي جلال الدين السيوطي
(ت911هـ) ،في كتابه «صون
المنطق والكلام عن فني المنطق
والكلام».
في اعتقاد الشافعي ،فدخول
المنطق للعالم الإسلامي راجع
إلى انتشار الجهل بين المسلمين
لأصول شرعهم ،وهذا ما عبر عنه
قائ ًل« :ما جهل الناس ولا اختلفوا
إلا لتركهم لسان العرب وميلهم