Page 248 - Nn
P. 248

‫العـدد ‪35‬‬                            ‫‪246‬‬

                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

 ‫وقبل هذا بسنتين كتبت مقا ًل في‬       ‫القاعدة التي عاش عليها نظام‬         ‫السياسية إلى «ديكور» من خلال‬
  ‫ذكرى يوليو ‪ 1952‬كان عنوانه‪:‬‬           ‫مبارك ثلاثين عا ًما‪ ،‬بتحطيم‬          ‫اختيار السلطة لمن يعارضها‪،‬‬
‫“ثورة ماتت‪ ..‬أخرى في الطريق”‪،‬‬      ‫«الديكور» وحرمان المنتظرين على‬             ‫وإصدار القوانين التي أممت‬
   ‫بل لا أبالغ إن قلت إن ما جرى‬     ‫الأبواب من الفتات المتاح‪ .‬وحين‬           ‫العمل النقابي‪ ،‬بجانبيه المهني‬
‫في ميدان التحرير حملته نبوءة في‬         ‫كانت السلطة تزهو باحتكار‬
   ‫قصة قصيرة ضمن مجموعتي‬             ‫السياسة بعد أن احتكرت جانبًا‬         ‫والعمالي‪ ،‬وإنهاء الحركة الطلابية‬
                                   ‫كبي ًرا من الاقتصاد بنفسها وعبر‬           ‫بواسطة حزمة من الإجراءات‬
   ‫الأولى “عرب العطيات”‪ ،‬كتبت‬       ‫وكلائها‪ ،‬وكذلك الثقافة والأمن‪،‬‬          ‫التعليمية والأمنية والنصوص‬
  ‫هذه القصة عام ‪ 1993‬ونشرت‬         ‫وكادت تستولي على الماء والهواء‪،‬‬             ‫القانونية‪ ،‬والاعتماد على آلة‬
‫المجموعة بعد هذا بخمس سنوات‪.‬‬          ‫كان هناك من يقولون «قضي‬
 ‫وبالطبع كانت هناك أعمال أدبية‪،‬‬    ‫الأمر الذي فيه تستفتيان»‪ .‬فعقب‬        ‫إعلامية جبارة من حيث «الكم» في‬
   ‫وكتابات سياسية أخرى تحمل‬         ‫انتخابات مجلس الشعب ‪2010‬‬               ‫تزييف الوعي‪ ،‬وإكساب شرعية‬
‫النبوءة نفسها‪ ،‬بعضها سابق على‬       ‫مباشرة كنت ضي ًفا على برنامج‬              ‫غير مستحقة للنظام‪ ،‬وإلهاء‬
                                       ‫«العاشرة مساء» الشهير على‬               ‫الناس في تدبير احتياجاتهم‬
           ‫قصتي ومقالي وقولي‪.‬‬      ‫قناة «دريم» ويومها قلت‪“ :‬أشعر‬           ‫اليومية‪ ،‬وانحيازهم إلى الحلول‬
  ‫كل شيء كان يجري في الشارع‬           ‫بتفاؤل شديد حيال ما سيأتي‬           ‫الفردية لمشاكلهم مهما بلغت من‬
 ‫بسرعة الحصان‪ ،‬وتقابله السلطة‬      ‫لأن نظام الحكم بدا أقل ذكاء مما‬                               ‫التعقيد‪.‬‬

    ‫بزحف السلحفاة‪ ،‬متوهمة أن‬                            ‫تصورنا”‪.‬‬         ‫كانت النيران تستعر تحت الرماد‪،‬‬
‫الشعب قد مات‪ ،‬أو دخل في إغفاءة‬           ‫ثم كتبت مقا ًل في صحيفة‬           ‫بفعل الظلم الاجتماعي والفساد‬
                                   ‫«المصري اليوم» بعنوان «الحزب‬               ‫وانسداد الأفق السياسي مع‬
    ‫طويلة تصل إلى حد الغيبوبة‪،‬‬         ‫الوطني خسر أي ًضا»‪ ،‬برهنت‬               ‫التقدم نحو توريث السلطة‪،‬‬
   ‫أو أنه صار قطي ًعا من الأغنام‪.‬‬   ‫فيه على أن هذا الحزب‪ ،‬الذي لم‬           ‫وكان نظام الحكم لا يلتفت إلى‬
    ‫ولذا لم يتم التعامل بجدية مع‬    ‫يكن سوى شلة منتفعين تتحلق‬             ‫الشرر المنبعث هنا وهناك‪ .‬ألفان‬
  ‫هذه الدعوة التي توالدت بغزارة‬       ‫حول الرئيس ونجله‪ ،‬هو أكبر‬              ‫وخمسمائة احتجاج اجتماعي‬
                                   ‫الخاسرين‪ ،‬إن َقيَّمنا الأمور بعي ًدا‬        ‫بدرجات متفاوتة‪ ،‬وأصوات‬
      ‫شديدة على موقع التواصل‬        ‫عن ظاهرها وقشورها الخادعة‪.‬‬               ‫زاعقة على الشاشات الزرقاء‪،‬‬
‫الاجتماعي «فيسبوك» إلى الخروج‬                                               ‫وحروف غاضبة كانت تمتشق‬
                                                                            ‫كالشوك المسنون‪ ،‬منذ ‪2004‬‬
   ‫على النظام يوم ‪ 25‬يناير‪ ،‬وقد‬                                           ‫وحتى ‪ .2010‬لكن السلطة كانت‬
   ‫بلغ التهكم بكتاب السلطة مداه‬                                                         ‫تعتقد أن حذاءها‬
‫فقالوا‪« :‬هل هناك ثورة بميعاد؟»‪.‬‬                                                          ‫الثقيل قادر على‬
                                                                                       ‫إخماد النار وكسر‬
                                                                                         ‫الشوك وإسكات‬
                                                                                       ‫الأصوات وقصف‬
                                                                                                 ‫الأقلام‪.‬‬
                                                                                           ‫وجاءت القشة‬
                                                                                            ‫التي قصمت‬
                                                                                             ‫ظهر البعير‪،‬‬
                                                                                         ‫انتخابات مزيفة‬
                                                                                        ‫بشكل ومضمون‬
                                                                                        ‫فاضحين‪ ،‬وكسر‬
   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253